لا يحتاج الأسرى الفلسطينيون ليوم واحد من أجل التذكير بقضيتهم، فهم دوماً حاضرون بمعاناتهم وقهرهم للسجان، كما تكشف تجاربهم داخل الزنازين العنصرية التي تتعمدها مصلحة السجون في التعامل مع الأسرى خاصة النساء والمرضى والأشبال.
أمضى العشرات من الفلسطينيين أكثر من نصف عمرهم وهم يتنقلون بين المعتقلات الإسرائيلية التي توصف بالوحشية لافتقارها أدنى مقومات الحياة التي تصلح للعيش الآدمي، فأوضاع الأسرى الحياتية ينقلونها عبر رسائل لذويهم أو خلال زيارة المحامين لهم أو بعد الإفراج عنهم ليوثقوا تفاصيل لا يستوعبها عقل بشري.
قبل أيام أرسل وليد دقة، الذي أمضى حوالي 36 عاما داخل الأسر، رسالة إلى زوجته يحكي فيها تفاصيل ما يعيشه، وكتب فيها "في يوم الأسير: السجن مكان سيئ، وهو أحقر اختراع صنعته الإنسانيّة لمعاقبة الإنسان".
وتابع:" السجن، كمؤسسة شموليّة، لا يستهدف السجين بصورة عامة، وإنما الإنسان الفرد، كتفاصيل حياة ومعالم ومميزات شخصيّة (..) والسجن، كنظام، يحاول منذ اللحظة الأولى التي تطأه قدمك أن يحوّلك إلى رقم، وأن يجهز على معالم الذات فيك، ليحولك لموضوع سجّانك، لهذا الغرض يهندس السجّان ليس المكان فحسب، وإنما الزمن، أيضًا، فيقسم وحداته لتتم إعادة صياغتك من جديد".
ويكمل دقة رسالة نقلتها "الرسالة نت" عن زوجته التي عرضتها عبر صفحتها الفيسبوك: "في هذا السياق، تصبح حواسك وعواطفك وذوقك الجمالي ومشاعرك الإنسانيّة، أدوات تعذيب، وتكتشف، بهذا المعنى، تدريجيًا، أن السجن ما هو إلا امتداد لحالة الوطن، وأنّكَ فيه لست سجينًا أكثر من شعبك، سكّان المنازل الفلسطينية، ونضالك امتداد لنضالهم، عندها لا تشعر بأنك تواجه السجّان وحيدًا، بل أنّك جزء من شيء كبير وعظيم، أكبر من المعاناة والحرمان وأوسع من الزنزانة، وهو حريّة شعبك، الذي تستمد منه العزيمة والقوة والصمود".
رسالة دقة، تختصر العشرات من الرسائل التي تخرج من سجون الاحتلال لتصف الحالة المزرية التي يعيشونها من ألم نفسي وجسدي وقيد، ومع ذلك يحولون عذابات السجن إلى إنجازات تدرس.
***أبرز الانتهاكات
واعتاد الفلسطينيون إحياء يوم الأسير في السابع عشر من نيسان كل عام، كونه شهد إطلاق سراح أول أســير فلسطيني "محمود بكر حجازي" في أول عملية لتبادل الأســرى بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي.
وتستعرض "الرسالة نت" أبرز الانتهاكات التي يتعرض لها الأسرى كما يروون عند زيارتهم أو الإفراج عنهم ومنها:
-إساءة المعاملة، والاحتجاز في ظل ظروف غير إنسانية، والتعذيب النفسي والجسدي، والحرمان من حقهم في الزيارة من قبل غالبية ذويهم وأهاليهم، بذريعة الحرمان الأمني.
- الاعتقال الإداري دون محاكمة، والعزل القصري الانفرادي الذي يمتد أحيانا لسنوات عدة.
- عدم توفير العناية الطبية الملائمة، واقتحام غرفهم على أيدي وحدات قمع خاصة ورشهم بالغاز، والتفتيش العاري.
- لجوء دولة الاحتلال إلى شرعنة ممارساتها ضد الأسرى بإصدار سلسلة من القوانين العنصرية، وفي مقدمتها قانون "إعدام الأسرى".
وتجدر الإشارة إلى أنه منذ الاحتلال الإسرائيلي 1948 اعتقل نحو مليون فلسطيني من بينهم الآلاف من الأطفال والنساء وكبار السن.
كما تحل هذه الذكرى مع استمرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي في اعتقال أكثر من 4500 أسير، بينهم 41 أسيرة، وأكثر من 140 طفلاً، كما أن هناك اكثر من 550 أسيرًا يعانون من أمراض بدرجات مختلفة، وهم بحاجة إلى متابعة ورعاية صحية حثيثة، و22 أســـيرا مصابين بالسرطان، وبأورام بدرجات متفاوتة، من بينهم الأسير فؤاد الشوبكي (82 عاما)، وهو أكبر الأسرى سنّا والأسـير ناصر أبو حميد الذي يصارع الموت.
وتؤكد مؤسسات حقوق الإنسان المحلية والدولية في كل يوم، على ضرورة التصدي للممارسات الإسرائيلية اللاإنسانية المنفذة بشكل منهجي بحق الأســرى الفلسطينيين، وتنادي بضرورة إلزام (إسرائيل) على احترام الاتفاقيات الدولية التي تكفل للمعتقلين التمتع بحقوقهم.