قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: الأسرى واستهداف رواتبهم وحقوقهم الواقع والحلول فلسطينيا

وصفي قبها
وصفي قبها

م. وصفي قبها

أغلقت البنوك العاملة في الضفة الغربية مطلع شهر أيار 2020 حسابات الأسرى المحررين وذوي الشهداء والأسرى داخل سجون الاحتلال، استجابة للضغوط الإسرائيلية التي تمحورت حول الحجز على حسابات الأسرى في البنوك العاملة في الأراضي الفلسطينية بقرار عسكري رقم 67 الصادر يوم 9/2/2020 عن قائد قوات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة  باعتبار رواتب الأسرى ومستحقاتهم المالية عملاً محظوراً كونها  مدفوعات تٌشكل مكافأة على ارتكاب عمليات "ارهابية" الأمر الذي ينطوي عليه عقوبة تصل الى سبع سنوات في السجن وغرامة مالية باهظة، ووفق مضمون الأمر العسكري، فان المطلوب من البنوك والمصارف المالية "تجميد الحسابات وتحويل الأموال الموجودة فيها الى قائد جيش الاحتلال في المنطقة".

إن القانون الأساسي الفلسطيني المعدل لعام 2005 يكفل وفق المادة 22/2 "رعاية أسر الشهداء والأسرى ورعاية الجرحى والمتضررين والمعاقين واجب يُنظم القانون أحكامه، وتكفل السلطة الوطنية لهم خدمات التعليم والتأمين الصحي والاجتماعي"، وقد نظمَّ قانون الأسرى والمحررين رقم (19) لسنة 2004م احكام هذه المادة وحدد راتباً شهريا مربوطاً بجدول غلاء المعيشة  وفق أحكام هذا القانون، ووفق ذلك يتم صرف راتب لأكثر من 11 ألف أسير ما زالوا داخل الاسر ومحرر من الذين امضوا في سجون الاحتلال 5 سنوات فأكثر، والأسرى من ذوي الإعاقة من امضوا ثلاث سنوات فأكثر، والأسيرات الفلسطينيات اللواتي امضين ثلاث سنوات فأكثر، فالموضوع يمس شريحة حساسة في المجتمع الفلسطيني يُشارُ لها بالبنان، وهي الأكثر احتراما وتقديرا بصفتها عناوين ورموز وتاريخ وارث النضال الفلسطيني، الأمر الذي يضع السلطة الفلسطينية على المحك في موقف لا تحسد عليه في تحمل آثار الأمر العسكري الصادر عن قائد جيش الاحتلال في الضفة الغربية،  فما المطلوب فلسطينيا لمجابهة الأمر العسكري وبما يضمن ويحفظ حقوق الأسرى دون قيام سلطات الاحتلال بمصادره الأموال من البنوك الفلسطينية ؟

ان المشكلة الحقيقة في حماية مستحقات الاسرى من الاستهداف الاحتلالي،  تكمن بالتعامل مع القضية بأنها قضية فنية ادارية كما ذهبت اليه السلطة الفلسطينية وليست مسألة سياسية تمس جوهر السيادة واستقلالية القرار مما يعكس ضعف ورخاوة مواقف السلطة التي لا تُكلف نفسها عناء البحث عن اوراق قوة مع كثرتها، وتجترح اليات ووسائل تقوم بتوظيفها في مواجهة جرائم الاحتلال واجراءاته التعسفية والتي منها استهداف الأسرى كعناوين نضالية بارزة ومؤثرة،  هذا الاستهداف الذي يأتي في سياق واطار تصفية القضية الفلسطينية،  بينما السلطة لا تتخذ مواقف وقرارات جادة ولا تسعى للجم جموح الاحتلال في محاولاته لضرب الوعي الوطني الفلسطيني الذي صُقل بالدماء الزكية وبالألم والمعاناة، ولا تتمترس خلف جدار الجماهير الصلب وخزانها الذي لا ينضب،  لذلك نراها لا تقوم كما يجب في تفعيل ادوات المقاومة الناعمة التي لها تأثير كبير ايضا في حال توظيفها بالطريقة الصحيحة والفاعلة على كبح جموح الاحتلال والحد من جرائمه، فالسلطة التي اعترف كبير مفاوضيها الدكتور صائب عريقات انها بلا سلطة وهي تحت احتلال بلا كلفة، تتحمل المسؤولية الكاملة عن كل ما يجري،  وعليها ان لا تقبل نفسها بلا سلطة وان لا تقبل ان يكون الاحتلال بلا كلفة من خلال ما لديها من اوراق ضغط كثيرة والتي منها تفعيل "المقاومة الناعمة" التي توظفها السلطة أحيانا وفي نطاقات محدودة  لذر الرماد في العيون ولامتصاص نقمة الشارع وتنفيس احتقاناته.

