في نهاية أبريل الماضي ألقى رئيس السلطة خطابا حماسيا قبل ساعات قليلة من بدء "الدعاية الانتخابية" للانتخابات التشريعية وعطل فرصة نادرة لإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني المتهالك بحجة القدس.
وفي خطابه الذي ألغى به الانتخابات قال عباس: "قرّرنا تأجيل موعد الانتِخابات لحين ضمان مُشاركة القدس وأهلها"، واعتبر أن مشاركة القدس في الانتخابات مسألة لا يمكن التنازل عنها، ورفض كل المقترحات التي طرحت كبدائل لمشاركة أهالي القدس دون إلغاء الانتخابات.
بعد قرابة خمسة أشهر، يستعد عباس لإجراء انتخابات محلية مجتزأة يضمن فيها فوز حركته وسلطته ويستثني منها القدس والأسرى والمخيمات، ما يؤكد أن عملية تعطيل الانتخابات السابقة كانت خشية خسارته فقط، وأن القدس كانت الشماعة التي علق عليها التعطيل.
لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية، أعلنت أن المرحلة الأولى من الانتخابات المحلية، لن تجرى في مدينة القدس، وقالت في بيان لها أن الانتخابات ستجرى في جميع أنحاء الضفة الغربية، بالإضافة إلى 27 هيئة محلية في محافظة القدس، إلا أنها لن تشمل المدينة، وتقتصر على القرى والبلدات التابعة لها.
وتتبع الهيئات المحلية التي ستجرى فيها الانتخابات، السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية.
أما مدينة القدس، التي تضم البلدة القديمة، والمسجد الأقصى، فتخضع بشكل كامل للسلطات الإسرائيلية.
وأضافت "أما مدينة القدس المحتلة، فهي غير مشمولة بالانتخابات المحلية، وهذا ما جرى في الانتخابات البلدية السابقة".
ووفق التقسيمات الإدارية الفلسطينية؛ هناك 16 محافظة، منها 11 في الضفة الغربية بينها القدس الشرقية، والباقي في قطاع غزة.
وكان المجلس التنسيقي للقوائم الانتخابية المستقلة لانتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني، التي ألغيت في مايو الماضي، قال إن إعلان الحكومة في رام الله عقد مرحلة أولى لانتخابات المجالس المحلية في 11 ديسمبر المقبل؛ هو ذر للرماد في العيون.
وأعلن عضو المجلس بسام القواسمي، أن مجلسه ينظر بخطورة إلى قرار مجلس الوزراء بإجراء تلك الانتخابات على مراحل وفق فئات محددة، معتبرا أنه يجب إقامة تلك الانتخابات دفعة واحدة لقرابة 400 هيئة محلية.
واعتبر البيان أن هدف التجزئة إلهاء الشعب والتغطية على عدم إجراء الانتخابات العامة التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني، والالتفاف على الشرعية الفلسطينية، مطالباً بأن تكون الانتخابات المحلية ناتجة عن حالة توافق وطني وليس استحواذاً من جزء معين أو فصيل معين حسب تعبير البيان.
وطالب المجلس التنسيقي بأن تكون تلك الانتخابات مقدمة لإنهاء الانقسام بدلا من تعزيزه في حال أجريت خارج التوافق الوطني.
ويصر المجلس على إجراء الانتخابات بشكل هرمي من أعلى سلم الهرم إلى أسفله وليس العكس، بإجراء انتخابات شاملة للرئاسة والمجلس التشريعي والهيئات المحلية، وتحديد موعد لانتخابات المجلس الوطني التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية عبر إنشاء هيئة عليا من المجلس التشريعي المنتخب لتمكين كل الفلسطينيين بالداخل والخارج من اختيار ممثليهم.
وأدت عملية تعطيل الانتخابات إلى تراجع غير مسبوق لصورة السلطة وعباس أمام الجمهور الفلسطيني، كشف عنه آخر استطلاع رأي بأن 80% من الشعب الفلسطيني يريد من عباس الاستقالة.
وعبر معظم الشعب الفلسطيني الرافض لتأجيل الانتخابات ومصادرة عباس حقه في التغيير أن التأجيل باسم القدس "كلمة حق أريد بها باطل"، بينما "القصة الحقيقية هي إدراك القيادة للتغيرات التي طرأت على خارطة القوى في الساحة الفلسطينية والأزمات الداخلية التي تعيشها حركة فتح خاصة".