الرسالة نت-محمد أبو قمر
تزهو ألوانها وتتلألأ حباتها تحت اشعة الشمس الذهبية، يصفها المزارعون بكرة ثلج يخبو بريقها كلما مضى مزيد من الوقت على قطفها.
في موسم الفراولة تترك أم يحيى طفلتها الصغيرة نائمة في سريرها بالغرفة المتنقلة "الكرفان" الموضوع على حافة المزرعة وتنطلق برفقة زوجها لجني الثمار، وتقول "هذه حياة الفلاح منذ القدم، الا أنه بات مظلوما هذه الايام في حقوقه رغم سعادته بأرضه المثمرة".
يتعاون أبو يحيى وزوجته وعدد من العمال وعاملات برنامج البطالة التابع لوكالة الغوث التي تخصصها لدعم المزارعين معا في جني الثمار وتعبئتها وتغليفها ايذانا بإرسالها لمعبر كرم أبو سالم حيث تتولى الشركة الاسرائيلية تصديرها للدول الاوروبية.
ويصف أبو يحيى الشروط التي تضعها الشركة الاسرائيلية ضمن العقد الموقع بينهم والممتد لخمس سنوات لاستيراد الفراولة المنتجة في غزة بالمجحفة اذا ما قورنت بالأموال التي تعود على المزارع، لاسيما أن المعبر كان مغلق أمام تصدير البضائع منذ سنوات.
ويؤكد محمود خليل رئيس جمعية تصدير التوت الأرضي والزهور في حديثه "للرسالة نت" أن المشكلة الرئيسة تكمن في المعابر وليس بالشركة الاسرائيلية المستوردة، وتمنى أن يبقى المعبر مفتوحا أمام تصدير الفراولة حتى نهاية الموسم.
وتوقع خليل أن يصل منتوج الفراولة هذا العام ما بين ثلاثة آلاف الى ثلاثة آلاف وخمسمائة طن، سيصدر منها للدول الاوروبية ما بين سبعمائة الى ثمانمائة طن ، وما تبقى يباع في السوق المحلي.
ويشكو المزارع من شح الامطار الذي انعكس على المنتوج بشكل كبير وقال أبو يحيى " تضررت الفراولة كثيرا نظرا لعدم تساقط الامطار".
ويشير بيده الى حبات الفراولة الصغيرة وهو يقطفها "لو مطرت لكان لونها أحمرا زاهيا، وليس هكذا... يميل لونها لبداية الاحمرار".
ويبدأ التجهيز لموسم الفراولة منذ منتصف أبريل حيث يعمل المزارعين على تنمية الاشتال الام وتغريزها ، وفي منتصف أغسطس تمهد الارض الزراعية ايذانا بزراعة الفراولة منتصف سبتمبر.
ويبدأ المزارعون جني محصولهم منتصف نوفمبر حتى منتصف فبراير أو ما بعد ذلك بحسب الموسم.
ويصف أبو يحيى بعض شروط الاتفاقية الموقعة بين المزارع والشركة الاسرائيلية بالمجحفة لاسيما تلك التي تتعلق بتحمل المزارع التكلفة منذ زراعة الفراولة وحتى بيعها في السوق الاوروبية، وبعدها تعود الأرباح للمزارع.
وتشترط الشركة الاسرائيلية أن يكون محصول الفراولة ضمن الزراعة العضوية الامنة او ما يعرف عند المزارعين "باليوروجاب" الخالية من المبيدات.
وترتدي مجموعة من النسوة النقاب وقبعات لتجنب حر الشمس، ويلبسن قفازات أثناء قطف الفراولة ويجمعنها في قطع خشبية، ويتبادلن الحديث أثناء العمل.
بعد قطف الفراولة تتجه المزارعات لتعبئتها في عبوات بلاستيكية ، ووضعها في "كراتين" قبل توجهها لمعبر كرم أبو سالم للتصدير.
وتخصص وكالة الغوث عددا من النسوة للعمل في برنامج البطالة وتوزيعهن على المزارع للمساعدة في جني محصول الفراولة، وتقول أم يحيى أن فترة البطالة تمتد ثلاثة أشهر، يتم تعليم النسوة في الشهر الاول آلية جني المحصول، ويساعدنها في العمل خلال الشهرين الثاني والثالث.
وعادة ما يشرك المزارع جميع أفراد اسرته في جني الفراولة، وتغليفها.
وبحسب رئيس جمعية تصدير التوت الأرضي والزهور فان الجانب الاسرائيلي يسمح بتصدير الفراولة والزهور خمسة ايام في الاسبوع، في كل يوم ثمانية شاحنات من الزهور واثنتان من الفراولة، معرباً عن أمله بأن تزداد كمية التصدير من التوت الأرضي، وان تسير بوتيرة أسرع، لان الموسم محدود.
وأوضح خليل أن موسم التوت يستمر حالياً حولي شهرين، أما موسم الزهور فيستمر حتى العاشر من ابريل القادم، مؤكداً أن عملية التصدير تتم لأول مرة منذ ثلاث سنوات.
ويشير الى أن شح الامطار خفض مستوى المنتوج بنسب كبيرة، وقال "مياه الابار لن تعوض المزارع عن الامطار التي تذهب الامراض".
وبين أن مساحة التوت الأرضي المزروعة شمال القطاع تقدر بألف دونم، أما مساحة الأراضي المزروعة بالزهور ’القرنفل’ تقدر بثلاثمائة وعشرة دونمات في رفح جنوب قطاع غزة.
وناشد رئيس جمعية تصدير التوت والزهور المسؤولين بالضغط على سلطات الاحتلال للسماح بتصدر الخضار والمنتجات الزراعية من القطاع إلى الخارج، وعمل تسهيلات لمحطات التصدير.
ويطلق على الفراولة فاكهة الحب وتمتد فوائدها لتبريد الكبد والدم والطحال، وأوراقها جيدة لتثبيت الاسنان الرخوة.
وللفراولة خصائص مقوية ومجددة للنشاط لما تحويه من الأملاح والفيتامينات وتفيد المصابين بالتدرن الرئوي والتهاب المفصل.
ويفيد عصير الفراولة الجسم المتاكسل في إزالة البثور وحب الشباب واللون الشاحب كما يفيد في جميع أنواع الالتهابات.
غادرت "الرسالة نت" مزارع الفراولة بعد أن تذوقت حلاوة طعمها، وتركت خلفها مزارعين لم تفارق الابتسامة شفاههم وهم يجنون محصولهم، ويدعون بشتاء يروي محصولهم.