ان التعامل الأصيل مع قضية حسابات الأسرى ورواتبهم لا يمكن حمايتها عن طريق التعامل على انها قضية فنية وادارية، بل يجب ان يتم التعامل معها في الاطار السياسي والسيادي للسلطة واستقلالية قرارها، والا ما جدوى وجود مؤسسات رسمية كوزارة المالية وسلطة النقد، ومؤسسات عاملة على الساحة الفلسطينية في اطار القانون الفلسطيني الذي يُنظم عملها ويحكمه؟؟!  كما أن قبول السلطة اعتبار رواتب الأسرى قضية فنية وادارية  تخلى واضح وجلي عن دورها الوطني،  وبذلك تكشف  ظهر من هم صلب وكيميا العمل الوطني وتجعلهم لقمة سائغة في فم الاحتلال الذي يتجرأ عندها أكثر واكثر لممارسة مزيد من الضغوطات على السلطة والمؤسسات العاملة في اطارها.

وعندما لا يكون الموقف الرسمي الفلسطيني حاسما وصلبا، فانه يُغري الاحتلال للعبث حتى في النسيج الوطني والسلم الاهلي والاجتماعي الفلسطيني، ويُلقي بالكرة في الساحة الفلسطينية ويقف متفرجا على ما يجري وقد ضمن تحقيق اهدافه وتنفيذ سياساته وبأيدي فلسطينية مع شديد الأسف، لذلك فالمطلوب من السلطة المبادرة والعمل على الايعاز للمؤسسات البنكية والمصارف المالية الالتزام  بأبسط المعايير المصرفية والقواعد والقوانين والاتفاقات التي تحكم المصارف والبنوك مع اصحاب الحسابات المعتمدين الذين فتحوا حساباتهم ضمن توافق ورضى بين هؤلاء والمؤسسات المصرفية، وتحميل البنوك المسؤولية الكاملة عن التصرف بحسابات الأسرى المحررين وذوي الأسرى والشهداء باعتبار حساباتهم معتمدة وان التصرف بها مخالف للقانون والعمل على مساءلة من قام بتعطيل بطاقات الصرف الالي وتصفير الحسابات والتصرف بها خارج القانون باعتبارهم تصرفوا بما لا يملكون حق التصرف به وفي هذه السياق لا بد من الاشارة الى عدة أمور منها:

  • اللجوء الى مؤسسات حقوقية وقانونية لرفع قضايا على البنوك التي عطلت بطاقات الصراف الآلي وتصرفت بالحسابات دون مسوغات قانونية، والمطالبة بتعويضات على هذه الاجراءات والزامها بإعادة الأمور الى نصابها، فلا يُعقل الصمت على اجراءات لا قانونية ولا تمت للوطنية والأخلاق بصلة.
  • رفض نقل الحسابات واغلاقها والابقاء عليها وتحميل البنك المسؤولية الكاملة عنها.
  •  اغلاق الحساب هو النهاية حيث لا يُتيح  ذلك الفرصة لفتح حساب جديد  في بنك آخر، بل ولا يضمن نقله الى مؤسسة مصرفية أخرى، الأمر الذي سيضع الأسير أمام معضلة "فتح الحساب" لأن قرار المؤسسات البنكية والمصرفية بعدم فتح حسابات لها علاقة بالأسرى، لذلك الحذر .. ثم الحذر .. ثم الحذر .. حتى لو دفع البنك مبلغ كَثُرَ او قلَّ مقابل اغلاق الحساب.
  • لقد حاولت بعض البنوك كالبنك العربي في سنوات 2003 – 2004 اغلاق بعض الحسابات فمن استجاب لأغلاق الحساب او نقله "راحت عليه"، ومن رفض ذلك فحساباتهم لا زالت مستمرة والأمثلة كثيرة، وهناك من الأسرى المحررين من طالب مبلغ مالي عالي القيمة كنوع من "الخلو والتعويض" .. وكانت فكرة ولكن البنك رفضها.
  • على كل المتضررين من تعطيل بطاقات الصراف الالي او تصفير الحسابات وتجميدها او الغائها توثيق ذلك لدى مؤسسات حقوقية محلية ودولية.
  • العمل بشكل جماعي وجعل قضية محاربة الأسرى المحررين وذوي الأسرى  والتضييق عليهم قضية رأي عام فلسطيني، وقضية وطنية تستوجب من الجميع التكاتف والتعاضد للتصدي لجرائم الاحتلال.

