دعا الاتحاد التونسي للشغل الرئيس قيس سعيد للتشاور مع الخبراء قبل اتخاذ القرارات و"عدم الاكتفاء باستشارة أصدقائه"، وذلك عقب قرار الرئيس التونسي تمديد تعليق عمل البرلمان ورفع الحصانة البرلمانية عن جميع أعضائه.
وأضاف الاتحاد أنه "فوجئ" بالقرارات التي أصدرها سعيّد، وأعرب عن "استيائه" منها، وذكر الأمين العام المساعد للاتحاد التونسي للشغل أن تونس هي البلد الوحيد في العالم الذي يعيش تحت الحكم الفردي المطلق.
كما قال الاتحاد التونسي للشغل إن البلاد تتجه نحو الهاوية، وإن هناك تخوفا وشكوكا في إمكانية عدم القدرة على صرف الرواتب.
وقالت الرئاسة التونسية يوم أمس في بيان، إن الرئيس قرر تمديد تعليق عمل البرلمان ورفع الحصانة البرلمانية عن جميع أعضائه.
وحسب بيان الرئاسة التونسية فقد قرر سعيد أيضا استمرار العمل بالتدابير الخاصة بممارسة السلطتين التشريعية والتنفيذية والتي اتخذها يوم 25 يوليو/تموز الماضي.
كما قرر الرئيس مواصلة العمل بمقدمة الدستور وجميع الأحكام الدستورية التي لا تتعارض مع التدابير الاستثنائية المتخذة، إضافة إلى إلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين.
تدابير استثنائية
وأعلن الرئيس التونسي أيضا توليه إعداد مشاريع التعديلات المتعلقة بالإصلاحات السياسية من خلال الاستعانة بلجنة يتم تنظيمها بأمر رئاسي، وفق ما جاء في بيان الرئاسة التونسية.
وذكرت الجريدة الرسمية التونسية أن التشريعات ستكون من خلال مراسيم يصدرها رئيس الدولة، مشيرة إلى أنه يمارس السلطة التنفيذية بمساعدة حكومة يرأسها رئيس الحكومة.
ونقلت وكالة رويترز عن رئيس حزب حركة النهضة راشد الغنوشي قوله إن الإعلانات التي أصدرها سعيد هي عبارة عن إلغاء للدستور، وإن الحزب لا يوافق على هذا النهج.
من جهته اعتبر المقرر العام للدستور والقيادي في حركة النهضة الحبيب خضر أن التدابير الاستثنائية الجديدة التي أعلنها سعيد تعني الخروج رسميا عن الدستور.
وقال خضر في تغريدة على "فيسبوك" (Facebook) إن هذه التدابير الجديدة هي الكشف عن الانقلاب بوجه سافر.
أعلنت حركة النهضة -صاحبة أكبر كتلة برلمانية بـ53 نائبا- عبر بيان أمس الأول (الثلاثاء) رفضها توجّه سعيّد إلى إقرار "أحكام انتقالية"، معتبرة أنه مصمم على إلغاء الدستور، ومحذرة من "تفكك الدولة" في حال استمرار العمل بتدابيره الاستثنائية.
وكان الرئيس التونسي أعلن الاثنين الماضي -في خطاب من ولاية سيدي بوزيد (وسط)- أن "العمل بالتدابير الاستثنائية سيتواصل، وتم وضع أحكام انتقالية (دون توضيح)، مع المحافظة على كل ما ورد في الدستور"، في إشارة إلى بداية التجهيز لسن قوانين انتقالية وتعديل القانون الانتخابي.
في هذا السياق قال القيادي في حركة النهضة محمد القوماني إن الاستثناء صار أصلا وفوضى عارمة وعبثا بالدولة وبمستقبل الشعب وحذر من أن القادم أخطر.
بدوره قال الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي إن من ينقلب على دستور البلاد يفقد شرعيته وتستوجب مقاومته.
رفض حزبي
وقد أعلنت 4 أحزاب تونسية الثلاثاء رفضها تعليق العمل بالدستور أو تمديد العمل بالتدابير الاستثنائية دون أفق، محذرة من أن هذا الوضع يكرّس الحكم الفردي ويهدد بعودة الاستبداد.
وتعاني تونس أزمة سياسية حادة منذ أن قرر رئيسها يوم 25 يوليو/تموز الماضي إقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي، على أن يتولى هو السلطة التنفيذية بمعاونة حكومة يعين رئيسها، بالإضافة إلى تجميد اختصاصات البرلمان، ورفع الحصانة عن النواب، وترؤسه النيابة العامة.
والتقى الثلاثاء الأمناء العامون لأحزاب "التيار الديمقراطي" (اجتماعي ديمقراطي، 22 نائبا من أصل 217) و"أفاق تونس" (ليبرالي، نائبان) و"التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات" (اجتماعي ديمقراطي، بلا نواب) و"الجمهوري" (وسط، بلا نواب) مع الأمين العام للاتحاد التونسي للشغل (أكبر منظمة نقابية) نور الدين الطبوبي بمقر الاتحاد في العاصمة، وفق بيان للحزب "الجمهوري".
وعبّرت الأحزاب الأربعة -وفق البيان- عن "قلقها البالغ إزاء استمرار الغموض والدفع بالأوضاع نحو مزيد من التصعيد والتشنج، في الوقت الذي تحتاج فيه البلاد إلى تعاطي هادئ مع تداعيات الأزمة التي باتت تهدد مؤسسات الدولة بالشلل التام".
وأكدت "رفضها لكل الدعوات الصريحة والمقنعة لتعليق العمل بالدستور أو لتمديد العمل بالتدابير الاستثنائية دون أفق"، محذرة من أن هذا الوضع "يكرّس الحكم الفردي ويهدد بعودة الاستبداد".
ودعت إلى "الإسراع بتكليف رئيس حكومة لمواجهة الملفات الاقتصادية والمالية ذات الأولوية، والقطع مع كل سلبيات الإدارة السابقة لمؤسسات الحكم".
سقوط الشرعية
من جانبه، قال الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي إن إعلان سعيّد عن وجود أحكام انتقالية هو إعلام بنهاية الدستور، و"هو ما يعني سقوط شرعية الرئيس نهائيا ووجوب عزله ومحاكمته".
جاء ذلك في كلمة توجّه بها المرزوقي -مساء الثلاثاء- للشعب التونسي، بثتها صفحته الرسمية على موقع فيسبوك.
وقال المرزوقي إن "حديث سعيّد عن وضع الأحكام الانتقالية يعني إلغاء الدستور، وهو ما يعني الذهاب في سن قوانين على المقاس، وحالما تصدر هذه الأحكام سيتحكم (سعيّد) في مصيرنا، وسيكون ذلك اعترافا صريحا بموت الدستور".
وجدّد المرزوقي التأكيد على أن "سعيّد منقلب ولا يمكن وصفه إلا بذلك، وشرعيته متآكلة وستنتهي، ويصبح عزل الرجل وإحالته على المحاكمة هو وكل من ساهم في مأساة تونس قضية مطروحة بكل جدية".
المصدر : الجزيرة + وكالات