ثمن الكرامة وعدم التنازل عن حق من حقوق شعبنا، هو الحصار؛ الحصار الذي بات يقطع أوصال مخيم شعفاط، في ظل غياب دور المنظمات الدولية لحقوق الانسان، فالاحتلال يمارس عقابه الجماعي بعد فشله في إلقاء القبض على منفذ عملية إطلاق النار على حاجز شعفاط العسكري، هذا الأسلوب هو ذاته الذي يمارسه في غزة ويحاصرها منذ (15) عامًا، فشل خلالها الاحتلال من تركيع شعبنا، وهو يفشل الآن في فرض المعادلة نفسها في القدس، لأن المعادلات وإن فرضت بالنار، سيواجهها شعبنا بمزيد من الصمود والإيثار، ولن يكون هناك أي حظوظ للاحتلال في ضرب الحاضنة الشعبية للمقاومة، لأن وحدة الصف الوطني والتي تشكلت مؤخرًا هي نتاج ما تعرضت له الضفة خلال سنوات طويلة، ثم إن أي ممارسات جديدة يحاول الجيش من خلالها استخدام القوة المفرطة ستستدعي ردود عملياتية سريعة وكبيرة.
ومن حيث تقدير الموقف لما يحدث في الضفة ميدانيًا، والمتغيرات المتسارعة التي صدمت منظومة أمن الاحتلال، يمكن ايجاز تلك المتغيرات في عدة نقاط رئيسة.
أولاً: على الصعيد الميداني للمقاومة/
هناك تحولاً سريعًا ومفاجئًا في تنظيم عمليات المقاومة من خلال الاعلان عن تشكيل عسكري وحدوي تحت مسمى "عرين الأسود"، والذي تثير بياناته المتتالية والمتزامنة مع الأحداث في الضفة أبناء شعبنا، الذين منحوها الثقة في أن تحتل خطًا متقدمًا للدفاع عن شعبنا، وحماية المخيمات التي تتعرض للاعتداءات الصهيونية المتكررة، حيث أصبحت حديث الشارع الفلسطيني، ومنبرًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الاعلامية العربية والمحلية، كونها تشهد اشتباكات مسلحة مع الاحتلال، وتثبت أن أقوالها تترجم لأفعال بشكل ملحوظ لا يمكن أن يختلف عليه أحد؛
كما أن هذا التشكيل قد يكون نموذجًا رئيسًا للعمل المقاوم في الضفة، كونه حديثًا ولم تتوفر أي معلومات للعدو الصهيوني عن مركباته، أو مجموعاته الميدانية، وهذا ما يمنح التشكيل العسكري القوة والفرصة في استثمار هذه المحطة لحشد الموقف الشعبي الداعم لمشروع المقاومة، سيما في ظل محاربة السلطة والاحتلال للفصائل الفلسطينية، وما يقدمه التنسيق الأمني للعدو الصهيوني لضرب الفصائل الفلسطينية في الضفة، وبالتالي يمكن تحديد الكثير من الخيارات للعمل ضد الاحتلال من خلال تشكيلات جديدة تنخرط في صف واحد، وتحت مظلة شعبية واحدة، لتدعم خيار تفعيل كل أدوات المقاومة بوجه الاحتلال، باعتبار أن المرحلة الحالية تتطلب هذا السيناريو.
ثانيًا: على صعيد الاحتلال الصهيوني/
لا يزال العدو متخبطًا ومرتبكًا أمام ما يجري ميدانيًا من تصاعد للعمل الثوري الشعبي والمنظم، لكنه لم يقدم أي مقترحًا جديدًا للتعامل مع معطيات الميدان، إذ يصر الجيش على إبقاء قواته تعمل ضمن سلسلة عمليات كاسر الأمواج، مع توسيع الاستهدافات في جنين ونابلس، على قاعدة جز العشب، وما يولد الخشية هو ما طرحه وزير الحرب غانتس حول التلميح بتوتير الساحات الأخرى في ظل التوتر بالضفة، حيث ربط ما يدور في جنين ونابلس بقطاع غزة، ومزاعم الاحتلال اليوم عن اعتقال خلية على اتصال بحركة حماس في غزة لتنفيذ عمليات إطلاق نار، له تداعيات خطيرة ربما تفكر بها الحكومة الصهيونية.
ومن خلال المعطيات السابقة يمكن القول أن الاحتلال قد يُقبل على توسيع عملياته في الضفة من خلال بعض الاستهدافات التي يرى أنها ستقيد فرص عرين الأسود من تحقيق أهدافها عمليًا؛ في المقابل سيظل الاحتلال عاجزًا عن إنهاء أي ظاهرة للمقاومة، باعتبار أن البعد الوطني للعرين والتشكيلات العسكرية لا يزال حاضرًا وقويًا.