غزة – الرسالة نت
بعد اجتماع الرابع والعشرين سبتمبر الماضي , تستقبل العاصمة السورية دمشق مجددا لقاء يجمع وفدي "فتح وحماس" لمناقشة الملف الأمني الذي يعتبر من أكثر الملفات تعقيداً في مشوار المصالحة , فتساؤلات كثيرة تصاحب أجواء اللقاء المنتظر غدا.
فقبل اقتراب موعد اللقاء بأيام رفض رئيس السلطة المنتهية ولايته "محمود عباس" اقتسام ومشاركة حركة حماس في أجهزة الضفة الأمنية، قائلاً: "إن الأمن لا يمكن إلا إن يكون بيد واحدة ومرجعية واحدة وقيادة واحدة وأن اقتسام الأمن في غزة والضفة أمر مرفوض وغير مقبول إطلاقا".
أما "حماس" فقد شددت على أن الملف الأمني هو جزء لا يتجزأ من الاتفاق وهو القضية الوحيدة الذي سيدور في حوار دمشق، مشيرة إلى أن بناء الأجهزة الأمنية يجب أن يتم بالتوافق وبالشكل الذي يرضي الجميع.
تصفية حماس
وفي هذا الصدد، يرى محللون سياسيون أن لقاء الغد لن يسفر عن اختراق حقيقي في الملف الأمني , لاسيما مع تواصل التزامات سلطة فتح الأمنية مع الاحتلال, مؤكدين في أحاديث منفصلة "للرسالة نت" أن رفض مشاركة حماس في الملف الأمني مؤشر واضح على بقاء نية لدي سلطة فتح بالتعاون مع الاحتلال لتصفية المقاومة بالضفة.
المحلل السياسي عادل سمارة أكد أن أجهزة فتح الأمنية تسعى إلى تصفية المقاومة وعلى رأسها حركة حماس, قائلا: " كيف يسمحوا لحماس التحكم بعدوها وأن يكون لها سلطة على الأجهزة التي جاءت لتصفيتها".
ومن جهته أشار المحلل السياسي خليل شاهين، إلى أن الملف الأمني ينطوي على إشكاليات تكمن في فتح باب المحاصصة بين الحركتين في إطار المؤسسة الأمنية بالضفة وغزة , بالإضافة لوجود اختلاف يصل لدرجة التناقض في بنية ورسالة ووظيفة الأجهزة ".
وقال: المشكلة تكمن في كيفية الاتفاق على وظيفة ودور الأجهزة , فالاتفاق على الدور الوظيفي للمؤسسات الأمنية يفتح المجال أمام الاتفاق على القيادة والمرجعية الموحدة ".
في حين يؤكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح البروفيسور عبد الستار قاسم، ان "إسرائيل" وكافة الأنظمة العربية الرسمية ومن بينها مصر لن يوافقوا على مشاركة حماس بأمن الضفة كون ذلك يتعارض مع مصالحهم ومشاريعهم الأمنية بالمنطقة ".
يذكر أن "فتح وحماس" أكدتا أنه في حال تم التوصل لحلول حول ملف الأمن، سيتم الذهاب إلى مصر راعي حوارات المصالحة للتوقيع على الورقة المصرية التي طرحتها القاهرة في شهر تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي، إلى جانب ورقة التفاهمات الفلسطينية الداخلية.
قلب الطاولة
وفيما يتعلق بتهديدات الاحتلال باستهداف قادة الأجهزة الأمنية بالضفة في حال مشاركة حماس فيها، يقول سمارة : تهديدات الاحتلال تهدف لمنع مشاركة الحركة في الملف الأمني، إضافة إلى أنها تظهر أن هناك أطرافاً أخرى غير معينة بتحقيق المصالحة، ما يعني أنهم يسعون إلى تصفية حماس وليس مشاركتها، مؤكدا أن التصريحات الأخيرة وتحديدا من قبل عباس والكيان في هذا الصدد ستقلب طاولة المصالحة .
وفي هذا الصدد يري شاهين، أن "إسرائيل" تخشى أن يؤدي الحوار الفلسطيني إلى إعادة تعريف وظيفة المؤسسة الأمنية ورسالتها تجاه تعزيز أن الصمود الفلسطيني في مواجهة الاحتلال وليس التنسيق الأمني معه.
