وصل الأسرى الأربعة منتصف ليل يوم الجمعة تباعاً، اثنان، فاثنان، محمود العارضة ويعقوب القادري، وتبعهما زكريا الزبيدي ومحمد العارضة، إلى مقر محكمة الصلح الابتدائية في مدينة الناصرة، حيث وجهت النيابة الاتهام لهم بالتخطيط لعملية فدائية والانتماء لتنظيم محظور.
تصفيق حاد، وتجمهر كبير، من أهالي الناصرة أمام مقر المحكمة، يرفعون الأعلام، ويكذبون الادعاء الإسرائيلي، تضامناً مع الأسرى الفارين بحثاً عن الحرية ولم يكن للتخطيط لعملية فدائية.
وكانت النيابة العامة (الإسرائيلية) طلبت تمديد اعتقال الأسرى 13 يوما، لكن طاقم الدفاع عنهم قدم اعتراضاً، ما دفع المحكمة إلى تمديد الاعتقال إلى 9 أيام فقط، مع توقع بتمديد المدة في المرات القادمة.
ومثّل الزبيدي المحامي الإسرائيلي أفيجدور فيلدمان، فيما تقدم الدفاع عن الأسير محمد عارضة المحامي رسلان محاجنة، أما محمود عارضة ويعقوب قادري فقاد الدفاع عنهما المحامي خالد محاجنة.
وفي لقاء مع المحامي خالد محاجنة، قال شارحاً ما حدث منذ توكيله بأمر الدفاع عن اثنين من الأسرى: "دخلنا المحكمة وتفاجأنا بالقوات الكبيرة والمخابرات ومصلحة السجون ووحدة نحشون لحراسة المعتقلين وكل ذلك في محيط المحكمة وداخلها، وقد بلغوا قادري بأني أنا المحامي الخاص به ولكني لم أقابله حتى الآن، لأن هناك منع من مقابلتهم مع أي أحد منذ اعتقالهم".
ويتوقع محاجنة أن ينقل الأسرى من الشمال إلى الجنوب لعزلهم بأقسام خاصة كل منهم على حدة ودون أي تواصل مع العالم الخارجي، ودون زيارات أهالي أو محامين أو حتى خروج للكانتينة.
منذ الجمعة وحتى اليوم متابعة للأخبار وترقب يحياه الفلسطينيون بعد إعادة اعتقال الأسرى، وحملات تضامن متفرقة من الداخل إلى الضفة إلى قطاع غزة، ووكلت هيئة شؤون الأسرى خالد محاجنة لمعرفة أماكن تواجد المعتقلين وحالتهم الصحية خاصة بعد الإذلال الذي تعرض له أربعتهم وفقاً للصور التي نشرها الاحتلال.
وحتى يوم السبت لم يكن أي محامٍ أو جهة رسمية أو غير رسمية حصلت على أي معلومة، وكل المعلومات كانت مجرد تخمين ومحاولات.
يضيف محاجنة "للرسالة": "وصلنا أخيراً إلى طرف الخيط وعرفنا أن المخابرات الإسرائيلية في الجلمة ولهف 443 هما الوحدتان الإسرائيليتان المكلفتان بالتحقيق معهم في الجلمة، ولكن حتى يوم السبت منتصف الليل منع الاحتلال أي لقاء بالأسرى".
بعد الرفض وعدم التعاطي مع الأسرى قدِم المحامي بشكل مستعجل لتعيين موعد المحكمة ولقاء المعتقلين بشكل عاجل ورفض أيضاً الاستئناف بنفس اليوم بدواعي أنه يوم عطلة ولا شيء يدعو للاستعجال.
ويصف المحامي لحظات الدخول إلى المحكمة قائلاً: "تدخل المحكمة فتقابلك قوات كبيرة من المخابرات "ونحشون" وكل هذا محيط بالمحكمة من الداخل والخارج وأنا لا أعرف موكلي بشكل شخصي، ولكن عقدت المحكمة بالأمس وكان دخول المحامي لكي يشرح ظروف المعتقل الذي لا يعرفه ولم يجلس معه للقاضي!
وخرج المعتقلون الأربعة لمقابلة القاضي، والمحامي ينظر من بعيد دون أن يستطيع سماع ولا معرفة طبيعة الحوار الذي يدور بينهم وبين القاضي، متسائلا: "بأي حق تصادر (إسرائيل) حق المتهم في مقابلة المحامي الذي سيدافع عنه، وكيف يترافع محامٍ عن متهم لم يقابله".
ولعل أخطر ما يخطط له الاحتلال، حسب محاجنة، هو تلفيق تهم أخرى، فلقد طلبت المخابرات من المحكمة تمديد الاعتقال 12 يوماً بتهم بعيدة عن فكرة الفرار، فهو يتهمهم بالتخطيط لعملية إرهابية خارج المعتقل والتي كانت سبباً لفرارهم!
ويضيف محاجنة: "عملياً، المخابرات ضخمت الموضوع لإعطاء طابع أمني ولإرضاء الشارع الإسرائيلي والمجتمع اليهودي؛ لذا حاولوا ربط عملية الهروب بأسباب الاعتقال القديمة والانتماءات السياسية، بينما لم يكن للأسرى سوى هدف واحد هو نيل الحرية".
الأسرى الآن في مكان ما في زنزانة انفرادية، يتوقع أن تظل عملية منعهم من مقابلة أي كان حتى الغد وفقاً للمحامي، والأخطر حتى الآن هو عزل الأربعة وعدم معرفة أي جهة ظروف تحقيقهم ولا حتى المحامي الموكل بالدفاع عنهم! ولعل هذا هو قمة الظلم وانتهاك حقوق الإنسان.