قائد الطوفان قائد الطوفان

ماذا لو أن رعدا أوكرانيا؟!

بقلم: طارق وليد النجار

يرى الشاب الأوكراني بملامحه الغربية، والمحاصر في شوارع مدينة ماريبول؛ مشاهد احتلال وحصار مدينته العزيزة على قلبه على مدار أكثر من شهر، ومشاهد وهروب أهله وأقاربه، فإذا به يتسلل سريعا بمسدس قديم؛ نحو العاصمة الروسية موسكو؛ التي أرسلت جنودها لاحتلال بلده ومدينه! فيقتل ثلاثة رجال روس خدموا سابقا في الجيش الروسي؛ فتهتز موسكو طوال عشر ساعات، ثم تهدأ بمقتل هذا الشاب الثائر الجميل؛ فيخرج والده من إحدى شوارع ماريبول؛ يشيد ببطولة ابنه ورضاه عن فعله؛ فماذا سيفعل الرئيس الأوكراني زيلنسكي حينها؟!
سيصبح هذا الشباب مدعاة لفخر الغرب عموما وسيتغنون به وببطولته؛ فيخرج زيلنسكي يبارك عمليته، ويذكّر العالم بمأساة أوكرانيا التي دخلت شهرها الثاني، ويحذر الروس من الاستمرار في احتلال الأرض الأوكرانية؛ لأن الاحتلال والحصار لن يجلب إلا القتل والدم؛ وأن عملية الشاب الأوكراني في موسكو خير شاهد على ذلك، وأخيرا سيعلن زيلنسكي أن هذا الشاب بطلا قوميا من أبطال أوكرانيا.
هكذا يدير الساسة الوطنيون شئون دولهم؛ فهم يستثمرون كل حدث للتذكير بمعاناة شعبهم جراء الاحتلال والقتل والدمار، فهل عملية الشاب الفلسطيني الرائع الشجاع رعد حازم ابن مخيم جنين للآجئين، المهجر أجداده من أرضهم المحتلة عام 1948م جراء آلة القتل والدمار "الإسرائيلية"، والفاقد لحلم الدولة والاستقرار؛ فهل تستحق هذه العملية؛ الشجب والإدانة والاستنكار؟ ألا يمتلك رعدا المبررات الوطنية والقومية والإسلامية المشروعة للقيام بهذه العملية؟ وهل يُعقل أنّ عند رعدٍ فرط قوة وقلة تقدير لتنفيذ هذه العملية؟ أم أنّ من أدانوا هذه العملية يعانون من قل وعي سياسي؟
لرعد ولغيره من أبناء الشعب الفلسطيني الحق الكامل في مقاومة الاحتلال؛ بل هو واجب وطني، وفرض ديني، ولا عذر لأحد في ترك ذلك، ولكن ما عذر من أدان عملية رعد؛ وتحديدا السلطة الفلسطينية؟ فهل تعتقد قيادة السلطة أنّها حصّلت من المحتل حقوق الشعب الفلسطيني، وأمنت له حياة كريمة، وأن علاقتها بالمحتل يجب ألا تتعكر جراء عملية هنا أو هناك، وأن مقاومة أبناء شعبنا تعتبر تجاوزا للحق الفلسطيني؛ لذلك تسارع السلطة لإدانة كل عملية؟! أم أن قيادة السلطة عجزت عن صياغة عبارات سياسية تخرجها من الحرج؛ فسارعت بإدانة العملية؟!
الواضح في الأمر والشواهد كثيرة؛ أن السلطة الفلسطينية تعمل بكل جهد واجتهاد على تثبيط شعبنا واحتواء عنفوانه عبر سياسات اقتصادية وأمنية مدعومة من الاحتلال، وتجريده من أبسط حقوقه السياسية وهي مقاومة المحتل، لكن هذا السياسة لن تدوم طويلا؛ فشباب الضفة وغزة أثبتوا عدم جدوى محاولات ترويضهم وتدجينهم؛ لذلك إذا لم تتيقن قيادة السلطة الفلسطينية لهذه الحقيقة؛ فإن مصيرها سيكون الزوال والاندثار تحت طموح الثوار، ولن ينفعهم المحتل الذي عجز عن تأمين نفسه من ذات الشباب الثائر.

البث المباشر