قائد الطوفان قائد الطوفان

خدمات العلاج والتحويلات في جيب السلطة ووفيات غزة بازدياد

ارشيفية
ارشيفية

الرسالة نت-محمود هنية

قبيل أيام قليلة من كتابة سطور هذا التقرير، توجه فريق من "الرسالة" لتصوير حالة طفل يبلغ 4 أعوام في مستشفى الدرة، تأخر صدور تحويلة العلاج له على مدار أسبوعين رغم خطورة حالته الصحية.

عند الوصول للمستشفى جاء اتصال لوالد الطفل تخبره تدخل وساطات لتسريع صدور التحويلة، ما دفعه لطلب عدم نشر المقابلة خشية التأثير عليه والتسبب بعرقلة صدورها.

استجابت "الرسالة" لطلب الوالد، الذي اتصل في اليوم التالي، لينعي للرسالة وفاة طفله في تلك الليلة!

توفي الطفل ووري التراب، فيما يضع العشرات من الفلسطينيين بالقطاع أيديهم على قلوبهم تجاه محبين يعانون الأمرين دون أن يتسنى لهم إصدار تحويلة علاجية، يدركون أن الموت سيكون أسرع من صدورها؟

قصة تكررت مع أشخاص كثر استمع كاتب التقرير إليهم، في حكايات متشابهة، صدرت الموافقة لتحويلهم بعد وفاة المريض!

إزاء ما سبق، كان السؤال الأبرز: ما سبب التأخير في ظل الإعلان المتكرر للسلطة عن التكاليف التي تنفقها على غزة في ملف العلاج بالخارج، ولماذا يحتاج الأمر وساطات تصل لحد المناشدة الدائمة لسيادة الرئيس كي يستجيب!

في هذا التقرير، حاولنا الوصول الى الأرقام الحقيقية ودور السلطة في تقليص التحويلات التي تعني بقطاع غزة.

تقليص صادم!

لم تفصح السلطة الفلسطينية عن ميزانية العلاج بالخارج، وبشكل أدق تخفي عدد الحالات والأموال التي تكلفها في التحويلات العلاجية بغزة، في وقت تتحدث فيه بشكل دائم عن دفع أموال للقطاع مقابل العلاج!

وفقا للأرقام التي حصلت عليها "الرسالة"، فقد بلغت تكلفة الحالات في عام 2020م لكل فلسطين 825.7 مليون شيقل، حيث بلغت تكلفة الحالات المحولة من قطاع غزة: 126.8 مليون شيقل أي ما نسبته (15%)، فيما بلغت تكلفة الحالات المحولة من الضفة الغربية 689.9 مليون شيقل (85%).

أما التكلفة الإجمالية في عام 2019م فقد بلغت 924 مليون شيقل، وكان نصيب غزة 209 مليون شيقل والضفة الغربية 715 مليون شيقل.

وبالنظر لقيمة المبلغ بين العامين، يتبين وجود نقص بمبلغ حوالي 83 مليون شيقل في ميزانية قطاع غزة، بالمقابل حدث نقص حوالي 15 مليون شيقل فقط في ميزانية الضفة الغربية!

وكان نصيب المستشفيات الخاصة في الضفة الغربية والقدس 86%، بينما المستشفيات الخاصة في قطاع غزة 7% ومستشفيات الأردن 0.3 % ومصر 2.8% والكيان 3.9% من مجمل التحويلات.

ما سبق يعبر عن السياسة التي تنتهجها حكومة رام الله، إزاء تقليص حصة غزة الدوائية في وقت تنتشر قضايا فساد في تحويلات طبية كانت تجري في زمن رامي الحمد الله لمستشفى النجاح التي يرأس مجلس أمنائها سابقا وينوب حاليا رئيس المجلس.

وفيات!

د. محمد حبيب رئيس قسم القلب بمستشفى الشفاء، علّق بالقول إن عملية التقليصات ركزت بشكل أساسي على قطاع غزة، سيما مرضى السرطان والقلب.

وقال حبيب إنّ نسبة التقليص في القطاع تجاوزت نسبة 53%، الأمر الذي تسبب بارتفاع نسبة الوفيات.

للتوضيح أكثر بلغة الأرقام، يقول حبيب إن التحويلات الطبية المحولة قُلصت من العام الماضي (2019-2020) إلى ثمانين ألف تحويلة، وعند توزيعه ما بين الضفة وقطاع غزة تصل نسبة التدني 24% في هذه التحويلات.

نتجت عن ذلك مجموعة من الأخطار أولها تأجيل العمليات المجدولة لتاريخ غير محدد، وزيادة نسبة الوفيات لمرضى القلب بسبب تقليص عدد التحويلات الطبية.

 وبالنظر إلى النسب ما بين قطاع غزة والضفة الغربية، فإن نسبة الوفيات لأمراض القلب بالضفة الغربية 24.7% بينما في قطاع غزة وصلت إلى 49.3%، أي الضعف".

حول إذا كانت السلطة تعوض التقليصات بإرسال مستلزمات طبية، يجيب حبيب "نحن نعاني منذ تأسيس الأقسام الطبية الخاصة بمرضى القلب من شح المستلزمات الطبية، خاصة الدعامات والبالونات والأسلاك المستخدمة في عمليات القسطرة".

وبين أنه لا يوجد توريد للمستهلكات بشكل منتظم ودوري لمستشفيات وزارة الصحة في قطاع غزة، مما جعلها أحد عوامل زيادة نسبة الوفيات لمرضى القلب في القطاع"، بحسب حبيب.

** سياسة حرمان!

جواد الطيبي مدير الدائرة الطبية في لجنة التكافل الوطنية والإسلامية، أكدّ أنّ قطاع غزة له الحق بـ40% من الموازنة العلاجية والدوائية للسلطة الفلسطينية والتي تأتيها على شكل هبات ومساعدات من دول مانحة.

وقال الطيبي في تصريح خاص بـ"الرسالة نت" إن ما يصل القطاع عمليا من حقه في الموازنة لا يتجاوز 16% من مجمل الميزانية.

وأوضح الطيبي- وهو وزير صحة سابق- قطاع غزة له الحق في 40% من موازنة السلطة، و"بذلك لنا الحق في 40% من الموازنة العلاجية وهكذا في كافة الوزارات الخدمية"، مشيراً إلى أن ما يصل غزة يشكل جزءاً يسيرًا من هذا الاستحقاق.

وذكر أن الادعاء بأن قطاع غزة يحصل على 58% من الموازنة التي تتحدث عنها السلطة، "ليس الا افتراءً، حيث لا يتعدى الصرف على غزة 16% من الموازنة، وللأسف لم يذكر القطاع في الموازنة العامة لها".

وتابع الطيبي: "الصورة لدى عامة الناس في عملية إرسال الدواء من رام الله، لا تدل إلا على حالة من المنّة على أهل القطاع، وهذا يعتبر استهزاء واستخفافا بحق سكان القطاع في الموازنة العلاجية".

البث المباشر