" قبل زواجي قضيت عاما ونصف وأنا أحاول أن أنقل محل إقامة خطيبتي من رام الله إلى قرية بيت أكسا، ووكلت لأجل ذلك محاميا، لأنني لو تزوجتها دون أن يكتب في هويتها أنها من المقيمين في بيت اكسا، لن تستطيع الدخول إلى بيتنا".
هذه حالة لأحد المقيمين في قرية بيت إكسا التي لا نعرفها كثيرا، القرية الأسيرة كما يقول عنها سكانها، وهم يحكون للعالم حكايتهم.
فعلى تلة عالية مغطاة بأشجار البلوط تفصلها عن القدس تسعة كيلو مترات من شمالها الغربي تقع القرية، وتتربع على موقع مهم يربط بين رام الله والمدينة المقدسة قبل أن يعتقلها الاحتلال كما يعتقل الفلسطينيين، وذلك من خلال بنائه لجدار الفصل العنصري.
لم تُضم القرية إلى القرى التي أكلها الجدار، بل فصلت ببوابة حديدية وبكثير من القوانين التي فُصّلت لها وحدها.
يمكنك القول وأنت تدخل عبر بوابة الأسلاك الشائكة بأنك تدخل إلى معتقل عبر بوابة تخضع للرقابة والتفتيش وبتصريح دخول، فتفتح وتغلق حسب الأوراق والأرقام المكتوبة وبمواعيد محددة.
سعادة الخطيب رئيس مجلس قروي بلدية بيت إكسا يقول: "منذ العام 2008 بدأت (إسرائيل) في نصب حواجز مؤقتة على مشارف القرية وفي عام 2010 نُصب حاجز دائم على بعد أربعة كيلومترات شمال غرب مركزها باتجاه القرية المجاورة لها".
ويكمل الخطيب: "يتمدّد هذا الحاجز على المدخل الوحيد لبيت إكسا. ومنذ ذلك الحين والاحتلال يحظر دخول القرية أو الخروج منها بشكل طبيعي باستثناء السكان الأصليين.
وهناك حاجز عسكري على مدخل القرية يمنع الضيوف من الدخول إلا بتصريح من مجلس القرية، فهي قرية معتقلة لها معبرها الخاص وفي الصباح يتشغل الجنود بسكانها عبر دخولهم وخروجهم في الموعد المناسب لأعمالهم، فيحتجزونهم على البوابة لساعات طويلة دون مبرر.
ابتلع الاحتلال جزءا من أراضي القرية لصالح مستوطنة راموت ألون المبنية شرق القدس والجزء الآخر لصالح المشاريع التجارية الخدماتية الاستيطانية.
عادت بيت اكسا في الخمسينيات باتفاقية (إسرائيلية) اردنية "لتبادل الأراضي" وعادت لمسؤولية الأردن، وعاد بعض سكانها، وفضل أخرون أن يظلوا مستقرين بالأردن بالقرب من مصالحهم.
صادر الاحتلال جزءا كبيرا من أراضي القرية في عام 2010، والمقدرة بخمسين دونمًا لصالح القطار السريع من القدس إلى (تل أبيب).
ثمانون بالمائة من أهل القرية مهاجرون إلى أوروبا وأمريكا ولم يبق من سكانها الأصليين الا 2000 مواطن يصرون على الحياة هناك والثبات على أراضيهم، رغم ما يتعرضون له من تضييق على يد الاحتلال خاصة عبر بوابة المعتقل في خروجهم وعودتهم واستقبالهم لضيوفهم
ما جعل القرية مكانا معزولا عن البشر.
بالإضافة إلى ذلك، تزيد القيود من صعوبات وصول العمال والموردين والخدمات الأساسية إلى القرية، الأمر الذي يجعل مجلسها القروي عاجزا عن إدارة شؤونها كما ينبغي بسبب هذا الاعتقال التعسفي.