هل تتعثر "كرامة المواطن وهيبة الشرطي" بقانون العقبات؟

مواطنون: بعض تصرفات الشرطة تحتاج لتقويم

البطنيجي: آن الأوان لتغيير القانون حتى تؤتي الحملة أكلها

أبو ندى: الحملة تهيئ الشارع لتطبيق القانون

حقوقية: قانون العقوبات يخالف القانون الأساسي الفلسطيني

التشريعي: حريصون على تعديل القانون لخدمة الجميع

الرسالة نت-لميس الهمص

"مواطن كريم يحميه شرطي حكيم"  شعار اتخذته وزارة الداخلية للتواصل مع المواطن وحفظ كرامته والإبقاء على هيبة الشرطي، وتمكنت الحملة من جني ثمارها في التواصل مع المواطنين، إلا أن عددا منهم اشتكوا من بعض ممارسات الأجهزة الأمنية, مطالبين بتجاوز جميع الإخفاقات السابقة والعمل على حلها.

وينظر الحقوقيون والشرطة على حد سواء إلى قانون العقوبات نظرة سلبية ويرون أنه عائقا رئيسيا في طريق الكرامة المنشودة للموطن وهيبة الشرطي فهو يعطي المتهمين بقضايا جنائية فرصة للتمادي في جرائمهم دون رادع.

مراعاة النظام

ويشتكي مواطنون من بعض ممارسات أفراد الشرطة, فيقول المواطن ناجي سعيد: "بالرغم من اعتداء أبناء عمومتنا علينا في مشكلة عائلية الا ان الشرطة ألقت القبض علي أنا وأبنائي, بعدما تقدم المعتدون -الذين يعمل أحدهم في الأجهزة الأمنية- بالشكوى للشرطة والتي بدورها رفضت الإفراج عني إلا بورقة صلح".

ويرى المواطن ناجي أن الشرطة عليها أن تتثبت في حال استلامها الشكوى , فلا يجوز أن يكون صاحب الحق هو من يصل للمركز أولا , كون العديدين ضاعت حقوقهم بتلك الطريقة وأصبح الجلاد هو ضحية والعكس صحيح.

أما الأربعيني أشرف محمد  فقد أبدى استغرابه من تصرفات شرطة المرور متسائلا هل يحق لها أن تضرب أيا من المواطنين حتى وإن لم يقترف ذنبا, ويقول : يوم عرفة وحين مروري في منطقة جباليا البلد أوقفني شرطي المرور في تلك المنطقة جانبا إلى حين انتهاء الازدحام في الشارع.

ويتابع: بعد أن خف الازدحام طلبت من الشرطي السماح لي بالعبور إلا انه رفض وعندما طلبت منه ذلك ثانيا فاجأني بلكمة من يده لم يستطع ابني على اثرها السكوت واشتبك مع الشرطي.

وطالب أشرف بتوعية رجال شرطة المرور بواجبهم ، علاوة على ضرورة تحليهم بالصبر والحكمة في التصرف.

فيما اشتكى عدد من المواطنين من بطء وتعطيل بعض القضايا ودخول الواسطة في عمل بعض مراكز الشرطة .

يجب تغييره

بدوره ذكر الرائد أيمن البطنيجي الناطق باسم الشرطة الفلسطينية أنه وبعد مضي أسبوعين على الحملة فإن الأهداف تحقق تباعا من خلال اللقاءات الجماهرية وزيارات نواب المجلس التشريعي ، علاوة على استقبال قيادة الشرطة للحجاج على معبر رفح ، لافتا إلى أن أفراد الشرطة نظموا زيارات للمدارس لتعزيز دور الشرطة المدرسية في حفظ الأمن للطلبة .

وعلى صعيد أفراد الشرطة أوضح البطنيجي أنهم يخضعون لدورات تدريبية تشرح لهم فيها مواضيع مختلفة عن حقوق المواطنين وضرورة خفض الجناح ، بالإضافة لشرح القانون لهم .

ونفى البطنيجي أي تداخل بين وظائف الأجهزة الأمنية فكل جهاز يعرف مهامه وأي خلل في تلك المسالة يتم معالجتها بشكل سريع .

ويعتبر الناطق باسم الشرطة أن خمسين يوما غير كافيه للحملة, فستوضح الشرطة بعدها العلاقة بين النيابة والقضاء وأفراد الشرطة وتوجيه المواطنين بكيفية التعامل مع تلك الجهات وبشكل خاص النيابة العامة .

واعترف البطنيجي أن استخدام القوة في فض المشاجرات اثبت خطأه إلا في المشاجرات الكبيرة ، أو بحق بعض الخارجين عن القانون .

