على بحر من الخلافات، يسير محمود عباس رئيس سلطة حركة فتح، ما يحول دون قدرته على عقد المجلس المركزي لمنظمة التحرير التي يقودها، إذ تمتد الخلافات من داخل فتح إلى خارجها مع فصائل المنظمة بألوانها كافة.
ووفقًا لما جاء على لسان عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة واصل أبو يوسف، فإن جلسة المجلس التي طال انتظارها من "فتح"، تم تأجيلها، حتى موعد غير معروف، قد يطول مجددًا.
والأغرب من التأجيل سببه، وهو، يضيف أبو يوسف، سفر أبو مازن للخارج، حيث تصادف موعد الرحلة مع الاجتماع الذي حُدد قبل أسابيع، ما يعني أن رئيس السلطة لا يعير اجتماع المركزي اهتماماً.
ويشار إلى أن المجلس المركزي هو هيئة دائمة منبثقة عن المجلس الوطني (أعلى هيئة تشريعية)، التابع لمنظمة التحرير التي تضم الفصائل، عدا حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، اللتين ترفضان الالتزام بالمنظمة دون إحداث تغيير حقيقي في بنيتها وتوجهاتها.
ويبدو واضحًا أن أسباب التأجيل لها علاقة بأبو مازن لا في سفره، إذ إن الفصائل الفلسطينية ذات القيمة ناقمة على سياسات الرجل الفوضوية، التي أدت إلى تراجع القضية الفلسطينية، حتى ضاق الأمر ذرعًا بأصحاب الرأي الحر في فتح نفسها، وليس الفصائل الأخرى فحسب.
على الخط الساخن فشلت محاولات "فتح" جمع الفصائل في كانون البارد لحضور اجتماع المجلس المركزي، ما دعاها إلى إرسال الرسائل وجاهيًا، فأتى رجل المهمات الصعبة لدى أبو مازن جبريل الرجوب، الذي طاف العواصم من دمشق حتى بيروت.. لقاء يتبعه لقاء، لجمع الفرقاء، دون جدوى.
فالجبهتان الشعبية والديموقراطية رفضتا الدعوات المنمقة من عباس، إذ باتت معاملة الجبهاويين كالحمساويين في الضفة، باعتبارهم أعداءً لا شركاء في المنظمة.
وفي التعقيب على ذلك، يقول الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، إن تأجيل اجتماع المجلس المركزي، لا علاقة له بسفر الرئيس عباس، فلا يعقل أن يتم ترتيب سفر الرئيس بالتزامن مع موعد اجتماع المجلس المركزي المعروف مسبقًا منذ أسابيع.
وأضاف عوكل في اتصال هاتفي مع "الرسالة" إن السبب الرئيسي وراء تأجيل الاجتماع أو إلغائه هو عدم الجاهزية لعقد مجلس مركزي ذي مستوى عالٍ من الجدية، لتصدر عنه قرارات جريئة، يمكنها إحداث تغيير في المشهد الداخلي ومع الاحتلال الإسرائيلي أيضًا.
وأشار إلى أن القيادة حاولت عقد الاجتماع في هذا التوقيت تحديدًا، وبذلت جهودًا من أجل ذلك، إلا أنها فشلت في تحقيق مرادها، في ظل عجزها عن قطع وعود حقيقية بتغيير جذري في مستوى النتائج المرجوة من الاجتماع.
وفي نهاية المطاف، ستستمر قيادة "فتح" في إغلاق الأبواب على نفسها، باستعدائها كل فئات الشعب الفلسطيني، بمن فيهم الحلفاء الذين باتوا أعداءً لها، لينتهي بها الأمر إلى الانهيار الذي تتخوف منه (إسرائيل) فقط.