على أنقاض منزلها تزرع والدة "قسام البرغوثي" نبتة الصبار

والدة البرغوثي
والدة البرغوثي

الرسالة – مها شهوان

 

"بتتذكروا علمتكم كتابة الخبر قبل عدة سنوات، اليوم أنتم تقومون بتغطية هذا الخبر عني وعن عائلتي، وأنا فخورة فيكم"، هذا ما وجهته وداد البرغوثي الأستاذة الجامعية للصحفيين الذي جاءوا لتغطية وتصوير هدم الاحتلال الإسرائيلي لمنزلها في قرية كوبر غرب رام الله فجر اليوم.
وتابعت البرغوثي التي اعتقلت في الأول من أيلول 2019 لقيام ابنها "قسام" بعملية بطولية" كل البيوت التي تهدم لا تساوي فردة حذاء ابني او فردة حذاء اي مناضل فلسطيني"، وجاءت عملية الهدم بعدما أخطرت قوات الاحتلال العائلة بهذه العملية الهمجية في الحادي عشر من شباط الماضي.
على جدران قرية كوبر عبارات تستفز الاحتلال الإسرائيلي منها " "قد أقسم "قسام" فذاقوا اللظى"، وعبارة أخرى كان يرددها المعتقل "قسام" وترددها والدته: تسقط الأجساد لا الفكرة.. كل مرّ سيمر".
عملية الهدم وقعت بحجة تنفيذ الشاب المعتقل "قسام" بعملية بطولية قرب عين عريك غرب رام الله عام 2019، وبعد ثلاثة أيام من الحادثة اعتقل وهو ينهي متطلبات التخرج من قسم الاعلام بجامة القدس "أبو ديس" لكنه لم يتمكن من استلام شهادته.
العملية التي اعتقل على إثرها البرغوثي، أطلق عليها "عين بوبين" نُفّذت في غرب رام الله، وسط الضفة الغربية، وقتلت فيها مُستوطنة إسرائيلية، ومنذ اعتقاله ذاق أنواعا مختلفة من التعذيب على أيدي محقّقي الاحتلال الإسرائيلي.
كما وتعرض منزل البرغوثي قبل هدمه لسلسلة اقتحامات منذ اعتقال "قسام"، ولحق ذلك اعتقال والدته " وداد" وشقيقه كرمل، والتنكيل بوالده "عبد الكريم" واستدعاءه للتحقيق في معتقل عوفر أيضا.
وعند لحظة الاعتقال كان جنود الاحتلال اقتحموا المنزل وأطلقوا كلابهم على الاب فنهشته، وقتئذ حاول "قسام" الدفاع عن والده فطرحوه أرضا، وتركوا الكلاب تنهش جسده.
وفي وقت سابق كانت تستذكر الأم في أحاديث صحفية ما جرى عند اعتقال ابنها قائلة :"تم احتجازنا في غرفة، وقسام في غرفة أخرى، كنا نسمع صوت صراخ فقط ولا ندري ماذا يحدث، غير أن التحقيق الميداني معه استمر لثلاث ساعات، وبعد أن انسحبوا ومعهم ابني، كانوا يحملون معهم كرسيّاً حديدياً، استغربنا بداية، لكننا علمنا بعد ذلك أن المحققين كانوا يضعون رجل الكرسي على جُروح قسام (أماكن عضّات الكلاب) ويضغطون عليه بقوّة".
لم تستسلم الأم وزوجها بعدما أنهت جرافات الاحتلال الإسرائيلية عملية هدم البيت بل سارعا بزراعة نبتة الصبار على أنقاضه، وهي تردد " كل البيوت وكل دولة إسرائيل لا تساوي حذاء قسام".
وعُرفت الأم "وداد" الكاتبة والروائية والشاعرة الفلسطينية، بمواقفها الصلبة ضدّ الاحتلال الإسرائيلي، والتي عبّرت عنها بقلمها، عندما بدأت محاولاتها الأدبية والشعرية الأولى، في منتصف سبعينيات القرن الماضي، واستطاعت فضح الممارسات الصهيونية، بعد أن خطّت لها طريقا نحو الإبداع والتميّز في مجال الفن والأدب والفكر، وأن تضع بصماتها في مجتمعها الفلسطيني، رغم كافة الصعوبات التي واجهتها.
وبدوره، أدان المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بشدة هدم الجيش الإسرائيلي منزل المعتقل الفلسطيني "قسام البرغوثي" بزعم مشاركته في هجوم أدى إلى مقتل مستوطنة إسرائيلية وجرح اثنين آخرين في أغسطس 2019.
تؤكد المتحدثة باسم المرصد الأورومتوسطي في الأراضي الفلسطينية "ندى نبيل" أنّ سياسة "إسرائيل" في هدم منازل النشطاء الفلسطينيين ترتقي إلى جريمة حرب كونها توقع العقاب بصورة متعمدة ومخالفة للقانون بحق أناس غير مدانين بسوء السلوك في انتهاك للقانون الدولي الإنساني.
وتشدد أنّ على "إسرائيل" الكف عن سياسة الانتقام الجماعي وإلحاق الضرر بعائلات بكاملها بما يخالف مبدأ العدالة وفق العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التي تعتبر إسرائيل طرفًا فيه، واتفاقية جنيف بشأن حماية المدنيين في وقت الحرب في ظل حظر المادة 53 منها تدمير الممتلكات بانعدام حاجة عسكرية إلى ذلك.
وينبّه المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ الحق في المسكن يعد مركبًا أساسيًا في الحق بحياة كريمة، وسياسة "إسرائيل" في هدم المنازل عقاب جماعي يقع بالدرجة الأولى على الفئات المستضعفة مثل الأطفال والنساء.

البث المباشر