ليست القصة وليدة اليوم أو الأمس أو قبل شهر أو عام وإنما هي مأساة بدأت قبل أربعين عاما، لمهجرين فلسطينيين يريد الاحتلال تهجيرهم للمرة الثانية.
أتى فلسطينيو الشمال إلى حي الشيخ جراح منذ أربعين عاما بعد تهجير الاحتلال لهم من حيفا ويافا، فأعطتهم وكالة الغوث بيوتا في حي الشيخ جراح الذي كان مخيما بالبداية، ثم بالاتفاق بين الأونروا والأردن في عام 1956 بني حي الشيخ جراح على مساحة 808 دونمات.
(إسرائيل) التي تحسن اختلاق الروايات التاريخية وضعت مخططا في عام 1972 تتصدره روايتها الكاذبة التي تقول إن أرض الجاعوني في حي الشيخ جراح هي ملك لعائلة يهودية منذ القرن التاسع عشر، وهي الآن تريد استرداد ما تمتلكه.
ويعيش في كرم الجاعوني، في حي الشيخ جراح شمال القدس، أكثر من مائة عائلة فلسطينية، جميعهم من عائلات الكرد والجاعوني والقاسم واسكافي ويقيمون على قطعة أرض تبلغ مساحتها 18 دونماً، تضم 29 بناية، يسعى الاحتلال لإخلائها تمهيدا لبناء حي استيطاني.
وتعتبر هذه المؤامرة الاستيطانية أكبر عملية سلب في مدينة القدس منذ احتلالها.
ومنذ عشرين عاما تناضل تلك العائلات الأربعة لأجل وقف تهجيرهم ولكن الجلسات القانونية في المحاكم انتهت كالعادة لصالح المؤسسات الاستيطانية.
وبدأ الاحتلال بتنفيذ خطته على مراحل، أولها في عام 2008 بتهجير عائلة أم كامل الكرد من منزلها في حي الجاعوني بالشيخ جراح، ثم في عام 2009 هجرت عائلتي الغاوي وحنون، ثم أكل المستوطنون في نفس العام نصف منزل نبيل الكرد في حي الشيخ جراح.
وفي مطلع عام 2021، أصدرت محكمة الاحتلال قراراً جديداً يقضي بإعطاء 4 عائلات موعدا حتى الثاني من مايو القادم لإخلاء منازلهم، و3 عائلات أخرى حتى أغسطس القادم.
وحتى الآن لم ترد الأردن على مطالبة عائلات الشيخ جراح بتقديم تلك الاتفاقية التي وقعت بينها وبين الأردن وبموجبها يمكن إثبات الحق بملكية الأهالي لأراضيهم وبيوتهم في الحي.
وقد نفذت سلطات الاحتلال الصهيوني ستة مشاريع استيطانية في حي الشيخ جراح كان أشهرها هدم منزل المفتي أمين الحسيني، واستبداله بمشروع المفتي وهو مشروع استيطاني يضم 200 وحدة سكنية.
وتسعى (إسرائيل) من خلال مشاريعها إلى قطع حلقة الوصل التي كانت بين أحياء القدس الشمالية؛ مثل شعفاط وبيت حنينا وقرى شمال غرب القدس مع البلدة القديمة وسفوح جبل الطور.
ويرى خبير الاستيطان والخرائط خليل التفكجي أن حي الشيخ جراح يمثل حجر عثرة في وجه العديد من المشاريع الاستيطانية لعزل شمال القدس عن البلدة القديمة.
ويقول التفكجي إن سلطات الاحتلال تسعى إلى تحويل الحي إلى منطقة استيطانية يسكنها اليهود الحريديم ومن خلالها ستتصل الاحياء الاستيطانية شرقي القدس بغربيها وكل ذلك لتشكيل كتلة استيطانية فاصلة لقرى وأحياء شرقي القدس والضفة الغربية عن البلدة القديمة.