قائد الطوفان قائد الطوفان

كُسر حاجز الخوف..

بودكاست | قمع السلطة يخلق طبقة من المعارضين الجدد

قمع السلطة يخلق طبقة من المعارضين الجدد
قمع السلطة يخلق طبقة من المعارضين الجدد

غزة- شيماء مرزوق

 ما تزال تداعيات عمليات الاعتقال المكثفة التي تشنها السلطة ضد النشطاء والنخب الفلسطينية في الضفة الغربية تلقي بظلالها على المشهد في المدن الفلسطينية خاصة رام الله.

السلطة خلال الأيام الماضية اعتقلت عشرات من النشطاء، من بينهم أسرى محرَّرون ونخب فكرية وقادة في فصائل فلسطينية.

صحيح أنها ليست الأولى من نوعها، لكنها تأتي بعد أسابيع من الهدوء الحذر، لتعكس قراراً لدى السلطة بالقضاء على الحراك الشعبي المناهض لها، وقمع كل المعارضين.

 

ضربت السلطة عرض الحائط بكل المعايير الوطنية والاجتماعية والشعبية في حملتها ضد الحراك، حيث طالت الاعتقالات نخباً وأسرى لهم سجل من البطولات ضد الاحتلال مثل الشيخ خضر عدنان وماهر الأخرس اللذين خاضا معارك الإضراب عن الطعام في الأسر، وتجربتهما محل اهتمام وتقدير بالغ من الشعب الفلسطيني.

ولكن خلف هذا العنف من السلطة خوف واستشعار بخطورة الحراك، وهو ما أكده معهد أبحاث الأمن القومي في جامعة تل أبيب، الذي قال إن الاحتجاجات الشعبية في الضفة ضد رئيس السلطة محمود عباس تضع مستقبل السلطة على المحك، ووصف التقرير موجة الاحتجاجات الحالية في بأنها غير مسبوقة من حيث شدتها ومطالبها، قياساً بموجات احتجاج سابقة.

ما أورده التقرير ليس جديداً، ولكنه يطرح علامات استفهام حول الأسباب التي ساهمت في استمرارية الحراك وشدته وكيف استطاع الناس كسر حاجز الخوف للمرة الأولى بهذه القوة وأهمها:

أولاً: هناك حالة ملل لدى الجمهور الفلسطيني في الضفة تحديداً من سياسة السلطة، وفشل مشروعها السياسي، وباتت هناك قناعة لدى الجمهور الفلسطيني بضرورة تغيير واقع السلطة ووظيفتها بالشكل الحالي.

 ثانياً: فشلت السلطة في معالجة تداعيات قرارها تعطيل الانتخابات، والذي عول عليه الشارع الفلسطيني كأداة مهمة للتغيير بعد 15 عاماً من الجمود السياسي، ليشكل قرار التعطيل ضربة لكل طموحات وآمال الشعب الفلسطيني في أي فرصة للتغيير، وفي اللحظة التي قرر عباس مصادرة إدارة الشعب خلق قناعة بأن الأداة الوحيدة المتاحة للتغيير هي الشارع.

ثالثاً: خلال شهرين من الاحتجاجات نجحت السلطة في خلق شريحة واسعة معارضة لها من النخب والكوادر الوطنية والمهنية، عبر أجهزتها الأمنية التي بالغت كثيراً في استخدام القوة والعنف والقمع ضد المعارضين.

صحيح أن السلطة نجحت في قمع الشارع وإخافة المواطنين، لكنها وحدت طبقة النخب والمثقفين ضد سياستها ونهجها البوليسي، وهذا عامل أساس في استمرار الحراك ونوعيته.

رابعاً: تدير السلطة وأجهزتها الأمنية حملة القمع بأسلوب العصور الوسطى والاحتلال معاً، سواء بطريقة اغتيال نزار بنات الوحشية أو قمع الحراك فيما بعد، فقد بالغت جداً في استخدام القوة، واستخدام اتهامات مثل سب المقامات العليا.

المحامي مهند كراجة قال إن الأجهزة الأمنية تستدعي الناس للمقابلة لدى جهاز الأمن الفلسطيني وتخييرهم ما بين الاعتقال أو العمل "مناديب" لدى الجهاز هو أمر في قمة الابتزاز والتيه وهو غير أخلاقي وغير قانوني وغير وطني".

خامساً: التنسيق الأمني مع الاحتلال والامتناع عن أي احتكاك مع جنوده والمستوطنين، والجهد الكبير الذي يبذله عباس في محاربة المقاومة بل وشرعنة هذا النهج، في الوقت الذي يتعرض فيه المواطنون في الضفة لكل أنواع الاضطهاد من الاحتلال عبر الاجتياحات والاعتقالات والقتل، حيث تجاوز عدد الشهداء في الضفة خلال الشهور الثلاثة الأخيرة الخمسين شهيداً.

هذه المشهد جعل المواطن الفلسطيني ينظر لسياسة السلطة على أنها ضعف واستسلام، خاصة أنها تعفي الاحتلال من أي عبء أمني واقتصادي، وبات البعض يصفها بـ"الاحتلال الثاني".

سادساً: كل هذه الأزمات تترافق مع فشل حكومي وإداري وفوضى وفلتان أمني وتزايد النزاع بين العائلات، بينما يستشري الفساد بدرجة غير مسبوقة، وهي أسباب جوهرية في تزايد الغضب الشعبي وانعدام الثقة بعباس وأجهزته وحكومته، وكسرت حاجز الخوف من الاحتجاج.

البث المباشر