وبين أن هناك سرعة في اتخاذ الإجراءات بحق الجهة المقدمة ضدها الشكوى إلا أن الشرطة تتفحص الأفراد الذين يسيئون استخدام الشكوى ، موضحا أن يد الشرطة تبقى هي الطولى كونها تمثل الحكومة والنيابة وتبدأ بالتحقيق المبدئي مع المتهمين قبل تحويلهم للنيابة العامة.

وطالب البطنيجي أي مواطن يتعرض لظلم في أحد مراكز الشرطة بتقديم شكوى عاجلة للجهات الرقابية على الشرطة لمحاسبة المخطئين.

وشدد على حرص الشرطة الفلسطينية للوصول لجيل شرطي أمني يسير وفق تربية دينية وأخلاقية وحث جمهور المواطنين على احترام القوانين وفهمها أولا بأول، كما نصح المواطنين للتعرف على القوانين تحسباً من الوقوع في مشاكل وأحداث.

لتطبيق القانون

في حين أكد العقيد كمال أبو ندى رئيس حملة "كرامة المواطن وهيبة الشرطي" أن الحملة التي أطلقتها وزارة الداخلية في السابع من نوفمبر/ تشرين ثاني الجاري تأتي في سياق تطوير الكفاءة المهنية والتربوية لكافة العاملين في الأجهزة الأمنية والشرطية، مشيراً في الوقت ذاته الى أن الحملة تحقق أهدافها.

وأوضح أبو ندى في حدبث خاص لـ"الرسالة نت" أن الحملة التي رفعت شعار "مواطن كريم يحميه شرطي حكيم" تأتي ضمن العمل لتحقيق أكثر من غاية في زمن قصير بسبب الأوضاع الأمنية الخاصة في غزة وتهديدات الاحتلال.

ولفت إلى أن الحملة تسير على ما يرام على مدار خمسين يوماً، وتحقق أهدافها المرجوة منها والمتمثلة في ترسيخ ثقافة التعامل القانوني بين الشرطي والمواطن، وإيجاد الشرطة المجتمعية بشقيها الشرطة المدرسية والشرطة الأهلية.

وقال : لا يمكن لمقاومتنا أو مشروعنا أن ينجح بدون تنسيق أجهزة الشرطة مع المقاومة، فنحن مقتنعون بأن هيبة الشرطة وكرامته لا يمكن أن تتأتى إلا بعد تحقيق وحماية كرامة المواطن الغالية لذا نحرص على توطيد علاقتنا بالمواطنين.

وبين رئيس الحملة أن من أهداف الحملة كذلك تعزيز مهارات عناصر الشرطة ممن لم يأخذوا التدريبات والمعارف الكافية في العمل الشرطي، مستطرداً: من واجبنا أن نعلمهم ونربيهم على قاعدة من يعلم يجب أن يعلم من لا يعلم من أفراد الأجهزة الأمنية".

ونوه إلى أن وزارة الداخلية لن تستورد أحدا - من الكفاءات الأمنية والتدريبية من الخارج - بل ستعتمد على الكفاءة المحلية خارج أوقات الدوام الرسمي.

وأوضح أبو ندى أن الجرائم بدأت تندثر وتختفي من المجتمع الفلسطيني في القطاع خصوصاً الجرائم الكبرى كالقتل وتعاطى وتجارة المخدرات والسطو المسلح.

وأكد تحقيقهم حالة من الاستعداد المتواصل لمواجهة كل من يفكر بإيقاع الجريمة بأي من أبناء شعبنا، وتابع :"ستنتشر عندنا الدوريات الليلية بشتى أشكالها لضمان حماية ممتلكات وأعراض وأموال شعبنا".

يشار إلى أن حملة الـ 50 يوماً تنتهي في تاريخ السابع والعشرين من ديسمبر/ كانون أول 2010، ويصادف ذلك اليوم تاريخ شن (إسرائيل) حربها القاسية على قطاع غزة والتي انتهت في الثامن عشر من يناير/ كانون الثاني 2009.

قانون محترم

المحامية مرفت النحال من مركز الميزان لحقوق الإنسان رأت أن الحملة تأتي لتعزيز احترام القانون لدى الأفراد ، موضحة أنهم في المركز مستعدين لإعطاء الإرشادات والملاحظات حتى تحقق الحملة اكبر نتائج ايجابية ممكنة من خلال الإطلاع على شكاوى المواطنين ومعرفة مواطن الخلل .

وذكرت النحال أن هناك إخفاقا في إتباع الإجراءات السليمة لدى جهاز الأمن الداخلي عند اعتقال أو توقيف أي مواطن, فانهم يكتفون باتصال هاتفي للضبط ولا يلجأون لمذكرات ضبط من النيابة ، مبينة أنهم يضبطون بعض المواطنين المدنيين بمذكرات من النيابة العسكرية وهذا خطأ.