أما الحركة الأسيرة فباستطاعتها التأثير لإنهاء هذا الملف من خلال الضغط على سلطات الاحتلال من جهة وعلى السلطة الفلسطينية من الجهة الأخرى، ولكن ليس بمعزل عن حراك شعبي وجماهيري واسع وشامل بالموازاة مع السلوك والاجراءات القانونية والحراك السياسي والدبلوماسي، وبنفس الوقت علينا ان نراعي بأن الحركة الفلسطينية الأسيرة وهي في الخندق الأول المتقدم في مواجهة الاحتلال وجرائمه في تماس يومي مع هذا الاحتلال وقد تعرض الأسرى الى عدة رُزم من العقوبات، ليس أخرها منع شراء العشرات من الأصناف من كانتين السجن والتهديد الجدي بعدم ايصال مستحقات الأسرى المالية لحسابات الكانتين، كما وعلينا أن لا نغفل من أن الحركة الأسيرة قد أرهقتها اجراءات الاحتلال التعسفية وسياسة الاذلال وامتهان الكرامة، ويقيني بان ألأسرى ورغم كل ذلك باستطاعتهم خوض معركة جديدة يتصدون  من خلالها لهذه الاجراءات والعقوبات الجديدة تجاههم والتي تهدف للنيل من ارادتهم وعزيمتهم وصمودهم والانتقام منهم بكل الطرق والوسائل لدورهم الوطني بالتصدي لجرائم الاحتلال.

ان اجراءات الاحتلال بحق الأسرى قديمة جديدة ولم تتوقف يوما بالتضييق عليهم وعلى وذويهم وتجريم مقاومتهم ونضالهم ووصمه بالإرهابيين واصحاب الأيدي الملطخة بالدماء، والمس بكرامتهم وملاحقتهم بلقمة عيش ابنائهم وذويهم ، وامام ذلك فبإمكان الحركة الأسيرة التصعيد داخل السجون من خلال برنامج نضالي على مراحل يُتوج بالإضراب المفتوح عن الطعام في معركة جديدة من معارك الأمعاء الخاوية  كما يحصل وحصل في محطات عديدة في مسيرة وعمر الحركة الأسيرة، ولكن خطوات الأسرى النضالية يجب ان تكون في اطار خطة شاملة  تتحمل السلطة والشعب والمؤسسات مسؤولياتها الوطنية والأخلاقية تجاه هذه القضية التي تأتي في سياق التصفية والانهاء للقضية الوطنية الفلسطينية وعناوينها النضالية البارزة المتمثلة بالأسرى ومسيرة النضال الوطني الفلسطيني، لذلك ومع خطوات الأسرى النضالية لا بد وأن ترفض المؤسسات البنكية والمصرفية أوامر الاحتلال العسكرية وان لا تستجيب لضغوطات الاحتلال وذلك بالتنسيق الكامل مع مؤسسات السلطة الرسمية ذات العلاقة، كوزارة المالية، وسلطة النقد، والارتباط المدني، وهيئة شؤون الأسرى والمحررين، على ان يكون للفصائل والتنظيمات دورها في حشد الشارع والخروج في مسيرات حاشدة تصل نقاط التماس وترفض اوامر الاحتلال العسكرية وتدعم وتُساند الاسرى في خطواتهم النضالية، وبنفس الوقت تفعيل الدبلوماسية الفلسطينية، والمؤسسات الحقوقية لملاحقة الاحتلال والضغط عليه  في الاطار القانوني والانساني.

