ما إن تفرج أجهزة أمن السلطة عن ثلة من المعارضين لانتهاكات الحريات واغتيال الناشط نزار بنات، حتى تعتقل أخرى، في دوامة من انتهاك حرية الرأي والتعبير، طالت كل فئات الشارع الفلسطيني، لا سيما الحقوقيين والإعلاميين والنشطاء السياسيين.
وخلال الساعات الماضية، اعتقلت السلطة أكثر من عشرين ناشطاً وحقوقياً وإعلاميًا، قبل بدء فعالية احتجاجية على اغتيال نزار بنات بمدينة رام الله، فيما اعتقلت جزءاً آخر منهم، حينما احتجوا على اعتقال زملائهم، وذلك أمام سجن شرطة البالوع.
ولم تفرق أجهزة أمن السلطة بين رجل وسيدة، أو مسن وطفل، حقوقي أو إعلامي، فجميع من كان يحتج على اعتقال الزملاء بشكل سلمي، تم الاعتداء عليه أو سحله وكذلك اعتقاله والتحقيق معه، حتى وصل الأمر إلى التحرش الجسدي بالمعتقلين كما حصل مع المحامية ديالا عايش التي أكدت أنها تعرضت للتحرش مرتين خلال اعتقالها ثلاث ساعات.
ورصدت "الرسالة" أسماء أبرز المعتقلين خلال الساعات الماضية، الذين في مجملهم من أصحاب الإرث العلمي والتاريخي والوطني وهم على النحو الآتي:
- بشير الخيري: أسير فلسطيني قضى 20 عاما في سجون الاحتلال ومؤلف رواية "دالية" فاتحة أدب السجون، وسجل سابقة في تاريخ السلطة بأن رئيس سلطة فتح محمود عباس قدم له الاعتذار في اجتماع المجلس المركزي عام 2015، وهو من قيادات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
- تيسير الزبري: شقيق الشهيد أبو علي مصطفى الأمين العام للجبهة الشعبية الذي اغتالته (إسرائيل) في بداية الانتفاضة الثانية، مواليد عام 1945، وأحد قادة الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين في الأردن، وشغل منصب الأمين الأول لحزب الشعب الديمقراطي الأردني "حشد" الذي أسسه عام 1993.
- عمر عساف: ناشط سياسي ونقابي مشهور، اعتقله الاحتلال عام 1978، ثم توالت اعتقالاته، وقضى في سجون الاحتلال أكثر من ثماني سنوات. نشط عساف في إطار العمل النقابي، فصله الاحتلال من العمل عام 1978، وساهم في تأسيس "القيادة الوطنية الموحدة" بداية الانتفاضة الأولى، وطارده الاحتلال بين عامي 1990-1991، وصدر بحقه قرار بالإبعاد خارج فلسطين، كما نشط في حركة الدفاع عن المعلمين الحكوميين بعد تأسيس السلطة الفلسطينية، التي اعتقلته عام 1997 لمدة أسبوعين، وفي عام 2000 أعيد اعتقاله خمسين يومًا إثر مقابلة إذاعية، بتهمة وصف الرئيس الراحل ياسر عرفات بالفساد.
- أُبَيّ عابودي: باحث ومثقف وأسير محرر، يشغل منصب المدير التنفيذي لمركز بيسان للبحوث والإنماء، يحمل الجواز الأمريكي.
- خالد عودة الله: أحد أبرز الباحثين في التاريخ الفلسطيني الحديث ومقاومة الاستعمار، وله سلسلة من الكتابات القيمة تخص القضية والاستعمار، وهو مؤسس دائرة سليمان الحلبي للدراسات الاستعمارية والتحرر المعرفي، له جملة من المقالات المنشورة.
- علاء الريماوي: صحفي وأسير محرر، وأحد أبرز وجوه العمل الخيري في الضفة، له باع طويل في الدفاع عن القضية الفلسطينية، قضى سنوات في سجون الاحتلال، وأضرب عن الطعام وأُفرج عنه آخر مرة قبل أقل من شهر، يعرف بمواقفه الحادة ضد سياسات السلطة المتعلقة بالاحتلال والحريات.
- يضاف إليهم عميد شحادة مراسل التلفزيون العربي، والصحفي عقيل عواودة، والصحفي محمد حمايل، والصحفية والأسيرة المحررة، هند شريدة، والصحفي معمر عرابي، وأدهم كراجة وأحمد الخاروف.
وفي التعقيب على ذلك، أكد مدير مؤسسة الحق شعوان جبارين أن أجهزة أمن السلطة والقيادة الفلسطينية أصرت على الاعتداء بوحشية على مطالبين بإطلاق سراح معتقلين سياسيًا.
وقال جبارين، خلال مؤتمر صحفي، فجر الثلاثاء، بعد اعتداءات أمن السلطة على المتظاهرين واعتقال العشرات منهم: "لم يُقل في الاعتصام أي عبارة سوى هتاف الصحفية هند شريدة زوجة المعتقل أُبَيْ العابودي والذي كان (يا دولة الحريات.. لا للاعتقال السياسي) وهي على ما يبدو استفزت الشرطة.
وأضاف: "من حقها ان تقلق على زوجها الذي خرج منذ فترة قصيرة من معتقلات الاحتلال، خاصة بعدما حدث لنزار بنات"، مشيرًا إلى أن "ما حصل أمام مركز شرطة البالوع ليس قراراً ميدانيًا من قائدة شرطة المدينة، فالجميع أغلقوا هواتفهم، وقد تحدثت مع رئيس الوزراء محمد اشتية في البداية على قاعدة لماذا هذه الاعتقالات؟".
وتابع: "المخزي هو سحب الناس وجرهم وسحلهم، وهذا حدث أمام ناظرنا، وتم سحب الفتيات من شعورهن، من بينهم ديمة أمين ونادية حبش وهند شريدة، وتم ركلهن وضربهن بالعصيّ".
وأوضح أن أُبَيْ العابودي تعرض للرش بغاز الفلفل من شرطي، وكاد أن يختنق.
وشدد على أن ذلك سلوك يجب أن يخيف كل فلسطيني، وهو يعكس مضمون السلطة والقيادة التي لا تعترف بالحقوق والحريات والنسيج الاجتماعي، قائلًا: "بكل ألم أرى سحل الفتيات والاعتداء على الدكاترة وكبار السن.. إنه سلوك مقلق ويؤدي إلى دم في الشارع".