لم يكد يجف حبر القلم الذي وقعت فيه قيادة السلطة في الجزائر على اتفاق لم الشمل لتحقيق الوحدة الفلسطينية وإنجاز المصالحة برعاية الرئيس الجزائري، حتى كانت هراوات أجهزة أمن السلطة تلاحق الشبان الذين انتفضوا نصرة للأقصى.
وقمعت أجهزة أمن السلطة بقوات كبيرة، ظهر أمس الجمعة، مسيرة جماهيرية خرجت بدعوة من حركة حماس بمسجد الحسين بن علي في الخليل نصرة للمسجد الأقصى المبارك، وتنديدًا بحرق مستوطنين نسخًا من المصحف الشريف.
ووقعت الفصائل الفلسطينية، مساء الخميس الماضي، على "إعلان الجزائر"، في ختام مؤتمر لم الشمل للمصالحة الوطنية الفلسطينية.
ويفضح سلوك السلطة في أول اختبار للنوايا، عدم جديتها في السير نحو تحقيق الوحدة الوطنية، لا سيما في ظل تصعيد الاحتلال ومستوطنيه لانتهاكاتهم بحق الأقصى والمواطنين في الضفة المحتلة والقدس.
ويعتبر عضو المكتب السياسي لحركة حماس هارون ناصر الدين أن هذا الاعتداء يمثل خروجا على القيم الوطنية، واستخفافا بمشاعر أبناء شعبنا الغاضبة من الاحتلال وجرائمه وتدنيسه المسجدين الأقصى والإبراهيمي.
ويؤكد ناصر أن قمع المسيرة في الوقت الذي يستمر فيه الاحتلال باغتيال واعتقال شبابنا في جنين ونابلس وكل مدن الضفة الغربية المحتلة تساوق غير مقبول مع مخططات الاحتلال الرامية لتهويد المقدسات، ويُناقض واجب الانتصار للقضايا الكبرى، وفي مقدمتها قضية القدس والمسجد الأقصى المبارك.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي خالد العمايرة، أن قمع مسيرة الخليل يكشف بأن السلطة تذهب لتوقيت اتفاقية غير مؤمنة بها على الإطلاق، وتثبت صحة حالة الشك التي تراود الغالبية الساحقة لدى شعبنا في عدم جديتها بهذا المسار.
ويوضح العمايرة في حديثه لـ "الرسالة" أن السلطة قائمة على قمع حماس على اعتبار أنها تمثل بالنسبة لها العدو الرئيسي، بينما يمثل الاحتلال لهم شيئا ثانويا؛ وفق العقيدة الأمنية التي غرسها الجنرال الأمريكي كيث دايتون في عقولهم.
ويبين أن هناك الكثير من الأدلة على الأرض في الضفة تثبت بأن تلاميذ دايتون يمسكون بزمام الأمور في رام الله ويطبقون السياسة التي دُجنوا عليها في ظل حالة القتل والعربدة التي يمارسها جيش الاحتلال بحق الفلسطينيين بالضفة.
ويشير العمايرة إلى أن كل تلك الانتهاكات لا تثير أي انطباع أو تحرك لدى السلطة، بقدر ما يمكن أن يدفعها بقوة للتحرك عندما ترى رايات خضراء خرجت نصرة للأقصى.
ويلفت إلى أن جميع تلك المحاولات التي تشنها السلطة والاحتلال ضد حركة حماس لن تنجح في تشويه العقل الفلسطيني الذي يدرك أن عدوه الوحيد هو الاحتلال ويتوحد خلف قوى المقاومة على مختلف مسمياتها أمام حالة التغول والصلف التي يمارسها جيش العدو ومستوطنوه.
ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي سليمان أبو ستة، أن سلوك السلطة الحالي الميداني على الأرض هو الحكم الفعلي والحقيقي، مؤكدا أن ما يجري ميدانيا على الأرض يثبت أن السلطة لا تريد المصالحة.
ويضيف أبو ستة في حديثه لـ "الرسالة" أن السلطة ترفض مشروع المقاومة كون أن وظيفتها قائمة على التنسيق الأمني وتواجه أي سلوك مخالف لهذا الاتجاه، لذلك تقمع أي تحرك مناصر للأقصى.
ويوضح أنه في حال تخلت حماس عن مقاومة الاحتلال يمكن أن تتحقق المصالحة وهذا لن يحدث، كون أن المصالحة الحقيقية تقوم على مقاومة ومقارعة الاحتلال وإلا سيزيد الاحتلال من انتهاكاته بحق شعبنا.