وامام ما تقدم يجب رفع الغطاء عن أي شخص او مؤسسة تنسجم وتتساوق مع الاحتلال وتستجيب وترضخ لضغوطه واوامره،  وتجعل من نفسها اداة طيعة في تجريم المقاومة الفلسطينية والنضال الفلسطيني ووصف الأسرى بالإرهابيين.

إن اثار هذا الاستهداف تطال الجميع، ويمس صميم وجود وكينونة السلطة، وكلما استجابت السلطة ورضخت  لضغوط الاحتلال أكثر  كلما تجرأ الاحتلال أكثر وطلب المزيد، في اطار سياسة واستراتيجية الخطوة خطوة والنفس الطويل، وقضية حسابات الأسرى في البنوك لعاملة على الساحة الفلسطينية هي حلقة في سلسلة طويلة من الاجراءات الاحتلالية  سواء كانت داخل السجون والمعتقلات أو خارجها وهي بمجملها تهدف للتضييق على الأسرى وقتل روحهم النضالية، ومحاربتهم في لقمة عيشهم وشربة حليب أطفالهم، وترك عائلاتهم فريسة العوز والجوع والفقر، وقد سبقت  خطوة تعطيل بطاقات الصرف الالي للأسرى والغاء حساباتهم في البنوك خطوات أذعنت  معها السلطة لارادة الاحتلال واوامره العسكرية، واذا استدعينا الماضي نجد ان السلطة استجابت لضغوط الاحتلال وقبلت بتحويل وزارة شؤون الاسرى والمحررين الى هيئة، فغابت قضية الأسرى عن اجندة الاجتماع الدوري لمجلس الوزراء، وغاب صوتهم داخل المجلس، فالوزارة كانت تُشكل البيت المعنوي للأسرى وذويهم والأسرى المحررين، وبما ان الاحتلال يعرف ويعلم ان الضغوط على السلطة يأتي بنتيجة، فقام بقرصنة وسرقة اموال الشعب الفلسطيني من عائدات الضرائب "المقاصة" بقيمة تُعادل ما يُصرف للأسرى المحررين وذوي الأسرى والشهداء والجرحى، وقد امتنعت السلطة عن استلام  مستحقات الشعب من عائدات الضرائب منقوصة وخرج الرئيس وقال "لن نقبل استلام اموالنا منقوصة ولو مليما واحداُ"  ولكن امام رخاوة موقف السلطة حصل في الخفاء ما حصل من اتفاق غير واضح واعتبره البعض مشبوهاً، بعد أن وافقت السلطة على استلام أموال عائدات الضرائب التي يجمعها الاحتلال  لصالحها مقابل عمولة مالية، بعد رفض دام 8 أشهر، وهكذا هو الموقف الفلسطيني "كلام الليل يمحوه النهار" ، واصبحت المواقف والقرارت الفلسطينية  "شعارات لا رصيد لها على أرض الواقع" تأتي في اطار سياسة ذر الرماد في العيون وتنفيس الاحتقانات في الساحة الفلسطينية وامتصاص ردة الفعل في الساحة الفلسطينية لصالح قرارات الاحتلال واوامره العسكرية ولصالح امنه ايضا، وقد استلمت السلطة الأموال منقوصة ليس مليما واحدا فقط وانما  منقوصة   41.83 مليون شيكل ( 11.5 مليون دولار) وهذا قيمة ما يُدفع للأسرى والجرحى وذوي الشهداء، غير الإقطاعات الأخرى.

ان رخاوة مواقف السلطة وخبرة الاحتلال بكيفية التعامل معها وارغامها على تنفيذ سياساته واوامره هي التي اوصلت الاحتلال لاتخاذ خطوة اخرى وإصدار الأمر العسكري رقم 67/1827 لعام 2020  وذلك يوم  9/2/2020 واعتباره ساري المفعول بعد ثلاثة شهور (9/5/202) وحيث يُحظر على البنوك الاحتفاظ بحسابات الأسرى والا فإنها تُعتبر وموظفيها شركاء في "الجريمة" وفق وصف الاحتلال.

