"عائلة سمارين" .. حينما تكون جارا للأقصى!

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

الرسالة نت- رشا فرحات

ويصل بك الأمر أحيانا بأن تتحول حياتك كلها الى حلقة من المقارعة، وحدك في الميدان تقارع المحتل، وحدك تصمد، وتظل هكذا تقارع لأجل طويل، فإما أن تسقط وإما أن يصادر حلمك، ويتحول الى مشروع استيطاني في ظل صمت العالم ومشاهدة ذوي القربى وانسحاب أي مقومات فلسطينية للقوة والمواجهة.

تاريخ طويل لعائلة سمارين جارة القدس وهي تقارع وحدها وتصمد أمام المناكفات لسنوات طويلة. القصة بدأت مع بدايات القرن الماضي، عندما بنى الحاج موسى سمارين بيته على أرضه المجاورة للأقصى، عشرة أمتار تفصله عن الباحات الرئيسية، عن مركز الحلم الفلسطيني، عن تلك الروح التي دفعت عائلة كاملة للثبات والصمود في وجه محتل يقتحم البيت كل ليلة.

وهناك إلى جانب البيت أرض قديمة مزروعة بأشجار معمرة، تجني العائلة ثمارها منذ زرعها الجد بيديه قبل سبعين عاما، وحتى بعد أن نزح أبناؤه بعد احتلال القدس عام 67 بقي ابن عمهم في المنزل مع والدهم وانتقلت اليه الملكية بعقد بيع وافق عليه الأبناء فتزوج وتناسل وكبرت عائلته.

يكمل ابن العائلة حياته بهدف حماية البيت الذي أصبح قديما آيلا للسقوط لأن الاحتلال منعهم على مدار السنوات الطويلة من تصليحه أو تعديله بما يضمن لهم استمرارية العيش بين جدرانه.

وهكذا أكملت العائلة حياتها بين جدران متهتكة تقع على خط فاصل بين المسجد الأقصى وما تسميه (إسرائيل) حلمها ببناء مدينة داود المقدسة، فحدقت أنظار المستوطنين الى البيت القديم العتيق لعله يدخل ضمن مشروعها الاستيطاني.

وهكذا وفور رحيل الحاج موسى سمارين حول المنزل تلقائيا لقانون أملاك الغائبين وهو يشرعن بموجبه ‏الاستيلاء على الأراضي والممتلكات التي هجر منها أصحابها عنوة بدواعي الحفاظ عليها.

ولكن البيت لم يكن خاليا، ولم يكن أصحابه في غياب، فقد سكنه مالكه محمد سمارين الذي ورثه عن عمه طوال تلك السنوات، وأنفاس أبنائه تملأ جنبات البيت القديم، لذا قدم استئناف وأوقف القرار.

عاود الاحتلال الكرّة مجددا مع وفاة محمد سمارين مالك البيت وبقيت زوجته وأطفالها وحدهم في ساحة المعركة يدافعون عن حقهم في بيت تدعي (إسرائيل) بأنه لا صاحب له !

وفي العام الماضي رُفض استئناف العائلة ونُقلت ملكية البيت الى شركة صهيونية اسمها هيمونتا التي تمثل ما يسمى بـ(الصندوق القومي اليهودي)، وهو منظمة صهيونية تأسست عام 1901، هدفها هو جمع الأموال من اليهود لشراء عقارات وأراض من العرب في القدس والمناطق المحتلة. وعملت الشركة تحت حماية الانتداب البريطاني بداية نشأتها حتى امتد نشاطها الى الضفة الغربية وإلى قطاع غزة أيضا للاستيلاء على الأراضي والأماكن الأثرية وحتى القطع الأثرية النادرة.

وصباح الثلاثاء الماضي، وصل لعائلة سمارين المتكونة من ثمانية عشر فردا أمر بالإخلاء وتسليم البيت الى الشركة المصادرة للبيت الكائن في حي وادي حلوة ببلدة سلوان، جنوب المسجد الأقصى المبارك، بحجة أنه ملك (للصندوق القومي اليهودي)، وذلك وفقا لمركز معلومات وادي حلوة في القدس المحتلة.

وقد أمهلت المحكمة العائلة حتى تاريخ 16 أغسطس/ آب المقبل، لتنفيذ قرار الإخلاء لصالح مستوطنين، وترك البيت القديم، والذي يعد تركة العائلة التي توارثتها أبا عن جد، في سياسة تحدث كل يوم وكل ساعة مع أهل القدس، ذلك يحدث فقط حينما تكون جارا للأقصى.

البث المباشر