صندوق عز.. كيف الحال؟

صندوق عز.. كيف الحال؟
صندوق عز.. كيف الحال؟

محمد أبو قمر

 "البلد بحملها أهلها".. شعار انطلق به صندوق وقفة عز في الثاني من ابريل المنصرم بقرار من رئيس السلطة محمود عباس.

تسعة أشهر مرت على عمل الصندوق الذي دشن لمواجهة تداعيات أزمة كورونا بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والصحية، فهل تحقق الهدف و"حمل البلد أهلها"؟

الوقوف على الأهداف التي حققها الصندوق يحتاج الى تمحيص الأرقام الصادرة عن ادارته التي أعلنت عبر الموقع الالكتروني الخاص بالصندوق أن قيمة التبرعات وصلت الى 12.5 مليون دينار أردني (60 مليون شيقل)، في حين يقدر المبلغ الذي سعى الصندوق لجمعه بــــ 20 مليون دينار أردني (96 مليون شيقل).

الغريب في الأمر أن آخر تحديث للأرقام المعلنة عبر الموقع الالكتروني كان في الحادي عشر من مايو الماضي، أي بعد قرابة شهر على تأسيس الصندوق، وهو ما يطرح تساؤلا، هل توقف التبرع عند هذا التاريخ؟

لعل المشكلة الأصعب تكمن في البحث عن اجمالي المبالغ التي صرفها الصندوق للفئات المتضررة، ففي حين قال رئيس حكومة رام الله محمد اشتية أن المتضررين من جائحة كورونا الذين سجلوا في "وقفة عز" يبلغ تعدادهم نحو 270 ألف مواطنٍ منهم 163 ألف شخص من قطاع غزة و107 آلاف من الضفة الغربية، قال رئيس الصندوق طلال ناصر الدين أن حجم الأسر المتضررة من جائحة كورونا بلغ 110 آلاف عائلة و45 ألف عامل.

وعند المقارنة بين عدد المستفيدين من الصندوق، ومجموع المسجلين أو المتضررين الذين تحدث عنهم اشتية وناصر الدين، يبدو الرقم متواضعا حتى الآن.

ولأن المبالغ المنفقة لم تعلن رسميا، فقد تم الاعتماد على الأخبار التي تناقلتها وسائل الإعلام في احتساب قيمة المصروفات، في سبيل الوصول إلى إجمالي ما صرفه صندوق وقفة عز على الفئات المتضررة من جائحة كورونا.

ففي بداية يونيو الماضي أعلن رئيس الصندوق أنه سيتم صرف مبلغ 500 شيقل لـ30 ألف أسرة معوزة، وفي السادس عشر من الشهر نفسه أعلنت وزارة التنمية برام الله عن صرف 500 شيقل لنحو 18.002 ألف أسرة متضررة.

ومع احتساب مجموع الدفعتين اللتين تم الإعلان عنهما، يصبح عدد المستفيدين 48 ألف أسرة، بمبلغ اجمالي 24 مليون شيقل، من أصل 60 مليون شيقل تم الإعلان عن التبرع بها للصندوق، فأين مصير بقية الأموال التي تم جمعها؟

وبالعودة الى بداية انشاء الصندوق، فإن عددا من الملاحظات الجوهرية طالت تشكيله أبرزها اقتصار ادارته على ثلاثين شخصية من القطاع الخاص برئاسة طلال ناصر الدين (المدير التنفيذي لشركة بيرزيت للأدوية)، دون اشراك بقية شرائح المجتمع في ادارته سيما مؤسسات المجتمع المدني، والفلسطينيون في الشتات.

وتتناقض هيكلية إدارة الصندوق مع الشعار الذي رفعه " البلد بحملها أهلها"، عندما تعمد تغييب أهل البلد عن المشاركة فيه بفعالية، وكشف اقتصار إدارة الصندوق على القطاع الخاص ضعف الحكومة، وتغول أصحاب رؤوس الأموال عليها.

وغابت عن إدارة الصندوق أي شخصية من قطاع غزة، مع أن الأرقام التي ساقها رئيس الصندوق، ورئيس الحكومة في رام الله، تشير الى أن عدد المتضررين من الجائحة في غزة فاق نظراءهم في الضفة المحتلة.

وانعكس تهميش غزة من الصندوق على نسبة المستفيدين منه من أبنائها إذ لا تتعدى 25% من اجمالي عدد المستفيدين، وذلك حسبما صرح رئيس الصندوق، مع أن الوقائع على الأرض تشير الى أدنى من ذلك بكثير.

وشاب آلية اختيار المستفيدين من الصندوق الكثير من اللغط، وهو ما ظهر جليا بترشيح واعتماد مكاتب حركة فتح لأسماء المتضررين، وتغييب الجهات الرسمية والنقابات عن الملف بشكل كامل.

ولم يكن للشفافية في العمل والرقابة على الصندوق أي مكان، عندما تعمد القائمون عليه ارسال رسائل عبر الجوال للمستفيدين، ولم ينشروا أي قائمة بأسمائهم، وحتى لم يعتمدوا أي رابط الكتروني لفحص أسماء المستفيدين، مما يثير الشكوك حول آليات وسبل الصرف.

ويبقى مصير صندوق وقفة عز مجهولا، فهل سيستكمل عمله؟ أم سينضم الى الكثير من الصناديق التي أنشأتها أو رعتها السلطة ومن قبلها منظمة التحرير وباتت جزءا من الأرشيف؟

من هنا حتى "يحمل البلد أهلها"، ونعرف كم دخل الى صندوق وقفة عز؟ وكم خرج منه؟ وكيف؟ سنبقى نقوله له: كيف الحال؟

البث المباشر