قائد الطوفان قائد الطوفان

في ميزان الولادة..كفة للأمهات والأخرى لأنهار الديك

أنهار الديك
أنهار الديك

الرسالة نت-رشا فرحات

هناك أمهات كثر في الكفة الأولى لميزان الولادة، وفي الكفة الأخرى هناك أنهار الديك، وعلى كفة أنهار أن تكون الأثقل، بل من المؤكد أنها كذلك.

بعد عدة أيام ستلد الصبية التي لم تتجاوز الخامسة والعشرين أنهار الديك، ولادة قيصرية، ستعطى لها جرعة من "البينج"، وتدخل في زمن غائب بين يدي طبيب محتل..

أنهار الحٌبلى التي كانت تعاني من اكتئاب ثنائي القطب، خرجت ذات ليل قبل خمسة أشهر في العتمة وحيدة تصارع حالتها النفسية فاعتقلها الاحتلال بتهمة الاقتراب من المستوطنة، وفوق كل هذا لم يسمع صوت عائلتها وشرحهم لحالتها الصحية.

أم وحيدة تمسح جبينها المتعرق وتحدق في عيني السجانة وهي مليئة بالخوف، وتنقل نظراتها إلى الطبيب والممرض الذي يمثل دور السجان الإسرائيلي عن جداره، وتنقل نظراتها إلى باب غرفة الولادة، لعل طارقاً من حلم بعيد يمسك بيدها.

روح أنهار على المحك، وجنينها سيخرج في آية لحظة، والزنزانة جدرانها سوداء، والبرش ساخن كالنار، والوحدة التي تنتظر الأم وابنها قاتلة.

في تلك اللحظة تتمسك النساء بيد أمهاتهن، بينما يمسح الزوج جبينها وهي تقول يا الله، وتحاول إخراج روح من روحها، في تلك الكفة من الميزان غير العادلة، ترجح كفة أنهار التي لم تستطع أن تصرخ، وهي تُجر على سرير مكبلة تحاول أن تنادي على جوليا الصغيرة البعيدة التي نسيت ملامح أمها، أو زوجها الذي يقف كل يوم أمام منزلها في قرية كفر نعمة غرب رام الله مطالباً بأي إجراء يشعره أن هناك حق لأنهار يطالب به أحدهم.

ستدخل أنهار غرفة العمليات، دون أن تسمع صوت زوجها لأنها ممنوعة من مكالمته منذ اعتقالها، وممنوع من زيارتها، كبر بطنها يوماً بعد يوم، وهي معتقلة منذ خمسة أشهر دون تهمة واضحة، ودون أي محاكمة، بوضع صحي يزداد سوءاً.

يتضامن العالم اليوم من خلال وسم #أنقذوا_أنهار_الديك مع الأسيرة المعتقلة دون توجيه أي تهمة واضحة، ولم تفلح مطالبات مؤسسات حقوقية بالإضافة إلى هيئة شؤون الأسرى ومؤسسة الضمير للدفاع عن الأسرى بالإفراج العاجل عن الأسيرة قبل موعد ولادتها.

قبل أيام أخبر المحامي زوج أنهار وسيحاول أن يشرح لطفلتها جوليا "سنتان" أن ماما ولدت طفلاً جميلاً داخل السجون، ولن يكون بوسعه أن يشرح لهم كيف هي أو على أي وجع تتقلب، وكيف استطاعت الوقوف من جديد وهي تحمل وليدها المكبل إلى جانبها.

 

وفي تلك اللحظة الجميلة المرتقبة التي تعيشها كل النساء في الكفة الأخرى من الميزان بكل تفاصيلها لن تعيشها أنهار، لن يكون لها حق في شراء الألوان المبهجة للمولود، وترتيب غرفتها لتستقبل أما مقطبة البطن، وفي حالة نفاس، لأن الاحتلال منع عائلتها من إيصال كسوة لمولود فلسطيني، وآثر أن يختار السجان ملابس الوليد!

(إسرائيل) ستُلبس الوليد الأصغر داخل زنزانتها لوناً بنياً، وتعطيه رقماً كما تفعل مع بقية الأسرى، وستربط قدميه بقيود من حديد لأنه هو فقط، سيكبر، ويعرف، ويشعر، بتلك اللحظات التي عاشتها أمه وهو يخرج من جسدها المتألم المظلوم، وسيحفظ القصة جيداً، كما حفظها قبله ثمانية أطفال أسرى ولدتهم أمهاتهم داخل سجون الاحتلال.

البث المباشر