وأكدت أن الشكاوى من المواطنين عن وجود تعذيب في السجون تراجعت بشكل كبير عن العام الماضي ، موضحة أن القانون الفلسطيني فيه العديد من القوانين التي تنظم عمل الشرطة كقانون أصول المحاكمات ، وقانون إجراءات المحاكم , بالإضافة لقانون الجهة القضائية وغيرها من القوانين التي تشكل حماية للمواطنين .

وبينت النحال أن قانون الإجراءات الجزائية والذي يضم حالات الضبط والإحضار هو من أرقى القوانين في الوطن العربي .

وتحدثت أن الحملة يجب أن تتضمن توعية أفراد الأجهزة الأمنية بمعاني القانون، وسواسية المواطنين أمامه.

حريصون على تعديله

من جهته قال مقرر لجنة الداخلية والأمن في المجلس التشريعي النائب جمال سكيك أن الحملة قوبلت باحترام وتقدير من المواطنين فهي تعادل بين الشرطي الذي يجتهد ويسهر على راحة المواطنين ، والمواطن الذي يسعى الجميع لتحقيق مصالحه .

ونفى أن تكون الحملة كما يتهمها البعض لتحصيل الأموال ومخالفة المواطنين بل هي حملة مودة بالدرجة الأولى والاطلاع عن قرب على مشاكل المواطنين والعمل على حلها ، موضحا أن قيادة الحملة ذكرت للتشريعي أنها ستستمر على مدار عام كامل ولن تكتفي بالخمسين يوما.

ولفت إلى انهم وجهوا العديد من الملاحظات للشرطة خصوصا بما يتعلق بشرطة المرور ، مبينا أنه لا يجوز لهم التحدث مع زملائهم في وسط الشارع دون الانتباه للازدحام .

وشدد على ضرورة التثبت من قبل الشرطة في حال وصول الشكاوى إليهم والتروي في إطلاق الأحكام فليس المشتكي دوما هو صاحب الحق بل يجب الحصول على الأدلة القاطعة لإدانة المواطنين .

ورفض سكيك مبدأ الاعتداء على أي مواطن أو إهانته مهما كانت الأسباب فالقانون هو الفيصل دائما بين المواطن والشرطي ، مشددا على ضرورة أن تحرص الشرطة على تفعيل الجزء النسائي منها خصوصا في حال تفتيش المنازل والتعامل مع النساء.

ومع تظافر الجهود بين الأجهزة الأمنية والمواطنين على حد سواء لتحقيق الشعار " مواطن كريم يحميه شرطي حكيم"، و تزايد الدعوات لضرورة تطوير قانون العقوبات وإسناده للشريعة الإسلامية تقف الأوضاع السياسية غير المستقرة عائقا أمام تلك الجهود.

قانون عقوبات سيء

قانون العقوبات والذي يعمل به في قطاع غزة منذ الانتداب البريطاني مرورا بالاحتلال وعهد السلطة وحتى يومنا هذا دون أن تطرأ تغيرات كافية على مواده لاقى انتقادات عدة من حقوقيين وأمنيين بكونه لا يساوي بين المواطنين وغير صالح للتطبيق.

وطالب الناطق باسم الشرطة أيمن البطنيجي بتعديل قانون العقوبات الفلسطيني من قبل المجلس التشريعي ، مشيرا إلى أنهم اجتمعوا بالنواب لتقديم شكوى عاجلة تقضي بضرورة تعديل الكثير من بنود القانون خصوصا على صعيد المخدرات وغيرها من الجرائم والتي آن الأوان لتغيرها ولتؤتي الحملة أوكلها.

ووافقته الرأي المحامية النحال فأوضحت أنه يحتاج لتعديلات كون القانون الذي يطبق في غزة يختلف عن الذي يطبق في الضفة الغربية وهذا يخالف القانون الأساسي الفلسطيني والذي يتحدث بان جميع المواطنين في فلسطين سواسية.

وطالبت النحال بسن قانون عقوبات فلسطيني محترم يأخذ في اعتباره التطور العلمي وجرائم المعلومات والانترنت كون القانون المطبق سن قبل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أي لا يصلح للتطبيق وقد عفا عليه الزمن .

في حين بين رئيس الحملة أبو ندى أنهم حريصون على تهيئة الشارع للتطبيق الحازم للقانون ابتداء من مطلع العام المقبل، إلى جانب خلق حالة من الإلتزام بقوانين الضبط والربط العسكري لدى جميع العاملين في الأجهزة الأمنية والشرطية، وتعزيز وتطوير العلاقة الإيجابية بين الشرطي والمواطن.

وأكد النائب سكيك أن المجلس التشريعي يحرص على قراءة القانون عدة قراءات ومعالجة الثغرات فيه خصوصا على صعيد قانون العقوبات والتي في الكثير من الأحيان تعيق عمل الشرطة.

 

البث المباشر