لم ينطوِ ملف أسرى نفق الحرية الستة بالقبض عليهم وعودتهم للأسر، فالإنجازات التي حققوها تفوق الهدف الذي حفروا من أجله النفق والمتمثل في استعادة حريتهم.
عاشت دولة الكيان على مدار أسبوعين كاملين، حالة من الارتباك والذهول مع خروج الأسرى الستة من نفق حفروه في سجن جلبوع، والذي يعتبر من أشد السجون حراسة لدى الاحتلال.
ولم يتوقف الاعلام والجمهور (الإسرائيلي) عن توجيه الانتقادات والصفعات لحكومته التي تعاني التفكك بسبب طبيعة الائتلاف الهش الذي تتشكل منه، "وهو ما يضعها في موقف محرج يعجّل من سقوطها".
إنجازات كبيرة
وتبرز إنجازات "نفق الحرية" في عدة نقاط، أهمها: طبيعية العملية وحفر النفق على مدار شهور دون اكتشاف سلطات الاحتلال له، "وخصوصا أنه حدث في أعقد السجون الإسرائيلية وأشدها حراسة".
واستطاع الأسرى التجول في بساتين وأراضي فلسطين المحتلة عدة أيام، "والأكل من أشجارها ومشاهدة الشمس دون نافذة أو شباك".
كما أن تسخير حكومة الاحتلال آلاف الجنود والشرطة والخدمات التكنولوجية للبحث عن الأسرى على مدار 13 يوما، كبّد خزينتها 100 مليون شيكل.
وبسبب عملية "نفق الحرية" عادت قضية الأسرى للواجهة مجددا، ولم يكن الحديث عنها محليا فقط، "بل إن طبيعة الحدث جعل منها قضية دولية".
ولعل المسافات التي قطعها الأسرى الستة دون اكتشافهم رغم حالة الاستنفار الأمني لدى جيش الاحتلال، يؤكد على طبيعة التفوق، "فنجح اثنين من الأسرى من الوصول لمدينة جنين التي تبعد عن السجن قرابة 40 كيلو متر، دون اكتشاف أمرهم".
وتمكنت عملية "نفق الحرية" من توجيه كيل من الاتهامات والتراشقات الإعلامية بين أجهزة دولة الاحتلال، "فكان هناك اتهامات من الشرطة لمصلحة السجون بالتقصير الكبير في اكتشاف النفق الذي جرى حفرة على مدار شهور".
وفي ذات السياق رفع حديث الناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة، بأن الأسرى الستة سيكونون على قائمة أي عملية تبادل للأسرى من معنويات أهالي الأسرى الذي باتوا على يقين أن تحريرهم قريبا.
بدوره، قال المختص في شؤون الأسرى فؤاد الخفش إن عملية نفق الحرية سلّطت الأضواء على قضية الأسرى والتفاعل الكبير معهم ليس محليا فقط، "بل عالميا".
وقال الخفش في حديث لـ "الرسالة نت": "كذلك أبرزت عملية نفق الحرية الجانب الإنساني في قضية الأسرى، وجميعنا شاهدنا تحرك الفصائل الفلسطينية بشكل أكبر من أجل تحريرهم قريبا".
وأشاد بالتفوق الكبير للعقل الفلسطيني في هذه العملية على الإجراءات الأمنية (الإسرائيلية) وضرب منظومة أمن الاحتلال في سجن جلبوع والذي يعتبر من أشد المناطق حراسة.
وأوضح أن اختفائهم لمدة 13 يوما في الضفة الغربية التي تعاني من سقوط أمني، "إنجازا بحد ذاته".
وتطرق الخفش للحديث عن تصعيد الأسرى وتوقف مصلحة السجون عن اجراءاتهم بحقهم قبل خوض الاضراب، قائلا: "توحد الأسرى ورد فعلهم الكبير وعدم سماحهم للاحتلال بالاستفراد بهم، أدى لنجاح خطواتهم ورضوخ مصلحة السجون لمطالبهم".
وختم حديثه: "تهديد المقاومة في غزة، والحراك الشعبي الكبير في الضفة وخصوصا جنين، أدى إلى ادراك الاحتلال بأن أي مساس بالأسرى، سيقلب الأوضاع وهو ما تسعى حكومة الاحتلال لتجنبه".
في حين، قال مدير مكتب إعلام الأسرى ناهد الفاخوري، إن إعادة اعتقال أسرى "نفق الحرية" لا ولن يقلل من حجم الإنجاز النوعي الذي حققوه.
وشدد الفاخوري، على أن انتزاع الأسرى الستة حريتهم من خلال "نفق الحرية" هز أركان كيان الاحتلال الإسرائيلي وضربه في صميم أمنه.
وأشار إلى أن اعتقال الأسرى الأبطال لن يخفي سوءة الاحتلال ولن يصنع له هيبة.
وأضاف الفاخوري: "أسرى نفق الحرية خاضوا معركة تحدي وإصرار شكلت علامة فارقة وأظهرت هشاشة كيان الاحتلال الغاصب وعجز منظومته الأمنية أمام عزيمة وإرادة الأسير الفلسطيني".
وفي 6 سبتمبر الجاري، نجح ستة أسرى من سجن جلبوع شديد الحراسة شمالي فلسطين المحتلة، من استعادة حريتهم عبر نفق حفروه من زنزانتهم إلى خارج السجن، وهم: محمود العارضة، وزكريا الزبيدي، ومحمد العارضة، ويعقوب قادري، وأيهم كممجي، ومناضل نفيعات.