على باب بيت الشهيد عاهد عبد الرحمن اخليل يجلس أطفال على العتبة الحزينة، ينكسون رؤوسهم، ويحتضنون وجوههم بين أكفهم، يدارون دمعة سقطت رغما عنهم، لأنهم منذ اليوم لن يروا وجه عاهد وهو يخرج كل صباح مبتسما مشرقا نحو أحلامه.
عاهد الذي افتتح مطعما للحلوى وسط بلدة بيت أمر قبل أسبوع واحد لم يكن الموت ضمن حساباته، بل كانت الحياة قد بدأت تتفتح أبوابها، وتذيقه شيئا من الأحلام، أحلام بطعم الحلوى التي يبيعها.
أُعدم عاهد بالأمس، بدم بارد، برصاصة على دوار عتصيون، وادعى الاحتلال أن عاهد كان يحاول القيام بعملية طعن.
ولكن عملية الإعدام لم تأت فجأة دون سوابق، وإنما أتت بعد أربع وعشرين ساعة من محاصرة واغلاق بلدة بيت أمر مقر إقامة الشهيد، بدعوى البحث عن مستوطن مخطوف، اتضح فيما بعد أنه كاذب.
ولأن سياسة التغول أصبحت نهجا لدى المحتل الذي أعطي الضوء الأخضر للدخول والتجول في البلدات التابعة للسلطة أعطاه ذلك مزيدا من الجسارة حد الوقاحة، قتل بكل حرية، وهكذا أطلق النار على عاهد بينما كان واقفا على دوار غوش عصيون الاستيطاني الذي يفصل بين محافظتي بيت لحم والخليل، وقد أكدت وزارة الصحة الفلسطينية حادثة استشهاده.
ادعى الاحتلال كعادته أيضا أن الشهيد كان يحمل سكينا، وبأنه كان ينوي القيام بعملية طعن، وقبل التأكد من النوايا كانت رسالة الجندي أسرع، فسقط عاهد هكذا شهيدا من شهداء الحواجز.
وقال شهود عيان ان الشاب عاهد قد شوهد وهو ملقى على الأرض بدون حراك، دون تقديم أي من الإسعافات الأولية، وقد أطلق الاحتلال النار عليه وهو سائر على قدميه، لم يكن في سيارته.
وقد تبنت حركة فتح الشهيد عاهد اخليل، ودعت للإضراب الشامل حدادا على روحه ولا زالت عائلته تقف على باب البيت تنتظر عودة الجثمان المحتجز وعودة والد الشهيد الذي استدعي للتحقيق بعد استشهاد ابنه.
رئيس بلدية بيت امر قال إن هذه الجريمة ليست الا امتدادا لما حدث قبلها بيوم من اقتحام عشرات الآليات العسكرية للقرية وإطلاق قنابل الغاز والرصاص الحي تجاه بيوت المواطنين دون سبب واضح فقط لمجرد إشاعة وكذبة أطلقها المستوطنين.
ويضيف: الشاب لم يكن ينوي القيام بأي عمل وفق اكذوبة المحتل، بل هو يبحث عن الحياة ويريد تحقيق أحلامه، وقد قام قبل أسبوعين بافتتاح مطعم للحلويات ولا زال في بداية مشروعه، ولا يمكن أن يكون شاب على هذا الحب من الحياة والسعي لتحقيق الأحلام أن يقبل على عملية طعن على حاجز وهو يعلم أنه سيدفع حياته ثمنا.
وتتعرض بلدة بيت أمر لهجمة استيطانية مسعورة من قبل الاحتلال بعد أن التهم الجدار الفاصل نصف أراضي البلدة لأهداف استيطانية فالبلدة محاطة بعدد من المستوطنات.
ويحد بيت أمر شريط استيطاني حيث تحاصرها شمالا مستوطنتي "أفرات" و"غوش عتصيون" التي التهمت ما يقارب 30% من أراضيها، بالإضافة إلى جدار الفصل الذي ابتلع مساحاتٍ ليست بالصغيرة من كرومها، كما توجد مستوطنة "بيت عين" بالجهة الشمالية الشرقية للبلدة ومن الجنوب مستوطنة "كرمي تسور" والتي أكملت سلسلة ابتلاع الأراضي، ولم يبق إلا اقتلاع السكان العرب منها حتى تكتمل خطة التهويد.