لمواجهة اتفاق التطبيع.. لماذا يرفض عباس دعوة الإطار القيادي؟

عباس وترامب
عباس وترامب

الرسالة نت - غزة

قيادة السلطة الفلسطينية في وضع لا تحسد عليه، فبعدما خسرت مشروعها السياسي الذي أثبت فشله على مدار عقدين من الزمن، تخسر اليوم المحيط العربي الذي كانت تتغنى سابقاً بأنها تتكئ عليه في مواجهة مشروع الاحتلال وتستند إلى مبادئ راسخة لدى جميع الدول العربية قائمة على الحقوق والثوابت الفلسطينية، واهمها مبدأ الأرض مقابل السلام وعدم التطبيع أو إقامة أي علاقات مع الاحتلال إلا بعد حل القضية وإقامة الدولة الفلسطينية.

اليوم تبدلت المفاهيم وتجاوزت دول عدة هذه المبادئ وشكل إعلان الاتفاق الإماراتي (الإسرائيلي) ضربة قاصمة ستؤثر ارتداداتها على باقي المنطقة التي من المتوقع أن تشهد موجة تطبيع علني في المرحلة المقبلة.

وقبل هذه الخسارة وبعدها يبقى الأهم أن قيادة السلطة ما زالت تشيح نظرها عن الوضع الداخلي الفلسطيني الذي يعتبر الخسارة الأكبر لها بعدما أدت سياسة أبو مازن إلى تفتيته.

وأمام حالة التطبيع والرفض الكبير للاتفاق الأخير عقد الرئيس عباس اجتماعا للفصائل في رام الله بحضور حماس والجهاد، وخرج البيان الختامي بدعوة لتفعيل المقاومة الشعبية على أوسع نطاق لمقاومة مخططات الاحتلال وإفشال محاولات تصفية القضية الفلسطينية.

واستنكر البيان ما قامت به الامارات من تطبيع مع الاحتلال على حساب الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية، عادين ما جرى هدية مجانية للاحتلال وللرئيس الأمريكي دونالد ترمب الذي ينتهك الحقوق الفلسطينية.

وطالبت الفصائل دولة الامارات بالتراجع عن الخطأ التاريخي الذي ارتكبته بالتطبيع مع الاحتلال.

كما دعا البيان إلى تعزيز الاجماع الوطني وانهاء الانقسام الذي يقود لوحدة وطنية وشراكة سياسية حقيقية.

وسبق أن هاتف إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس رئيس السلطة محمود عباس؛ لمناقشة التطورات المتعلقة بالاتفاق المعلن بين الإمارات والاحتلال (الإسرائيلي).

الغريب أن كل المستجدات السياسية والتطورات الخطيرة التي طالت القضية الفلسطينية لم تحرك الرئيس عباس نحو الدعوة لعقد الإطار القيادي الموحد لمنظمة التحرير والتي تعتبر أولى خطوات المصالحة والمواجهة في ظل مخططات التصفية.

ومن اللافت أنه في كل مرة تتعرض القضية لمخطط خطير وتجد السلطة نفسها محشورة في الزاوية؛ تلجأ لجمع الفصائل وإلقاء الخطب والمطالبات دون تنفيذ أي خطوات عملية على الأرض.

سياسة السلطة هذه أدت لفقدان الثقة في قدرة المكون السياسي الفلسطيني القيادي على تقديم حلول أو خيارات جديدة قادرة على تحقيق انجاز أو تقدم منذ أوسلو وحتى الآن، حيث أن "القيادة الحالية" التي يقودها الرئيس محمود عباس، "لا تجسد المستوى المطلوب لمفهوم وممارسة القيادة وتفتقر إلى رؤية وأهداف توحدها".

وتعمد السلطة لعقد اللقاءات والتي تصاحبها حملة اعلامية مركزة، لمجرد ذر الرماد في العيون بينما يبقى الواقع القائم على ما هو عليه دون أي تغيير يذكر.

وقد خبر الشعب الفلسطيني السلطة خلال السنوات الماضية، حيث ان مستوى التهديدات والتصريحات الاعلامية كبير جداً، فيما التعهدات الدائمة بمنع قيام اي انتفاضة شعبية في وجه المحتل قائمة حتى بعد وقف التنسيق الأمني.

وقد يستغرب البعض إصرار الرئيس على دعوة حركتي حماس والجهاد لمثل هذه اللقاءات رغم حالة الانقسام واستمرار سيطرته على المنظمة التي لم تنضم اليها الحركتان حتى الان، ويرفض عباس اجراء أي اصلاح على وضعها الحالي، لكن الواقع أن دعوته جميع الفصائل لهذه الاجتماعات لها عدة أهداف:

الأول: إظهار نفسه الرئيس الشرعي والمعترف به من الكل الفلسطيني والذي ما زال قادرا على ادارة الساحة الفلسطينية رغم الانقسام القائم.

الثاني: ليظهر أمام المجتمع الدولي أن خطواته وقراراته تحظى بإجماع فلسطيني بما فيها مصير الاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال.

ثالثا: يستغل عباس ومن حوله وجود كل الفصائل لتمرير مخططاته، والحديث عن انهاء الانقسام بينما تنقضي الاجتماعات دون أن يغير سياساته الداخلية أو على الأقل يوقف حملته القمعية ضد هذه الفصائل من خلال الاعتقالات والملاحقة المستمرة.

رابعاً: يهدد الاحتلال شكلياً بأنه في حال انهارت الأوضاع فإنه قد يلجأ للفصائل والمصالحة وهي لعبة مارسها عدة مرات سابقاً واتجه فيها نحو المصالحة كخطوة تكتيكية كانت موجهة للاحتلال أكثر منه للداخل الفلسطيني مثلما جرى في اتفاق الشاطئ 2014.

خامساً: يهتم عباس بشكل الاجماع الفصائلي خاصة أمام الدول العربية التي قدمت مقترح العودة للمفاوضات بمرجعية متعددة وقد يكون هذا الاجتماع مقدمة لها.

البث المباشر