لا يكف رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس عن الركض وراء عقد لقاءات مع أي شخصيات إسرائيلية وإن كانت ليس لها اعتبار في صناعة القرار الإسرائيلي، واهما أن ذلك يمكن أن يحدث اختراقاً في ملف التسوية واستئناف المفاوضات.
و عقد اجتماعًا بين وفد إسرائيلي ضم وزراء وأعضاء سابقين في كنيست، مع ممثلين عن قيادة السلطة الفلسطينية، في مكتب لجنة التواصل مع المجتمع الإسرائيلي بمدينة رام الله.
واشارت المصادر العبرية الى غياب ملحوظ لرئيس السلطة التي تشير المصادر إلى أن سبب غيابه حالته الصحية الصعبة.
وذكرت وسائل اعلام عبرية، أن لقاء اسرائيليا سيُعقد مع السلطة من أجل الترويج لحل الدولتين، غدًا بمدينة رام الله، فيما قالت القناة 12 العبرية، إن "اللقاء سيحضره رئيس السلطة محمود عباس ومسؤولون كبار في السلطة الفلسطينية ووفد من وزراء الاحتلال السابقين وأعضاء كنيست سابقون؛ للترويج لحل الدولتين".
وأشارت القناة في وقت سابق نقلاً عن مصدر رفيع في السلطة الفلسطينية، إلى أن عباس طلب عقد لقاء ثنائي مع وزير خارجية الاحتلال "يائير لابيد" إلا أنه لم يلق أي رد إسرائيلي على الطلب حتى هذه اللحظة.
ورغم أن رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينت أكد في تصريحات سابقة أن عهده لن يشهد أي تحرك لمفاوضات التسوية أو عقد أي لقاءات سياسية مع قادة السلطة، وإبقاء العلاقة مع السلطة ضمن التعاون والتنسيق الأمني، إلا أن عباس يصر على عدم مغادرة مربع التسوية ويتمسك به، ويدير ظهره لأي لقاء وطني يدفع للوحدة.
ويضع رئيس السلطة جملة من الاشتراطات والعراقيل أمام أي تحرك وطني يمكن أن يدفع إلى العودة لمسار الوحدة الوطنية، وكان آخرها اشتراط موافقة حركة حماس على شروط الرباعية الدولية؛ من أجل استئناف لقاءات المصالحة وترتيب البيت الفلسطيني.
الشريك الإسرائيلي أقرب
ويرى الكاتب والمحلل السياسي د. تيسير محيسن، أن سلوك رئيس السلطة ليس جديدا في التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي بطريقة تتعدى حدود اللياقة الوطنية والمصلحة العامة.
ويوضح محيسن في حديثه لـ "الرسالة" أن أصل اللقاءات نابعة من قناعات فريق أوسلو وعلى راسه عباس الذي يعتبر أن "إسرائيل" شريك له في مشروع التسوية، في المقابل يرى في خصومه السياسيين في الحالة الوطنية مكان يتصادم مع مساره السياسي.
ويبين أن التفسير العملي لهذا التوجه لدى قيادة السلطة هو أن الشريك الإسرائيلي أقرب برنامجا من الخصم الوطني وباقي الفصائل، وهو ينم عن احتقاره للمفهوم الوطني الحقيقي الذي ينبغي منه الدفع باتجاه تماسك الحالة الوطنية ووحدة موقفها.
ويشير إلى أن فريق أوسلو يضرب بعرض الحائط كل محاولات تقوية الشأن الداخلي وتوحيد الصف ويقترب من الإسرائيلي على حساب الوحدة الوطنية.
فيما يعتقد الكاتب والمحلل السياسي عبد الله العقاد، أن عباس وفريق السلطة لديهم قناعة واحدة بأنه لا بديل عن استمرار مسار المفاوضات والتسوية على اعتبار أن البديل هو المقاومة.
ويؤكد العقاد في حديثه لـ"الرسالة" أن السلطة تنبذ المقاومة وتصفها بالإرهاب لذلك تعتبر أن اللقاءات مع الإسرائيليين ومحاولة تعزيز العلاقة معهم هو نهج لا يمكن الحياد عنه في ظل تغييب البدائل الأخرى.
ويشدد على أن عباس يؤمن بمسار التسوية وهو المنطق الذي يدفعه للتواصل مع أي من الإسرائيليين، رغم قناعته وحديثه أنه أصبح سلطة بلا سلطة فعليه على الأرض في ظل رفض الاحتلال لهذا الخيار والنتائج الصفرية التي وصل إليها مشروعه السياسي.
الجدير ذكره، أن عباس عقد الشهر الماضي لقاء مع وزير الحرب الإسرائيلي بيني غانتس في رام الله، لبحث العلاقة الأمنية والاقتصادية وتعزيز التنسيق الأمني.