قائد الطوفان قائد الطوفان

نهاية المطبعين

الكاتب محمد أبو قمر
الكاتب محمد أبو قمر

محمد أبو قمر

 بالتزامن مع تحرير جنوب لبنان في مايو من العام 2000 فرَ جيش لحد بقيادته وعناصره الى إسرائيل، بعد خدمة للاحتلال وتشكيله خط الدفاع الأول عنهم لأكثر من أربعة وعشرين عاما.

لحظة الانسحاب انهار جيش لحد الذي لم يتم استشارته بالأمر، بشكل متسارع ونزح العديد من أفراده إلى بعض الدول الأوروبية، بينما سلّم بعضهم الآخر نفسه أو أُخذوا كمعتقلين على يد حزب الله الذي سلمهم بدوره للسلطات القضائية اللبنانية حيث تمت محاكمتهم.

منذ ذلك الحين يعيش عناصر لحد الذين اختاروا العمالة، ظروفا صعبة داخل إسرائيل، مما دفعت أحدهم للانتحار عام 2017، واضطر عددا منهم الى الهرب عبر الحدود عائدين الى لبنان، بعدما لم يجدوا فرصة للعيش في إسرائيل التي لم تعد توليهم اهتماما.

اليوم عاد عملاء لحد بشكل جديد في بعض الدول العربية على هيئة مطبعين يدعون للتعايش مع إسرائيل، بل ويزعمون أن لهم حقا في أرض فلسطين، وأن اليهود تعرضوا للاضطهاد في البلاد العربية، حتى أن بعضهم غرد متبجحا #فلسطين_ليست_قضيتي.

أخذ المتعاونون مع الاحتلال في الآونة الأخيرة أشكالا عدة تحت أكثر من مسمى، فمنهم ما هو معلن عندما زار إسرائيل بدعوة من وزارة خارجية الاحتلال، وآخرين تستروا خلف بوابة التطبيع الإعلامي والتحاور مع شخصيات إسرائيلية على الهواء، وقسم أخذ من منصات التواصل الاجتماعي دعوة للتعايش مع الاحتلال، ونبذ الحق الفلسطيني.

وكانت الحلقة الأبرز من التطبيع التي اتخذت طابعا رسميا، حينما بدأت باتفاقات السلام العربية مع إسرائيل، وليس انتهاء بزيارة رئيس وزراء الاحتلال العلنية لسلطنة عمان.

الصيحة الأخيرة بتدحرج التطبيع المتسارع كانت من البوابة الخليجية التي تبث هذه الأيام مسلسلي أم هارون ومخرج 7 اللذان يحملان رسالة التطبيع بأبشع صورها لعدة أسباب:

  1.  سخرت لهما امكانيات مالية كبيرة، وتبث على قنوات لديها جمهور واسع.
  2. تصل كل بيت تقريبا، وبالتالي تؤثر بشكل سلبي على المشاهد العربي.
  3. تحتوي على معلومات مغلوطة ممكن أن تكي وعي العربي المناهض لاسرائيل.
  4. يحاولون الحط من رمزية الكويت، الدولة الوحيدة التي لديها مواقف قوية ومعلنة رافضة للتطبيع مع الاحتلال.
  5. الاستعانة بفنانين مشهورين كحياة الفهد، وناصر القصبي، يعني أن من يقف خلف هذه المسلسلات يضغط بكل قوته لتمرير رسالتها.
  6. اختيار موعد البث في شهر رمضان، وما لهذا الشهر من مكانته لدى المسلمين، يعني أنهم تجاوزوا كل الخطوط الحمراء في التطبيع.

رغم قساوة مشهد التطبيع، وانعكاساته الخطيرة على القضية الفلسطينية، الا أنه سيغيب يوما رغما عن المطبعين، وسنشهد نهاية حتمية لهم كما النهايات السابقة لكل خائن على غرار جيش لحد، أمام تمسك الفلسطينيين بحقوقهم، ولكن علينا أن نتخيل كيف سيكون ذلك المشهد:

  • سيخرج بعض الممثلين يعتذرون بدموعهم يدعون أنهم أجبروا على ذلك بأمر من ولاتهم.
  • سيركب بعض المطبعين الموجة، وتتحول جلودهم سريعا مناصرين للقضية الفلسطينية.
  • سيغادر عددا منهم المشهد وينسحب بهدوء دون ضجيج، ويختفي للأبد.
  • ستنقلب بعض الشاشات الفضائية فجأة مع حقوق الفلسطينيين.
  • سيتسول آخرين مسامحتهم، وأنهم أخطأوا بحق فلسطين.

جميع المشاهد السابقة، لن تكون مجدية، وسيبقى حاضرا مشهد المقدسيين الذين لاحقوا المطبع السعودي محمد مسعود في باحات الأقصى بالأحذية، والبصاق، ولم يجد من يدافع عنه.

حينما تذوب موجة التطبيع كما بقية المؤامرات على القضية الفلسطينية، سنطارد وقتها المطبعين "بالصرامي" وسيعيشون دون كرامة بعدما فقدوها عندما دافعوا عن الاحتلال، ولن ننسى يوما خيانة جيش المطبعين الذين ساروا على درب جيش لحد العميل.

 

البث المباشر