وحيث ان المسالة لا تقتصر على ايصال الرواتب من خلال طرق غير البنوك، ففقد تكون هناك طرق واليات أخرى يمكن ضمان وصول مستحقات الأسرى المالية من خلالها، ولكن لا ننسى أن الخضوع والرضوخ لإملاءات الاحتلال وأوامره العسكرية يمس صميم وجوهر سيادة السلطة واستقلالية قرارها، والا ستعتبر سلطة وظيفية عند الاحتلال تأتمر بأوامره وتخضع لتعليماته وبالتالي تصبح اداة بيد الاحتلال للتضييق على الشعب والأسرى بأيدي فلسطينية ومؤسسات عاملة على الساحة الفلسطينية، وعندها يكون لا معني للقوانين والتشريعات الفلسطينية التي تحكم وتُنظم عمل المؤسسات العاملة داخل الاراضي الفلسطينية.

إن البحث عن اليات وطرق غير طرق البنوك هو بمثابة استسلام واذعان وتخلي عن الدور الوطني، وانسجام وتماهي مع الاحتلال في تجريم النضال والمقاومة الفلسطينية وتأكيد على رواية الاحتلال بان الأسرى الفلسطينيين هم مجموعة من "الإرهابيين" يجب محاربتهم، وهو تخلي السلطة عن دورها وواجباتها الوطنية وتفريطها بقرارها السيادي واستقلالية عملها في اطار تشريعاتها الخاصة بها كسلطة معترف بها .

لذلك على الجميع التحرك الفاعل والجدي بمعالجة القضية من اصلها برفض الأمر العسكري الصادر يوم 9/2/2020، وعلى الأسرى المحررين وذوي الأسرى في سجون الاحتلال رفض نقل حساباتهم واغلاقها ورفع قضايا على البنوك لتعطيلها بطاقات الصراف الالي والتصرف بالحسابات الخاصة  بهم.

وكلمة أخيرة ومع شديد الأسف فقد جاء تحرك المسؤولين الفلسطينيين متأخرا جدا لمناقشة الأمر، وهي تتحمل المسؤولية الكاملة عن هذا التلكؤ والتباطؤ، ولم يكن واردا في ذهن المسؤولين حتى امر تشكيل لجان فنية وقانونية وادارية لاعتماد خطة تصدي للأمر العسكري في التعديل رقم 67 ، وما صدر من مواقف وتصريحات خجولة وهزيلة وتشكيل لجنة من وزارة المالية وسلطة النقد وجمعية البنوك وهيئة شؤون الأسرى والمحررين وما حصل من لقاءات ومراسلات كل ذلك جاء في الوقت الضائع  وبعد ان شرعت البنوك بتنفيذ مضمون الأمر العسكري المشار اليه، الأمر الذي يندى له الجبين، فكان الأجدر ان تكون الخطة جاهزة منذ وقت طويل للتصدي لقرار الاحتلال في هذا السياق.

ومن يتابع تحركات ومواقف وتصريحات المؤسسة الرسمية الفلسطينية يجد أنها لم ترتق حتى الى جهد المقل الأمر الذي يؤكد بان هذه التحركات جدُّ هزيلة وهي فقط محاولة لتهدأة النفوس  وتنفيس احتقانات وتخفيف حدة الغليان في الساحة الفلسطينية ، فالصمت والخرس الذي اصاب السلطة وعلى مدار ثلاثة شهور منذ صدور الأمر العسكري وبدأ البنوك بإجراءاتها المنسجمة مع هذا الأمر يضع السلطة ورئيس الوزراء وهيئة شؤون الأسرى والمحررين والمالية والارتباط المدني امام مساءلة الشعب، ماذا فعلتم طيلة هذه الشهور؟ ولماذا تشكيل اللجنة لدراسة القضية الان وليس مع اول دقيقة صدر فيها الأمر العسكري؟؟ هذه الأسئلة بوخز الضمير الوطني وبرسم معاناة الأسرى ودماء الشهداء وانات الجرحى الذين لهم الفضل بوجود سلطة ومجلس وزراء ومؤسسات .. ويبقى السؤال حول مقولة كبير المفاوضين الدكتور صائب "الى متى تبقى السلطة بلا سلطة ؟  والاحتلال بلا كلفة ؟

البث المباشر