قائد الطوفان قائد الطوفان

الضيف.. أيقونة الخلاص من ويلات الاحتلال

القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف
القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف

الرسالة نت-رشا فرحات

" أنا أمك وبحكي معك، ما تنسانا، احنا قضينا 35 سنة في السجون، كان نفسي صفقة تشمل حد من أولادي" مناشدة عاجلة أرسلتها أم ناصر حميد للقائد المقاوم محمد الضيف، نداء من أم الأسير التي تعلم أين يختبئ أمل الأسرى الوحيد، ومن يملك مفتاح القرار.

لقد عكس ما فعلته المقاومة قبل عشر سنوات، حينما أفرجت عن أحلام 1027 أسيراً ضمن صفقة تبادل، هي الأقوى في تاريخ القضية الفلسطينية، عكس آمال وأحلام أهالي الأسرى، المستضعفين المنتظرين، والباحثين عن أمل لا تحققه سوى القوة.

أم ناصر حميد، حرمت من خمسة أسرى، وابنها ناصر حميد يرقد الآن على سرير المرض في وضع صحي صعب بعدما استشرى السرطان في رئتيه.

 ناصر أبو حميد لم يكن في يوم من الأيام مجرد رقم، ولكن السياسات المتواطئة مع المحتل تخطته وعدّته مجرد رقم قابع خلف القضبان إلى حيث الموت أو الحياة أسيراً للأبد.

انتمى أبو حميد لحركة فتح في شبابه المبكر، وشارك في نشاطاتها الوطنية، وكان من كواردها في الانتفاضة الأولى، ونشط في استهداف عملاء الاحتلال في إطار مجموعات فتحاوية سرية مثل مجموعة "الأسد المقنَّع" في رام الله.

وقد أُفرج عن أبو حميد من سجون الاحتلال عام 1994 إثر توقيع اتفاق القاهرة بين منظمة التحرير ودولة الاحتلال، ولأن البطل لا يكل، فقد استعاد نشاطه فوراً داخل حركة فتح، وجند في تنظيمه أربعة أخوة آخرين، دخلوا الأسر تباعاً يلحقون بشقيقهم، فغدت أم عبد الناصر وحيدة في بيت كبير لخمسة أسرى وشهيد.

هذا المشهد الذي جعل أم ناصر تنادي الضيف وتذرف دموعها، لم يكن مشهد الاستغاثة الأول الذي يأتي من الضفة الغربية والقدس، وحتى من الداخل المحتل.

للضيف اسم في كل مكان ومشهد في الضفة الغربية، هتف باسمه قبل أسبوع من فاض بهم الكيل في الضفة الغربية، من صمت السلطة وتجاهلها لملفات الاستيطان والأسرى، هتفوا إكراما لهشام أبو هواش واستغاثوا بالضيف حتى باتت جملة "احنا رجال محمد ضيف" أغنية يتناقلها القريب والبعيد.

وفي القدس والشيخ جراح قبل سبعة أشهر، صدح الغاضبون باسم الضيف بين أصداء الجدران المهددة بالهدم والاستيطان، وبين الرصاصات التي أُطلقت على مرابطيهم. حرب قامت بعد تغريدة أطلقها الضيف باسم التحذير الأخير، فأشعلت فتيل حرب لم تعد القدس بعدها كما كانت قبلها.

لم يغب اسم الجندي المجهول منذ ستة أِشهر عن مناشدات الضفة، فقد صدح اسمه في جنازة الشيخ عمر البرغوثي، والشيخ وصفي قبها، وفي الأفراح كان حاضراً، فقد أطلق الأسير المحرر رفيق محارجة مع نهاية العام الماضي على مولوده البكر اسم "محمد ضيف"، تيمنًا باسم القائد الذي تحول لأيقونة الخلاص.

ولم يغب الضيف عن الساحة في كل تصعيد، وحتى في نكات الساخرين من الاحتلال، كانوا يرددون اسمه في كل مرة لما يفعله هذا الاسم الغائب في قلوب سكنها الرعب.

الضيف الرجل الذي لم يعد يعرف ملامحه أحد، ولم يسمع صوته منذ سنوات طوال، والذي علق قلوب الأسرى جميعهم، بل وأصبح اسم الغائب حاضراً في كل مناسبة، مفرحة كانت أو محزنة، في كل حرب وسلم، خلف جدران الزنازين، وعلى لسان أمهات الأسرى.

ومن الجدير بالذكر أن الضيف فقد زوجته وابنه في حرب 2014 بعد أن قصف طيران الاحتلال بناية بهدف اغتياله، ولكنه نجا، وفي كل مرة، ينفض الغبار عن الرحلة ويكمل سيره.  وربما يذكر أهل الضفة الغربية أن الضيف شارك في تكوين سلاح أهالي الضفة قبل 27 عاماً في زيارة لم يكررها إلى الضفة، ولكنها طُبعت في الذاكرة التي وصلت لمرحلة اليقين، أن المقاومة هي الحل الوحيد.

البث المباشر