في الوقت الذي تتجهز فيه قوائم الانتخابات التشريعية المزمع عقدها مايو المقبل، أصدر رئيس السلطة محمود عباس قرارا بقانون رقم (7) لسنة 2021، بشأن تعديل قانون رقم (1) لسنة 2000 بشأن الجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية وتعديلاته.
وبمجرد الإعلان عن القانون، سادت حالة من الرفض من قبل الحقوقيين لما فيه من ذبح للمؤسسات الأهلية ومحاكاة للنموذج المصري، كونه يحيل مؤسسات المجتمع المدني إلى موظفين تابعين للسلطة التنفيذية وينفذون تعليماتها وخططها.
كما ويعتبر القانون المعدل، استمرارا للنهج القائم على الإقصاء وتقييدا للحريات العامة وخاصة حرية تشكيل وعمل الجمعيات إضافة إلى إعاقة عملها ودورها الحيوي في حماية حقوق الإنسان وتحقيق المصالح المجتمعية.
ونشرت الجريدة الرسمية "الوقائع الفلسطينية"، التعديلات التي طرأت على القانون رقم (7) سنة2021، فقد تم تعديل المادة 13 من القانون الأصلي لتقدم بموجبه الجمعية أو الهيئة للوزارة المختصة، خطة عمل سنوية وموازنة تقديرية للسنة المالية الجديدة منسجمة وخطة الوزارة المختصة".
كما و"تقدم الجمعية أو الهيئة تقريرا ماليا مصدقا من قبل مدقق حسابات قانوني أو جهة تدقيق معتمدة، ويتضمن بشكل تفصيلي كامل إيرادات ومصروفات الجمعية أو الهيئة حسب الأصول المحاسبية المعمول بها، ويوضح بيانات تفصيلية ومؤشرات حول الأثر الناتج عن مشاريع ونشاطات السنة المالية".
وعدل القرار بقانون، المادة رقم 30 من القانون الأصلي، ليضيف إليها بندا جديدا ينص على أنه "لا يجوز أن تزيد رواتب الموظفين والمصاريف التشغيلية في الجمعية أو الهيئة عن 25 % من إجمالي الميزانية السنوية".
كما وعدلت المادة 33 فيما يخص جمع التبرعات من القانون الأصلي، لتنص على أنه "يحق للجمعيات والهيئات جمع التبرعات من الجمهور أو من خلال إقامة الحفلات والأسواق الخيرية والمباريات الرياضية أو أي من وسائل جمع الأموال للأغراض الاجتماعية التي أنشئت لنظام يصدر عن مجلس الوزراء يحدد فيه شروط وأحكام المساعدات غير المشروطة من أجلها، وفقا لجمع التبرعات".
وعدل القرار بقانون الجديد، المادة 39 من القانون ذاته، بحيث أصبحت: إذا حلت الجمعية أو الهيئة تقوم الدائرة بإجراءات التصفية أو تعيين مصف بأجر لها، بما في ذلك بالتصفية للوزير، ويحيل الوزير أموال الجمعية أو الهيئة المنحلة المنقولة أو غير المنقولة إلى الخزينة العامة لدولة فلسطين أو جمعية أو هيئة فلسطينية مشابهة لها في الأهداف، ويستثنى من عملية الإحالة المحددة معاشات ومكافآت وحقوق موظفي الجمعية أو الهيئة المنحلة.
وعٌدلت المادة 40، لتراعي أحكام القانون الواردة في القرار بقانون بشأن التعديلات، كما ويجب على الجمعيات والهيئات التي تقدم خدمة مهنية خاصة؛ تطبيق تعليمات التسجيل المهني التي تحددها الوزارات المختصة، ويصدر مجلس الوزراء نظاما يحدد فيه الرسوم التي يجب دفعها عن أي طلبات جديدة تقدمها للوزارة، إذا لم تكن مشمولة بالرسوم المبينة.
إجراءات التصفية
وفي هذا السياق يقول الحقوقي عصام عابدين بمجرد اطلاعه على القانون:" اتباع نهج السرية الكاملة في تعديل قانون الجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية يشكل عدواناً سافراً على الحق الأساسي للناس في تكوين الجمعيات المكفول في القانون الأساسي الفلسطيني (الدستور) والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ويُحيل مؤسسات المجتمع المدني إلى موظفين تابعين للسلطة التنفيذية يتلقون الأوامر منها وينفذون تعليماتها في خططهم وبرامجهم والموازنات المالية والأثر".
