قائد الطوفان قائد الطوفان

الشهيد شحادة.. إعدام طفولة بلا ذنب

الطفل شحادة
الطفل شحادة

الرسالة-رشا فرحات

ذلك الطفل الذي كان يلعب مع رفاقه بالأمس سيتأخر عن باص المدرسة اليوم، وسيفتقده معلموه، قبل أن يكتشفوا أن الأمس كان آخر موعد له مع الحياة، وسيحمل على أكتافه قصص طفولته كأقرانه السابقين، وسيترك حقداً متأججاً في قلب أم وأب، ويرحل بعيداً.

وكل ذلك الحزن الذي سقط بغتة على قلب الأبوين، لن يعيد غائب الأمس الأشقر الطويل، الذي كانا يحملان في قلبيهما حلمه ويسيران، ثم سيباغتهما ذات ليلة في أحلام المنامات، ليقول لهما: صرت هناك يا أماه، حيث الرفاق يسرحون دون أن تقف لهم دبابة عند قارعة الطريق، ودون أن تختبئ خلف جدار البيت فوهة بندقية، لتسرق أحلامنا.

هذا محمد شحادة الذي كان يحمل أسبابه داخل قلبه لينهض كل صباح ويسير في طرقات يسرقها الاحتلال، في طرقات بيت لحم، مروراً بالبنادق المشرعة كل يوم، وجرافات الهدم التي توسع من استيطانها كل لحظة، وتدوس على الطفولة في طريقها.

محمد شحادة طفل من بيت لحم، لم يتجاوز الرابعة عشر، أطلقوا النار عليه وجردوه من ملابسه على قارعة الطريق وتركوه ينزف حتى الموت!

مؤازرون يتجمعون أمام منزل الشهيد الطفل في بلدة الخضر ببيت لحم، وفي الشارع الفاصل بين بيت لحم والقدس والمسمى شارع ستين الاستيطاني، حيث كمن الجنود لطفل وأعدموه بأربع رصاصات في المعدة وتركوه ينزف، وعروه! ولسان حالهم يقول:" عن ماذا كانوا يفتشون في الجسد الغض، لماذا تخيفهم الطفولة الفلسطينية إلى هذا الحد، حتى يكون قتلها لعبتهم المفضلة ؟!

ويقول جار قريب: "هذه ليست المرة الأولى بأن يمنعوننا حتى من إسعاف الجرحى حتى يفارقوا الحياة. كانوا يلبسون ثياباً مدنية. وقبل فترة قنصوا الطفل محمود صلاح الذي خسر قدمه في تلك الحادثة، صرنا نخاف على أطفالنا من التواجد في أي منطقة قد تكون مسرحاً لاستهداف أرواحهم من جندي يتسلى بقتل أبنائنا".

يقول شاهد عيان: "طالما هناك احتلال سيظل أبناؤنا يقتلون، محمد كان يحب أن يركب الخيل، كان يركض كغيره من أقرانه".

وقال آخر: "يا سيادة الرئيس، أولادنا يُقتلون، والجدار العنصري فصلنا عن الحياة، نتعرض لتفتيش يومي، وتعرية أطفالنا، هل تستوعب ما يدور حولك؟! هل تستوعب ما يجري لنا ولأولادنا؟! هُدمت بيوتنا وسنظل مرابطين ولن نطلب الرحمة إلا من الله".

والد الشهيد الذي تلمع الدموع في عينيه، يقف بين المتجمهرين ولا يقف، بقلب مأخوذ إلى هناك، حيث صودر جثمان صغيره، ووقف أمام الكاميرا بهدوء العاجز ليصف ما حدث "لقد رأى الجندي أن الواقف طفل، وكان بإمكانه ألا يطلق النار، لكننا نعلم أن أطفالنا يخيفونهم، كان ابني ينادي على أمه خوفاً قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة، وهو يُعرى، وينزف".

وبكل ثبات أب فلسطيني يضيف: "قضيت ثماني سنوات في سجون الاحتلال واليوم أقدم ابني الطفل شهيداً، وأنا أعلم أن محمد الطفل الذي حرمه الاحتلال من كل شيء يشكّل رعباً لكل جندي يستهدف الأطفال خوفاً من أن يكبروا".

"الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال" قالت في بيان بمناسبة يوم الطفل العالمي، إن "إسرائيل" قتلت 77 طفلاً فلسطينياً خلال عام 2021، وتحاكم عسكرياً بين 500 و700 طفل سنوياً.

تلك الأرقام والهتافات على باب منزل محمد شحادة شاهدة على طفولة حرمها الاحتلال من أبسط حقوقها في الحياة.

البث المباشر