فايز أيوب الشيخ
لم يصدر عن الاجتماع الأخير للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واللجنة المركزية لحركة فتح، ما ينفي أو يرفض ماجاء على لسان أمين سر اللجنة التنفيذية "ياسر عبدربه" حول يهودية الدولة العبرية، مما يعني أنه تشريع واعتراف بيهوديتها, حسب ساسة.
وكان اجتماع "تنفيذية المنظمة ومركزية فتح" خلص – حسب عبدربه - إلى أنه سيتم دراسة الخيارات السياسية التي تشمل التوجه إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن، كما تشمل خيارات أخرى من قبل ما قال عنها "اللجان المتخصصة"، وهنا يضع الساسة و المراقبون لمسار "سلطة أوسلو" ألف علامة استفهام ؟؟؟...
خيارات غير معلنة
عضو اللجنة المركزية لحركة فتح محمد المدني، اعتبر أنه ليس هناك ما يدعو إلى الشك بأن الاعتراف بيهودية الدولة يمكن أن يكون أحد الخيارات المطروحة لديهم، موضحاً أن اجتماعهم الأخير انصب على مناقشة الخيارات المتمثلة بالتوجه إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن ".
وقال في حديثه لـ"الرسالة نت"، أن ما يتعلق بيهودية الكيان غير وارد لا شكلاً ولا مضموناً بالنسبة لحركة فتح، ولكنه استدرك أنهم ليسوا أسياد العالم حتى لا يستمعوا إلى الخيارات المطروحة من دول ذات شأن كبير مثل الولايات المتحدة الأمريكية، مشيراً إلى أن طرح يهودية الدولة جاء من "إسرائيل" ولم يصدر عن الإدارة الأمريكية.
ورفض المدني وصف نهج المفاوضات مع الاحتلال بالخطأً الذي يقتضي من حركة فتح تصحيحه ، قائلاً:"أنه ليس هناك أخطاء حتى تكون هناك محاكمة وجلاد".
وأشار إلى أن رئيس السلطة -المنتهية ولايته محمود عباس- تحدث بوضوح عن خيارات السلطة في لقاءاته مع لجنة المتابعة العربية ومؤتمرات القمة وفي لقاءاته المباشرة مع الإدارة الأمريكية والفرنسيين وكذلك العالمين العربي والغربي .
وفرق المدني بين العمل السياسي والحل السياسي، قائلا "أن الاحتلال يطرح ما يتناسب مع نهجه السياسي ولكن العبرة في أننا لن نستجيب إلا لما يتناسب مع خطنا السياسي المعروف ونطرح بديلنا بما لا يتناقض مع المفاصل الأساسية بعدم التفريط بأساسيات القضية الوطنية"، على حد زعمه.
خيار المفاوضات"ثابت"
من جهته اعتبر النائب عن حركة حماس الدكتور حاتم قفيشة، حديث "سلطة فتح" عن خيارات بديلة استهلاكا داخليا، مؤكداً أن"سلطة فتح " لا تملك خياراً إلا المفاوضات كخيار استراتيجي مُعلن .
ولفت قفيشة إلى أن الولايات المتحدة ردت على تفويض لجنة المتابعة العربية لعباس بالتوجه إلى مواصلة المفاوضات بتفاهمات بينها وبين حكومة الاحتلال على بناء 240وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية.
وليس لدى قفيشة شك في أن المفاوضات مازالت مستمرة في الوقت الحالي بين"سلطة فتح" و الاحتلال وأن التنسيق الأمني على أشده، لافتاً أنه من الخطورة بمكان تلك التصريحات الأخيرة لياسر عبد ربه والتي تنكر لها البعض لكنها مدعومة من شخصيات عديدة في منظمة التحرير لا تعارض استعدادها للاعتراف بيهودية الدولة مقابل أعطاء السلطة حدوداً على الرابع من حزيران.
وأكد لـ"الرسالة نت" أن الأفق السياسي لدى "سلطة فتح" بات مغلقاً وأصبح سقفه ما يسمى دويلة فلسطينية تحت الاحتلال منزوعة السيادة والصلاحيات ومنزوعة العمل الإداري والتنظيمي في إدارة شئون الدولة.
