قائمة الموقع

المفصولون من وظائفهم بالضفة.. من لهم؟

2010-11-25T18:12:00+02:00

الضفة الغربية- لمراسلنا

بدت علامات الشيخوخة تغير ملامحه قبل أوانها، جسد مترهل وشعر شائب.. وعيون ذابلة يملؤها الحزن والحيرة، يفضل الصمت طويلا وهو يفكر بما حصل له ولأولاده الخمسة، كان يعيش حياة سعيدة علها جاءت من اسمه "سعيد"، عمل موظفا طيلة خمسة عشر عاما، يربي الأجيال ويزرع في نفوس الطلبة القيم والأخلاق وحب الوطن، لكنه وقبل سنتين صدم بقرار فصله من وظيفته بشكل تعسفي، دون سابق إنذار.

تحولت حياته لجحيم لا يطاق، فالظلم صعب على النفس الأبية أن تقبله، سعى بكل السبل المتاحة أمامه لعدم تطبيق القرار ، لكن ظلم ذوي القربى أعند وأقسى من أن يشفع لجوع الأطفال وتحطيم أحلامهم.

يتحدث سعيد لـ"الرسالة نت" قائلا: عملت في سلك التدريس طوال خمسة عشر عاما ، وأصبح عملي وتربية الأجيال جزء لا يتجزأ من حياتي، حتى جاء يوم لن أنسى تفاصيله، فقد اتصل بي أحد موظفي التربية والتعليم ، وأبلغني بكل وقاحة "أنت مفصول من عملك لأسباب أمنية.. ونحذرك من التوجه للمدرسة.. سيتم استبدالك بمدرس آخر ليستلم مكانك".

وأضاف: كان وقع الخبر علي صادما ومجلجلا في نفسي، صمت بضع دقائق.. تخيلت حينها طلابي وزملائي بالمدرسة، مرَّ شريط حياتي العملية أمامي سريعا، وقلت.. حسبي الله ونعم الوكيل.. الله على الظالم".

فصل واعتقال..

ويواصل سرد معاناته: بكت زوجتي، وحزن أطفالي، واستقبلت المواسين لي من الأقارب والأصحاب في البيت، تحول حال المنزل لحزن وحيرة، ماذا سأفعل؟ كيف سأنفق على أبنائي الخمسة؟ كلهم يدرسون في المدارس، وأكبرهم على وشك إنهاء مرحلة الثانوية ودخول الجامعة، لكني كنت أقول دائما.. الله لا ينسى أحدا، والظلم لا يدوم، ومهما طال الليل لا بد من بزوغ الفجر".

لم تتوقف معاناة سعيد عن هذا الحد، ولم تكتف أجهزة الظلم بالضفة بفصله من وظيفته، بل تسابقت عليه أجهزة المخابرات والوقائي لاعتقاله، وزج في زنازينهم أياما وأسابيع وأشهر متتالية، رأى خلالها أبشع ألوان العذاب، عُلِّق من يديه من الخلف وربط في سقف الزنزانة، ووضعوا بين أكتافه كيسا يزن أكثر من 10 كيلو غرام وهو بتلك الوضعية، حتى كاد أن يشل.

من يرى "سعيد" اليوم يكاد لا يعرفه، عامين مروا بعد فصله من وظيفته، الحزن طغى على ملامحه، فأقسى اللحظات التي تمر على الأب أن يرى أبناءه بحاجة إلى الملابس والطعام وأي شيء كباقي الأطفال وهو يقف عاجزا عن تلبية مطالبهم. 

"سعيد" الذي لم يتبق له من اسمه نصيب الآن، ليس الوحيد الذي يمر بتلك الظروف القاسية، فالمئات من الموظفين ذكورا وإناثا فصلتهم حكومة فياض غير الشرعية من وظائفهم بحجة الانتماء السياسي، وتأييدهم لحركة حماس، مما دفع العديد منهم للبحث عن عمل آخر.

"ر.س" من مدينة نابلس فصلته حكومة فياض من عمله بسبب انتمائه لحركة حماس، يقول لـ"الرسالة": كنت أعمل في إحدى الجمعيات الخيرية التي استولت عليها حركة فتح، وأصدرت قرارات بالفصل لي ولعدد من زملائي وزميلاتي، فأصبحنا بلا مصدر دخل".

ويضيف: : زوجتي هي الأخرى تم فصلها من عملها، مما جعل حياتنا تنقلب رأسا على عقب، وعدنا لنقطة البداية في مشوار البحث عن عمل آخر، وطبعا في غير المؤسسات الحكومية أو التي تسيطر عليها فتح، فكل شخص مشتبه بعلاقته بحماس من قريب أو بعيد ممنوع أن يعمل بتلك المؤسسات".

للخريجين نصيب

ويشمل المنع الأمني من التوظيف جميع خريجو الجامعات المحسوبين على الحركة الإسلامية، حيث يتقدم معظمهم لامتحان التوظيف السنوي في التربية والتعليم، إلا أنه يحرمون من حقهم بالتوظيف بسبب الانتماء السياسي لهم.

"آلاء" خريجة لغة انجليزية من جامعة النجاح تقول لـ"الرسالة نت" تقدمت لامتحان التوظيف ثلاث سنوات متتالية، وفي كل مرة أحصل على مرتبة من الخمسة الأوائل على منطقتي، إلا أني أحرم من التوظيف بحجة الانتماء السياسي، وفي المرة الأخيرة اتصلت بمكتب التربية لمتابعة الأمر فقالت لي إحدى الموظفات: هناك توصية من جهاز المخابرات بعدم توظيفك في التربية".

وعلى الرغم من جولات المصالحة بين حركتي حماس وفتح، إلا أن أجهزة عباس في الضفة لا تكل أو تمل من ملاحقة الإسلاميين وفصلهم من وظائفهم واعتقالهم ومحاربتهم في لقمة عيشهم".

 

اخبار ذات صلة