قائد الطوفان قائد الطوفان

وصال "مُفتشة بيئية" لا تثنيها تهديدات المُنتهكين "المُتّنفذين"

غزة- الرسالة نت

لم تندم وصال رسلان ولو لحظة على اختيار طريق صعب تحفّه المتاعب والمخاطر التي قد تصل في بعض الأحيان إلى تهديد حياتها الشخصية.

وصال تبلغ من العمر (32 عامًا) من بلدة بدرس شمال غرب رام الله، تعمل مفتشة بيئية في سلطة جودة البيئة منذ سبع سنوات، ولا تألُ جهدًا في رصد وتوثيق الانتهاكات.

هذه الفتاة خريجة "جامعة النجاح" تخصص "كيمياء تطبيقية"، تتواجد في الميدان، وسط السهول والجبال والوديان، ولا تهتم لأحوال الطقس سواء كانت حارة ملتهبة أم شديدة البرودة، همّها الوحيد الحفاظ على البيئة والحد من الانتهاكات التي تقع بحقها.

حرص وحذر

تكمن أهمية عملها في تسليط الضوء على المشاكل والاعتداءات بحق البيئة الفلسطينية، ومنع هذه التعديات، إضافة إلى رفع درجة الوعي والالتزام لدى المنشآت الصناعية والأفراد من أجل بيئة مَحمية نظيفة مستدامة.

تقول وصال: "كل مكانٍ أزوره لرصد الانتهاكات أشعر وكأنني أعيش فيه، وأسعى إلى تجنيبه انتهاكات التلوث، ولا يمكن أن أقبل بأي شكل تلوث الأماكن التي نعيش فيها، لذا لا أتوانى عن ملاحقة مرتكبيها".

فيما يؤرقها كثيرًا التفكير في حلول فعالة للانتهاكات البيئية والبحث عن طرق للتخلص منها أو الحد منها، لما تشكله من أضرار على الصحة والبيئة.

مضيفة: "عملنا شاق ويتطلب جهدًا مضاعفًا، وهناك بعض الانتهاكات التي أتعامل معها تتطلب أقصى درجات الحرص، كون المتعاملين معها متنفذّين وخارجين عن القانون".

وتشير إلى الصعوبات التي تواجهها أثناء القيام بمهمتها في التصدي لبعض المعتدين على البيئة، "وبخاصة من يُهرّبون النفايات من داخل الأراضي المحتلة عام 48، "لأن التعامل معهم ينطوي على خطورة أحيانًا" تقول وصال.

فلا بد أن يأخذ القائمون على هذا العمل حِذرهم، من أجل الوصول إلى بعض الأماكن والمواقع التي يجري فيها الانتهاك، موضحةً: "معظم المواقع التي تحدث فيها انتهاكات بيئية تُصنف بمناطق (ج) حسب اتفاقات أوسلو (تقع تحت السيطرة المدنية والأمنية الإسرائيلية الكاملة)، وطبيعة الانتهاكات تتطلب مرافقة من قبل الشرطة والضابطة الجمركية والأجهزة الأمنية، وذلك يحتاج إلى "تنسيق أمني"، وفي معظم الأحيان يتأخر إذن التنسيق، ما يؤجل إنجاز الأعمال وبالتالي تستمر الانتهاكات وقتًا أطول".

ليست مجرد وظيفة

تؤكد المفتشة الشُجاعة، تعرضها لتهديدات من قبل منتهكي البيئة جراء رصدها لمخالفاتهم، ما يجعل حياتها عرضة للخطر لا سيما من المتّنفذين.

وتخبر مراسلة "آفاق البيئة والتنمية": "تلقيت اتصالات تطلب مني صراحةً، التوقف عن رصد الانتهاكات ورفع الشكاوى، كما وصلتني أيضًا وفي أكثر من مرة بواسطة بعض المقربين، تحذيرات من ملاحقة المعتدين بحق البيئة، حفاظًا على سلامتي".

وتؤكد أن هذه الضغوطات والتهديدات لم ولن تثنيها عن مواصلة رصدها للانتهاكات البيئية التي يقوم بها بعض من أجل المال، ضاربين عرض الحائط بالآثار السلبية التي تلقي بظلالها على البشر والحجر والشجر مستقبلًا.

"ألا تشكل هذه الضغوطات مصدر قلق لك؟".. تجيب بـــ "لا" حادة وجريئة: "قطعًا لا، سأستمر على المنوال ذاته: أتواجد في الميدان وأؤدي واجبي بإخلاص ولا ألتفت إلى أي ضغط أتلقاه، ومن جهة أخرى سألاحق كل من تسول له نفسه بإلحاق ضرر بالبيئة والمواطنين (...) أؤمن أن عملي ليس مجرد وظيفة، وهذا ما يلقي على عاتقي مسؤولية كبيرة".

وعالميًا، "كان عام 2016 الأسوأ بالنسبة لنشطاء حماية البيئة والطبيعة، إذ قُتل خلالها 200 ناشط في مناطق مختلفة من العالم، بمن فيهم مفتشون في المحميات الطبيعية والحدائق الوطنية، وفي عام 2015 قُتل 185 ناشطًا بيئيًا في 16 دولة، بينما قُتل 100 ناشط في 2017، وفي 2018 بلغ عدد القتلى 164" (آفاق البيئة والتنمية، العددان 98 و119).

وتختم حديثها: "الثقة بالله دائمًا ثم دعوات الوالدين يشدان من أزري، وذلك كله يمدني بالإصرار أكثر على رصد الانتهاكات البيئية".

 

المصدر: آفاق البيئة

 

 

البث المباشر