قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: لا عِداء إلّا للكيان

م. طارق وليد النجار
م. طارق وليد النجار

طارق وليد النجار

تنبُع فكرة وجودّة العمل السياسي بشقيه الداخلي والخارجي؛ في تعزيز ميزان قوة الفاعل السياسي؛ وإضعاف ميزان قوة عدوه، ويسعى الفاعل السياسي بكل السبل لقطع الطريق أمام العدو الذي يسعى لسبله عوامل قوته، حول هذه الفكرة تعقد التحالفات، المعاهدات، العلاقات، الدعم السياسي، هذه الإجراءات التي يتخذها الفاعل السياسي تساهم بكل تأكيد في تقويته داخليا مما يعزز قدرته على الصمود أمام الجهات المعادية.
حركة حماس ليست بدعا من الفاعلين السياسيين، فهي فاعل دولي من غير الدول كحركة تحرر وطني لديها شبكة علاقات دولية واسعة مع أطياف واسعة من الدول والحركات والشعوب والأفراد؛ والحركة ترى أهمية ومحورية الحفاظ على ميزان قوتها أمام العدو الصهيوني، الذي يسعى بكل الوسائل لسلب حماس عوامل قوتها عاملا تلو الأخر؛ فحملات التطبيع التي تقودها "إسرائيل" مع الدول العربية والإسلامية، وتشويه حماس، وتأليب الأنظمة العربية ضدها، وضرب علاقة الحركة بالفاعلين الداعمين لها؛ تحت ذرائع طائفية، بل وتأليب الفلسطينيين أيضا عليها، وترهيب حركة فتح والسلطة الفلسطينية من حماس؛ كل هذه الإجراءات تأتي في إطار اضعاف ميزان قوة حماس خارجيا وداخليا.

يقابل الجهد الصهيوني المبذول لإضعاف ميزان قوة حماس؛ جهدا حمساويا واضحا للحفاظ على هذا الميزان وتعزيزه، لذلك تسعى حماس بكل السبل لبناء علاقات متوازنة بالقدر الذي يحقق لديها عوامل الصمود أمام "إسرائيل"؛ فليس من المنطق السياسي السليم أن تعادي الحركة شعبا أو نظاما؛ في ظل إقليم مضطرب وعالم أكثر اضطرابا؛ فاستعادة الحركة علاقاتها بسوريا تأتي من هذا المنطق؛ رغم ما ستعانيه الحركة من انتقاد في قابل الأيام جرّاء هذه الخطوة المقدرة سياسيا؛ فعلاقة حماس بسوريا ستقوي الحركة سياسيا وعسكريا وتُفشل المخططات الرامية لحصار الحركة والتضيق عليها، على الرغم أن حماس لم تقطع علاقتها بمصر وباقي الدول العربية (السنية) حين أقرت قرار عودة علاقتها بسوريا، على قاعدة لا عِداء لأحد غير الكيان الصهيوني.
جاء قبول إسماعيل هنية رئيس حماس لهذه لدعوة الرئيس عبد المجيد تبون وحضور حفل استقلال الجمهورية الجزائرية؛ وقبوله لقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس بعد قطيعة طويلة؛ ليثبت أن حركة حماس تجيد التحكم والحفاظ على ميزان القوة الخاص بها؛ فإلى جانب الدلالات السياسية الكبيرة لهذا الدعوة على صعيد علاقات حماس العربية والإسلامية؛ فإن لقاء عباس وهنية، يدل أنّ الحركة تولي اهتماما كبيرا بإتمام المصالحة وهذا من شأنه تقوية ميزان القوة السياسي ليس لحماس فحسب بل والشعب الفلسطيني أجمع.

أخيرا، بعد عودة علاقة حماس مع سوريا ولقاء عباس وهنية، أثبتت الحركة أنها ترفع شعار القديم الجديد، لا عِداء لأي مكون إسلامي أو عربي أو فلسطيني، وأن المعركة مع المحتل تحتاج جهد الجميع.

البث المباشر