وأضاف في منشور له عبر الفيسبوك نقلته "الرسالة":" القانون الجديد يُحطّم مؤسسات عريقة استثمرت سنوات في بناء كوادرها الوطنية ويتحكم في ميزانياتها، ويُحيل العمل الأهلي وتاريخه في فلسطين إلى مقاولات ومشاريع تجارية".
وأكد أن القانون المعدل يسيطر على العنوان المالي للمؤسسات الأهلية ويمنح مجلس الوزراء ووزارة الداخلية سلطات واسعة للتحكم في شروط وأحكام المساعدات غير المشروطة والتبرعات بنظام يصدر عن مجلس الوزراء.
وأوضح عابدين أن القرار ينص على نظام آخر للجباية المالية (الخاوة) التي يجب أن تدفعها المؤسسات الأهلية في تعاملاتها مع وزارة الداخلية القائمة أساساً على انتهاك الأخيرة (وزارة الداخلية) للدستور والقانون والمعايير الدولية، بالإضافة إلى أنه يمنح وزارة الداخلية صلاحيات أن تقوم هي بنفسها بتصفية المؤسسات الأهلية وإجراءات التصفية بعد أن يتم حلها ورفع تقرير بذلك إلى وزير الداخلية لإحالة أموال المؤسسات إلى الخزينة العامة.
وأكد أن الجمعيات الأهلية أمام "قرار بقانون ذبح المؤسسات الأهلية" ومحاكاة كاملة للنموذج المصري في الحالة الفلسطينية، لاسيما بعد تدمير السلطة التشريعية، والسلطة القضائية، قرار بقانون تدمير المجتمع المدني، في نظام دكتاتوري يحتقر الجميع ولا يرى سوى نفسه.
وتوقع ن يتم التغاضي عن أزلام هذا النظام فقط من المؤسسات في التطبيق العملي مقابل المزيد من التبعية والخنوع.
ووصف نظام السلطة بالدكتاتوري الذي يستغل عطش الناس للانتخابات والتغيير والخلاص؛ ويُنفِّذ سياسة الأرض المحروقة بالكامل.
الصلاحيات الرقابية
كما وطالبت الهيئة الدولية (حشد) بإلغاء قرار بقانون رقم 07 لسنة 2021 المعدل لقانون الجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية، معتبرة أن القرار بقانون قيود غير مبررة وغير دستورية على عمل منظمات المجتمع المدني، فيفرض عليها تقديم خططها السنوية وموازنتها إلى الوزارة المختصة.
ووفق ما أوردته حشد في بيان صحفي، فإن القرار المعدل يفرض على الجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية الحصول على موافقة مسبقة للقيام بجمع أي تبرعات، إضافة إلى تقيد عمل الجمعيات المهنية بجعل الرواتب لا تزيد عن 25 % وكذلك تسهيل حل الجمعيات في حال المخالفة وجعل ذلك رهن بإرادة السلطة وليس مجلس الإدارة والجمعية العمومية إضافة إلى جعل أموال الجمعيات في حال التصفية تذهب للموازنة العامة.
وتؤكد حشد على أن القيود في القانون تشكل توسعا في الصلاحيات الرقابية الثقيلة للسلطة التنفيذية إزاء عمل الجمعيات الخيرية وتدخل سافر في حرية عمل الجمعيات والمؤسسات الأهلية.
وأشارت إلى ضرورة الابتعاد عن الممارسات التقييدية بما يضمن تمكين وحماية عمل الجمعيات وفقا لما كفله القانون الاساسي والمعايير الدولية لحقوق الإنسان التي وقعت عليها دولة فلسطين.
وعبرت الهيئة الدولية (حشد) عن استغرابها لتوقيت صدور القرار بقانون المعدل لقانون الجمعيات، لاسيما أنه يتزامن مع بدء إجراءات العملية الانتخابية، التي تلعب فيها المؤسسات دوراً واضحاً إما بنشر الوعي الانتخابي أو الرقابة على العملية الانتخابية.
وطالبت عباس بالكف عن إصدار القرارات بقانون وخاصة التي تفتقر إلى الضرورة، بالإضافة إلى الإلغاء القرار بقانون المعدل لقانون الجمعيات الخيرية.