أن تعيش مرغما في كهف أو بيت من الشعر فأنت حتما تسكن خربة فراسين جنوب غربي مدينة جنين، وذلك قسرا بسبب الاحتلال الذي يحرم سكانها من تراخيص البناء ويسلمهم إخطارات الهدم دون أن يكترث لعمر تلك البيوت التي ورثوها عن أجدادهم.
حوالي 150 عاما هو عمر خربة فراسين التي تبلغ مساحتها 6672 دونماً، وتحيط بها أراضي قرى زبدة ويعبد وقفين والنزلة الشرقية والنزلة الوسطى ونزلة أبو نار، كما أنها ترتفع عن سطح البحر حوالي 200 متر، ويبلغ عدد سكانها ما يقارب 200 نسمة.
ومنذ عام 1967 خرج الكثير من أبناء المنطقة ليسكنوا القرى والمدن المجاورة وذلك لافتقارها لأبسط مقومات الحياة من كهرباء وشبكات للصرف الصحي، وبقي عدد من العائلات تحافظ على بيوت الأجداد ومنهم عائلة عمارنة وعبيد والتركمان وأبو بكر، والقول لمحمود عمارنة رئيس المجلس القروي فيها.
ويوضح عمارنة "للرسالة" أنه في مارس 2020 اعتمدت السلطة الفلسطينية خربة فراسين هيئة محلية، ومنذ ذلك الوقت يتعرض سكانها لمضايقات الاحتلال الإسرائيلي وهدم منازلهم، مبينا أن أحد البيوت وعمره أكثر من 200 سنة اقتحمه جنود الاحتلال قبل أيام وعاثوا فيه خرابا بحجج واهية.
وأكد أن الاحتلال يمنع السكان من استصلاح أراضيهم أو حتى بنائها لو من الصفيح، والسبب قربها من مستوطنتي حرميش وميبودوتان، اللتين تسببتا في مضاعفة معاناة أهالي قرية فراسين.
وبين أن طائرة استطلاع صغيرة تحوم فوق رؤوسهم لاستكشاف إذا ما تجرأ أحد واستصلح أرضه أو بيته، لتصل بعدها ما تسمى بالإدارة المدنية مدعومة بقوات عسكرية وجرافات، لتقوم بأعمال الهدم في المكان، أو تحذير المواطنين من القيام بأي إنشاء جديد.
وتجدر الإشارة إلى مستوطنتي أن حرميش وميبودوتان تبدوان معزولتين عن التجمع الاستيطاني المقام غرب محافظة جنين، ولذلك يسعى الاحتلال إلى تهجير سكان قرية فراسين لوقعوها بين المستوطنتين، وتدميرها ليربط بينهما وما بين التكتل الاستيطاني المتصل بمستوطنات فلسطين المحتلة عام 1948.
ويأتي ذلك في سياق عملية الضم لمنع إخلاء أي مستوطنة معزولة، كما أنها ستؤدي إلى فصل محافظة طولكرم تماما عن محافظة جنين، وهي السياسة التي يعتمدها الاحتلال لخلق كانتونات فلسطينية معزولة في الضفة مقابل تعزيز التواصل الجغرافي والبشري للكتل الاستيطانية.
وبحسب عمارنة فإن السكان يهربون إلى الكهوف كونها بناء طبيعي ولا يمكن للاحتلال هدمها، أما بيوت الشعر وهي خيام يسكنها المواطنون ليس فقرا بل لعدم تمكنهم من الحصول على تصريح بناء وليبقوا على أرض أجدادهم.
ولفت عمارنة إلى أن العائلات تسكن في بيوت متباعدة بحيث تمتلك كل عائلة حوالي 10 لـ 50 دونما، واصفا الحياة في خربة فراسين بالبرية والريفية حيث يستعين السكان بالقرى المجاورة في العيادات الصحية والمدارس وأماكن العبادة.
ويعود تاريخ فراسين الى مئات السنين، فقد كانت مسارا تجاريا يمر بقرية أم الريحان، ثم قرية زبدة وخربة فراسين، مرورا بالجنوب الفلسطيني إلى مصر عبر التاريخ.