وشدد قفيشة على أن لدى "سلطة فتح" أوراقاً ضاغطة تمتلكها و تستطيع بها أن تجبر الاحتلال على وقف الاستيطان وفي مقدمة هذه الأوراق وقف التنسيق الأمني ووقف المفاوضات، متابعا :"حينها ستهرول إسرائيل من أجل السير في طريق المفاوضات لأنها هي المستفيد الوحيد من التنسيق الأمني ومن المفاوضات"، مستدركاً:" ولكن يبدو أن خيار قيادة السلطة المتنفذة هو المفاوضات والمفاوضات فقط".
إجماع فصائلي
وتصاعدت دعوات الفصائل الفلسطينية إلى تنسيق وتوحيد جهودها واتخاذ موقف وطني موحد لمحاسبة ياسر عبد ربه وطرده من ساحة العمل السياسي الفلسطيني، فقد عبر عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية كايد الغول، عن استهجانه من عدم صدور تصريح حتى الآن من أعلى هرم في السلطة ينفي ويستنكر ما جاء على لسان عبد ربه حول الاعتراف بيهودية الدولة، لافتاً أن القوى الوطنية والإسلامية ومنظمات المجتمع المدني أجمعت في لقائها الأخير على اعتبار تصريحات عبد ربه ضربة قاسمة للشعب الفلسطينية.
وأكد الغول لـ"الرسالة نت"، أن أية تصريحات صادرة عن المنظمة أو أي شخص في هذا الإطار مرفوضة ولا تشكل موقفاً للشعب، وكما أنها تشكل تراجعاً عن الموقف والإجماع الوطني.
واعتبر أنه لا مناص من عودة جهود الحوار الوطني الشامل الذي هو يراجع مسيرة المفاوضات بهدف تصويبها واستنباط الدروس التي تعيد مكانة القضية الوطنية الفلسطينية و يمكن من خلالها أن تتكاثف كل أشكال النضال في مواجهة الاحتلال وسياساته، مؤكداً أنه بدون هذه المراجعة ستبقى المسالة في إطار الدوران في ذات المكان.
وشدد الغول على وجوب أن يكون هناك مطلب فلسطيني حازم وحاسم أولاً برفض التعاطي مع مسالة يهودية الدولة ثم برفض استمرار المفاوضات على الطريقة القائمة عليها وطرح خيارات فعلية بديلة تتيح لشعبنا استخدام كل الوسائل في مواجهة الاحتلال.
تكليف ودعم فتحاوي
أما النائب المستقل في المجلس التشريعي الدكتور حسن خريشة، فقد قال أن صمت محمود عباس وعدم اتخاذه إجراءات رادعة بحق عبد ربه، يؤكد أن موقف الأخير مدعوم من رئيسه ومن حركة فتح، لافتاً أن التصريحات القليلة المنددة التي سمعناها من بعض القيادات الصغيرة "جاءت على استحياء ولا تمثل الموقف الحركي الواضح".
ولم يستبعد خريشة في حديثه لـ"الرسالة نت"، أن يكون عبدربه تم تكليفه رسمياً من قبل قيادة السلطة للإدلاء بتصريحاته "الجوفاء"، مؤكداً أنها ربما جاءت لقياس رأي الشارع الفلسطيني ومدى تقبلهم وقدرتهم على التصدي لهذا المشروع.
واعتبر خريشة أن الدعوة التي صدرت من عبد ربه هي دعوة تتساوق مع طروحات "ليبرمان ونتنياهو ويشاي"، وبالتالي عندما تتحدث السلطة عن خيارات سياسية أخرى فإن هذه الخيارات هي ما تمليها عليها الإدارة الأمريكية من اقتراح حول يهودية الدولة .
وأكد أن خيارات "سلطة فتح" لا تعدو عن قفز بالهواء، معتبراً أن الخيارات المفترضة إذا كانت السلطة تريد أن تحترم نفسها "هو بالانكفاء إلى الداخل نحو مصالحة حقيقية ردا على أمريكا وإسرائيل وغيرهم و الاتفاق على أجندة فلسطينية لإعادة علاقة الصراع بين الاحتلال والشعب الفلسطيني إلى وضعها الطبيعي" .