قائد الطوفان قائد الطوفان

قهوة باب حطة.. سُنّة عائلة الرازم لضيوف الأقصى

الرسالة نت– مها شهوان

في القدس كل شيء له نكهته المميزة، فبمجرد التجول في أزقتها العتيقة، يبهرك كل شيء فيها، جدرانها تحكي تاريخ مدينة عريقة، ودروبها تروي حكاية أبطال وثوار لم يستسلموا للغزاة يوماً، أما وجوه سكانها فتكشف عن أصالتهم وكرمهم، فهم يحتضنون كل زائر لها.

ولشهر رمضان أجواء مختلفة في القدس، حيث المسجد الأقصى الذي يتسابق شبابها على تزيين بواباته، عدا عن محافظة المقدسيين على طقوس وعادات توارثتها الأجيال، حيث المبادرات الخيرية التي يقومون بها كإعداد الطعام لضيوف الأقصى أو تقديم القهوة على بواباته، كما تفعل عائلة الرازم.

منذ 13 عاماً، وعلى باب حطة الملاصق لعائلة الرازم، يقف الأبناء بعد صلاة التراويح لتقديم القهوة للمصلين، يردد شبابهم "اكسبوا الصلاة على النبي" ثم يقدمون الفنجان لمن يقترب منهم، فباتت تلك العادة الموروثة سُنةً حسنة.

اعتاد رواد الأقصى التقاط صور وفيديوهات لأبناء عائلة الرازم وهم يقدمون القهوة. تواصلت "الرسالة نت" مع عبد الجليل الرازم "أبو الرائد" -63 عاما- ليحكي تفاصيل عادة تقديمهم القهوة لرواد المسجد.

يسرد الرازم أصل الحكاية بقوله إن هذه العادة ورثوها عن والدهم الحاج "أبو نعيم" المعروف بكرمه، فيتذكر حين كان صغيراً والده وهو يطلب من شقيقه الأكبر إحضار "دلة القهوة" ليسقي المصلين بعد خروجهم من صلاة الجمعة أو التراويح.

وبعد وفاة والدهم، قرر الإخوة وأبناؤهم وحتى الأحفاد، مواصلة تلك العادة التي أصبحت عند المقدسيين سُنة يتميز بها آل الرازم، ويقول: "لدينا صندوق جميعنا يتشارك فيه ويضع المال كصدقة جارية عن والدنا وأنفسنا"، مبيناً أن ما يميز قهوتهم هو خصوصية تقديمها بطلب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.

ويشير إلى أن باب بيتهم هو "باب حطة" فعائلته تسكن المكان منذ زمن طويل، ويعلق: نفخر بتواجدنا في المكان، وكل ما نقدمه يعد قليلاً بالنسبة لمكانة الأقصى ومدينتنا القدس".

وبحسب قوله، إن تقديم القهوة لرواد الأقصى يشترك فيه جميع أفراد العائلة كباراً وصغاراً رغم أعمالهم الخاصة، وحتى بعض الجيران والأصحاب يساعدونهم في تقديمها وكل ذلك من "باب الأجر".

ويصف مبادرتهم في تقديم القهوة، بأنها ارتباط بالمسجد الأقصى ولتشجيع صغارهم على مواصلة العادة التي ورثوها عن جدهم الأكبر.

وتسعد عائلة الرازم حين يطلب قهوتها مصلون من خارج القدس، سواء من الضفة المحتلة أو قطاع غزة أو من دول أجنبية، كجنوب أفريقيا وتركيا وغيرهم من البلدان.

ولا يقتصر دور عائلة الرازم في توزيع القهوة، بل يتسابق أولادها على تزيين "باب حطة" الملاصق لبيتهم، وذلك منذ سنوات طويلة، حتى تطورت، ونقلت هذه العادة لبقية البوابات وحتى أزقة البلدة القديمة، فهم أصحاب فكرة التزيين لاستقبال شهر رمضان الكريم، كما يقول "أبو الرائد".

ويتشارك أفراد العائلة المقدسية أيضاً بفرقتهم المكونة من 40 فرداً، وهي متخصصة بعمل الأمسيات الرمضانية وتقدم التواشيح الدينية والمدائح النبوية والأغاني التراثية في الأقصى وأزقة البلدة القديمة.

ويذكر الرازم أنه في اليوم الثالث من رمضان، شاركت عائلته عبر فرقتهم بأمسية رمضانية تتبع "جمعية اللقلق" لإضاءة أكبر فانوس في البلدة القديمة بعد صلاة التراويح.

 ليست عائلة الرازم وحدها من لديها مبادرة خيرية أمام بوابات الأقصى، فهناك من يقدم العصائر الشعبية والتمور أو يوزع الماء على المصلين، ومنهم من يقدم الكعك المقدسي للصفوف الأولى في صلاة الفجر بالأقصى وذلك على مدار العام.

الهدفُ من نشر المبادرات الخيرية على بوابات المسجد الأقصى هو تعريف الناس بخيراته، وإظهار كرم وخير أهالي القدس ومدى حبهم للعطاء وخدمة رواد الأقصى.

البث المباشر