في حين يقول قاسم : يجب حل أجهزة الضفة حرصا على المصلحة العامة، وكما يجب على حماس الخروج علنا لتقول لا مصالحة مع وجود التنسيق الأمني مع الاحتلال بالضفة.
وكانت مصادر فلسطينية مطلعة أكدت أن الحكومة الصهيونية هددت سلطة فتح باعتبار أجهزتها الأمنية العاملة في الضفة أجهزة معادية في حال مشاركة حماس فيها أو في قيادتها.
لا حلول
وحول إمكانية التوصل لاتفاق أمني في لقاء دمشق ، توقع سمارة، أن يواجه اللقاء قنبلة أمنية تعيق التوصل لاتفاق بينهما, قائلا:" لا أعتقد أن يتم انجاز شي في الملف الأمني فاللقاء سيأخذ شكل العلاقات العامة بين حماس وفتح وليس السلطة وحماس ".
أما شاهين فقال:" أعتقد أن اللقاء سيشهد تخريجات وليس حلول أهمها الاتفاق على تشكيل لجنة أمنية عليا دون الدخول في تفاصيل ربما متعلقة ببناء الأجهزة الأمينة وإعادة تعريف رسالتها، بمعنى إننا أمام عملية توافقات حول إدارة الانقسام وليس إنهائه ".
بينما توقع قاسم عدم حدوث اختراق أمني في لقاء حماس وفتح غدا , قائلا:" ما دام التنسيق الأمني موجود فلا يمكن للمصالحة أن تحدث حتى لو حدث اتفاق بينهما فلن يطبق عمليا على الأرض ".
وكشفت مصادر صحفية وجود اتصالات بين المصريين وبعض الدول العربية لإقناع حماس بالتخلي عن مطالبتها المشاركة في الأجهزة الأمنية قبل إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في الأراضي الفلسطينية.
أربع نقاط
في الوقت ذاته أكدت حركة "حماس" أنها ذاهبة بقلب مفتوح وإرادة قوية للقاء المصالحة بدمشق، ولتحقيق الشراكة السياسية الكاملة وتوحيد الشعب الفلسطيني معنوياً وجغرافياً وسياسياً لمواجهة مخططات الاحتلال، مشيرة إلى أن هذا الأمر يحتاج إلى إرادة قوية وجهد كبير ومتابعة تامة.
وقالت الحركة على لسان عضو المكتب السياسي محمد نزال، : حماس لا تطالب باقتسام الملف الأمني مع فتح , مشددة على أنها لديها نقاط أربع تشكل موقفا وطنيا فلسطينيا ليتم تجاوز الملف الأمني.
وذكر نزال في تصريحات صحفية النقاط الأربعة التي وضعتها حماس لتجاوز الملف الأمني بان تكون الأجهزة الأمنية ذات أجندة وطنية وليست خارجية بحيث تقوم بتنفيذ مهامها في حفظ النظام والأمن للمواطن الفلسطيني وليس حفظ الأمن الإسرائيلي , لافتا إلى أن الأجهزة الأمنية تحولت أجندتها إلى حماية الاحتلال.
وأضاف: ثاني النقاط لا يجوز أن يتم اعتقال أي مواطن فلسطيني لموقفه أو رأيه السياسي وممارسته للمقاومة وهو ما يجري بالضفة , والثالثة تتمثل بعدم إخضاع الأجهزة الأمنية لإشراف وتوجيه جهات خارجية , أما الرابعة تتعلق بالتوافق على اختيار المنضمين إلى الأجهزة الأمنية ليكون الاختيار على أساس موضوعي مهني , مشددا على أن تلك النقاط يجب الاتفاق عليها وإيجاد آليات عملية لها بالنسبة للأجهزة الأمنية .
وذكرت مصادر إعلامية أن مدير المخابرات المصرية الوزير عمرو سليمان طالب أن تستبعد الأجهزة الأمنية من المحاصصة بين فتح وحماس وأن يتم التوافق على أن فتح هي من تدربها , منوهة أن هناك رفضا مصريا مطلقا لأن تكون حماس هي المسئولة عن ملف الأمن حتى في قطاع غزة , محذرة أنها لن تقف مكتوفة الأيدي في حال تمت المحاصصة في الملف الأمني .