قائد الطوفان قائد الطوفان

كريم يونس حراً.. أربعون عامًا من الأسر والمعركة لم تنته بعد

كريم يونس حرا
كريم يونس حرا

الرسالة نت-رشا فرحات

خرج اليوم، بعد انتظار أربعين عاما، ألقته قوات الاحتلال في منطقة خالية فجرا على أطراف قريته عارة في الداخل المحتل، وهكذا تفعل مع تحرير كل أسير من أسرى الداخل.

هذا كريم يونس الذي لم يذكر اسمه في أي صفقة لتبادل الأسرى، سمع عن اتفاقيات كثيرة تمت بعيدا عنه، منذ أوسلو، خرج كثيرون وهو وحده أكمل ساعات اعتقاله حتى الدقيقة الأخيرة من العمر، فخرج اليوم وهو ابن الثانية والستين.

بالقرب من قبر والدته الذي توجه له فور الإفراج عنه، قال في لحظة تأمل وهو يسقط جبينه على حجارة القبر:" اقتحموا عليّ السجن ليلا ونقلوني بشكل مفاجئ من الزنزانة، ثم إلى مركبة وتركوني عند أقرب محطة للباصات وقالوا لي اذهب إلى عارة".

وهكذا كان على الغائب العائد أن يعود وحده، يسأل عن الطريق، ويتأمل الجدران والطرق التي تغيرت، ويعود بعد أن استغاث بعمال يقفون في المحطة: "وجدت بعض العمال الفلسطينيين واتصلت بأهلي من هواتفهم حتى وصل أشقائي".

وأضاف: "اليوم استنشقت الهواء، رأيت الشمس لا أعرف أن أحدد مشاعري، ولا أعرف كيف أصفها، لا أشعر بأي شيء حاليًا".

البيت الخالي

إلى البيت الجميل الذي كانت تنتظر في باحاته أم يونس، وصل كريم وقد شيد له أشقاؤه منزلا في حي المسقاة في عارة، وجمعوا فيه مقتنيات والدته ووالده اللذين توفيا قبل رؤية ابنهما كريم محررا.

 نظارة والد الأسير الحاج يونس فضل يونس الذي غيبه الموت في الذكرى الثلاثين لأسر كريم، وكان ذلك في 6 كانون الثاني/ يناير 2013 لا زالت تنتظره على الطاولة.

ما تبقى من أثر للوالدة الصابرة صبحية يونس لا زال على حاله، تركته ورحلت في شهر أيار/ مايو 2022، بعد عمر طويل قضته في التنقل بين السجون وهي تعد الشعرات التي تبيض يوما بعد يوم في رأس ابنها، وتغالب وجع قدميها وشيخوختها، لعلها تدرك اليوم الذي تحلم به، ولم تدرك.

شقيقه نديم يونس عبر عن فرحة منقوصة في مقابلة معه قائلا: "هذه وإن كانت عودة جزئية فهي تحمل الكثير من المعاني، والسجن ما بسكر على حدا، ولا زال في عقله استمرارية للنضال وقد ترك خمسة آلاف أسير وراءه، ولن ينساهم حتى يوم العودة وتحرير الأسرى".

اليوم تبدو المشاعر مختلطة، لا تشبه الفرحة الحقيقية، فكريم يونس محاط بازدحام لا يستطيع وصفه، وقد توجه أول ما توجه إلى المقبرة فزار قبر أمه أولا، وبكى بكاء كان يخبئه منذ يوم رحيلها، وهي التي لم تستطع الانتظار فرحلت قبل حريته بأشهر قليلة.

ثم على كريم يونس أن يزور والدة رفيق أسره ماهر يونس في قرية عارة بمنطقة المثلث الشمالي، وشريك المهمة، والمحكوم مع ابن عمه كريم، وهو ثاني أقدم أسير فلسطيني.

أبناء إخوة

كانت الأحضان دافئة، والوجوه المجهولة حوله محببة وإن لم يعرفها، حلم تحقق وإن كان بعد طول أيام وعذاب، وقال شقيقه نديم "طوال الوقت كنت ألتقي كريماً من خلف الزجاج أو القضبان، لكن هذه المرة سيكون اللقاء مختلفا، أول لقاء دون زجاج أو قضبان سأحتضنه وأشعر بجسده بين يدي"

ولد أبناء إخوته جميعا وهو في الأسر، رآهم على فترات متقطعة متباعدة في زيارات سمحت لبعض منهم دون لآخرين، فتح باب السيارة في استقبال الغائب، شاب في العشرين يردد: "أنا وسيم يا خالي، وسيم، قبل أن يعانقه".

جيش من الأطفال، أصبحوا شبابا، منهم من تزوج، لم يقابلوا عمهم أو خالهم، بين هؤلاء الأطفال الطفلة يمنى يونس (11 عاما) ابنة نديم يونس شقيق الأسير كريم يونس، التي تنتظر رؤية عمها كريم بفارغ الصبر، حتى تتجول معه وتأكل وتتعلم منه.

ولا يبدو بعد هذه الحرية أن معركة كريم يونس قد انتهت، فهناك احتلال يعتصر الأنفاس حتى النقطة الأخيرة من الدم، فبالأمس نقلت وسائل إعلام عبرية، أنباءً عن تقديم وزير الداخلية (الإسرائيلي) "أرييه درعي" طلبًا لسحب الجنسية (الإسرائيلية) من الأسيرين كريم وماهر يونس.

 وأوضحت القناة 12 العبرية أن "درعي" تقدّم بطلب إلى المستشارة القضائية للحكومة (الإسرائيلية) لممارسة سلطتها بسحب الجنسية من الأسيرين كريم وماهر يونس، هذا يعني أن معركة كريم يونس لم تنته بعد.

البث المباشر