غازات مسيلة للدموع، ورصاص مطاطي، وجيبات عسكرية يقودها جنود إسرائيليون باتجاه الشبان المقدسيين تثير الفزع بالنسبة للمشاهد حين يتابعها عبر وسائل الاعلام، لكن في حقيقة الامر "لا شيء" بالنسبة للثائرين هناك.
"هاد جيل الببجي" هكذا وصف أحد حراس المسجد الأقصى ومدرس التربية الإسلامية الثائرين في محيط المسجد الأقصى، مفسرا قوله بأن هذا الجيل الذي حاول المحتل ابعاده عن المساجد وحضارته وثقافته ليكون ضعيفا لكنه أثبت عكس ذلك فهو عنيد لا يرى سوى أنه صاحب الأرض والقدس والأقصى دون الاكتراث للاحتلال وجنوده المسلحين.
ويوضح أنه من خلال عمله في المدرسة فهو يرى طلاب الجيل الجديد عنيدين وعنيفين في الدفاع عن مقدساتهم، ولا يسمحون لأي جندي (إسرائيلي) أن يستفزهم.
ويحكي أنه مع كل مرة يحاول المحتل حرف الشباب المقدسي عن مقدساته، سرعان ما يحدث شيء ويتم استثمار طاقاتهم في الدفاع عن حقهم كما حدث في هبة البوابات وباب الرحمة واليوم في باب العامود.
ويصف مشاهد الشباب الثائر قرب باب العامود قبل أيام وكأنهم "حبات فلافل تغلي في الصاج" لا يستطيع أحد السيطرة عليهم من شدة الغليان فيقفزون هنا وهناك، ولا يستطيع أحد التركيز معهم وهم يسخرون من الجنود الإسرائيليين.
ويروي حارس الأقصى "للرسالة" ما تلتقطه عينه خلال تواجده على بوابات المسجد الأقصى، ويقول:" الان اتحدث معكم وقت صلاة العشاء وأحد الشباب يدخل من باب العامود ينظر إلى الجندي مستفزا إياه ويردد "خليك واقف زي الكلب هان"، ثم يدخل مسرعا إلى باحة الأقصى ويدرك أن الجندي لا يمكنه الدخول وقت الصلاة.
ويستذكر مشهدا آخر لحادثة تتكرر دوما، وهي حين يطلب الجندي من الشباب البطاقات قبل الدخول للمسجد الأقصى، يقف الشاب مستهزئا بالجندي فيساله "شو اسمك، من أي بلد انت، ليش انت اسمر؟، شو اسم المجندة اللي جنبك؟ قديش راتبك؟ معك سيجارة، وحين يجيب الجندي عن راتبه يرد الشباب مستهزئا وبسخرية "يا حرام كتير قليل، ايش رأيك تيجي تشتغل عند أبو فلان بعطي فلوس أكتر".
ويرجع حارس الأقصى استفزاز الشباب المقدسيين للجنود الإسرائيليين الذين يلاحقونهم، إلى أنهم يدركون جيدا نفسية الجنود الهشة خاصة من الناحية المادية، مشيرا إلى أن الشركات الإسرائيلية المتخصصة ترسل الطعام للجنود ويكون باردا، فتعابير وجوههم سرعان ما يلمحها الشبان ويبدؤون بالسخرية منهم.
ويشير إلى كيفية تلاعب الشبان بنفسية الجنود، فهم يستغلون أي حادثة لجعل الجندي حزينا على وضعه، مستذكرا أحد المواقف "حين يتناول الجندي طعامه باردا سرعان ما يخرج الشبان قهوتهم الساخنة لإغاظة الجنود ويعلقون "امي عملت طبخة سخنة جابتلي إياها عالاقصى وانت مرمى زي الكلب".
وفي وقت الاشتباكات التي تحدث صيفا، يبقى الجنود على بوابات الأقصى يتصببون عرقا، بينما يقفز الشباب على المدرجات وفي الباحات ويحملون قطع البطيخ لإغاظة الجنود، كما يحكي حارس الأقصى.
وأحيانا يستدرج الشبان المقدسيون الجنود للحديث عن أوضاعهم المادية وجعلهم يسترسلون في شتم وقذف حكومتهم، ثم يبدأون بالسخرية منهم والعمل على اضعاف نفسياتهم بحجة أنهم يهونون عليهم فيرددون "معلش انتو كلاب تحملوا".