كالمرابطين، تتصدى المرابطات -سواء بسواء- للاقتحامات داخل المسجد الأقصى منذ سنوات طويلة حتى فرضن واقعا مريرا على الشرطة (الإسرائيلية) داخل الأقصى.
يتواجدن في باحات المسجد منذ ساعات الصباح الباكر يتنقلن ما بين حلقات الذكر وقراءة القرآن وصلاة الضحى ثم إلى جلسات العلم والرباط تأهبا لأي حدث أو اقتحام.
ولعلم الاحتلال بتأثيرهن خلال أي حدث يجري في الأقصى وخاصة خلال الأعياد اليهودية التي تكون فيها ذروة الاقتحامات، ترسل الشرطة قرارات الإبعاد لهن، فيما تلجأ لاعتقال عدد منهن أو إجبارهن على الحبس المنزلي.
الاعتداءات على المسجد الأقصى، خاصة منذ انتفاضة القدس 2015 شهدت تواجدا للمرابطات من أجل الدفاع عن المسجد، وفي كل مرة يثبتن بسالتهن في التصدي للمستوطنين وممارساتهم العنصرية، رغم تعرضهن للضرب وقت المواجهات.
ورغم كل ما يتعرضن له من عنف لفظي وجسدي إلا أنهن يقفن في وجه المحتل ويواجهن أسلحته بصلواتهن والتكبير.
ويعتقد البعض أن ظهور المرابطات كان في السنوات الأخيرة، لكن واقعيا لهن تاريخ في الدفاع عن المسجد الأقصى، وتتراوح أعمارهن ما بين أوائل العشرينات إلى ما يزيد عن السبعين عامًا، يأتين يوميًا إلى أهم موقع إسلامي في القدس وثالث أقدس بقعة في الأرض، وتحت أقواس المسجد أو في الساحات المظللة لقبة الصخرة الذهبية يقمن الصلاة، ويجتمعن ويتدارسن معا.
وعن سبب انزعاج الاحتلال من رباطهن تقول المرابطة خديجة خويص وهي مبعدة عن المسجد الأقصى: "السبب مجهول، لكن الواضح أن تواجدنا يقلق المحتل لذا من حين لآخر يبعد سيدات ويلاحق أخريات بالحبس المنزلي والاعتقال".
وتؤكد خويص "للرسالة نت" أن تواجدهن في الأقصى ليس واجبا وطنيا فقط، بل عبادة، موضحة أن طريقهن للأقصى محفوفة بالمخاطر، فالمرابطة حين تخرج من بيتها لا تدرك إن كانت ستصلي في باحاته أم في الطرق المؤدية إليه أم سترغمها شرطة الاحتلال على العودة.
وتذكر أن المرابطات يدركن أهمية تواجدهن في الأقصى لذا يتحملن كل أنواع العنف الذي يمارس عليهن من الاحتلال سواء بالضرب أو الاعتقال أو إطلاق الرصاص عليهن.
وفي سؤال إن كان تواجدهن منظما أجابت: "الحرارة الدينية تدفعنا للرباط، نخرج من بيوتنا نلبي نداء الأقصى"، مضيفة: الاحتلال يدرك أهمية الرباط جيدا لذا سلم هذا العام حوالي 400 قرار إبعاد للمرابطين والمرابطات.
وأكدت أن وجودهن في الأقصى بأوقات مختلفة لمنع فرض الاحتلال التقسيم الزماني والمكاني للمسجد، مشيرة إلى أنهن يحملن قضية الأقصى في كل مكان. ففي حال مُنعت المرابطة من التواجد تلجأ لمنصات التواصل الاجتماعي لفضح ممارسات الاحتلال (الإسرائيلي).
خويص كجميع المرابطات يرفضن ما يسمى "القائمة السوداء" التي تستخدمها سلطات الاحتلال حجة لمنعهن من دخول الأقصى، ويعتبرنها قائمة "ذهبية" لأنها تحتوي على أسماء النساء اللواتي يدافعن عن الأقصى بأرواحهن، ويأبين أن يدنسه المستوطنون.
وتتشابه قصص المرابطات في تفاصيلها اليومية حين تنصت إلى رحلة وصولهن إلى الأقصى وقناعتهن بالرباط في باحاته، فهن كالجسد الواحد ينتفضن على الشرطة (الإسرائيلية) حال تعرضت إحداهن للاعتقال لتخليصها.
ورغم أوامر الإبعاد التي تتلقاها المرابطات إلا أنهن يعاندن المحتل بالوصول إلى أقرب نقطة للمسجد الأقصى والرباط فيها، وبعد انتهاء مدة الإبعاد يسارعن إلى باحات المسجد مكبرات للمشاركة في حلقات الذكر والتصدي للمستوطنين فهذه ليست عادة بل عبادة يتوارثنها عن أمهاتهن وجداتهن منذ دخول الاحتلال.