قائد الطوفان قائد الطوفان

للسنة الثالثة على التوالي..مياه الصرف الصحي تعكر صفاء البحر

غزة / ديانا طبيل     

ما أن حل الصيف تنفس الكثيرون من سكان غزة الصعداء من اجل الاستمتاع ببحرها وازاحة الكثير من الهموم التي عكرت صفو حياتهم وأنهكت كاهلهم بسبب الحصار الصهيوني المتواصل ، إلا انه وللسنة الثالثة على التوالي لم تكتمل أجواء فرحتهم بالإجازة وأشعة الشمس الساطعة والمختلطة بلون رمال البحر ، حيث طفت إلى شاطئهم مشكلة تلوث مياه البحر بمياه الصرف الصحي،  جراء الحصار ومنع دخول الأجهزة والمعدات اللازمة لعلاج مشكلة الصرف الصحي .

*** سباحة واحتياطات صحية

الموطن عبد الهادي العبسى "44عاما " يقول لـ  "الرسالة " : ندرك تماما مدى المخاطر التي قد يتعرض لها أطفالنا جراء سباحتهم في البحر لكننا لا نستطيع منعهم من السباحة أو إفهامهم ما معنى حصار ، فالطفل بحاجة إلى ترفيه ولعب وليس هناك في قطاع غزة مكان يصلح لان نصطحب إليه أطفالنا غير الشاطئ .

ويتخذ العبسى الكثير من الاحتياطات الوقائية ليمنع وصول الأوبئة المتوقعة إلى جسد أبنائه ، فعند عودتهم للمنزل يهرع إلى إعطائهم مضاد حيوي للالتهابات ودهن أجسامهم بالبراهم الخاصة بمكافحة البكتيريا والجراثيم موضحا انه سيهرع إلى اقرب مركز طبي في حال لاحظ اى تغير على صحة أطفاله .

في حين تقول المواطنة أم على حسونة " 35 عاما " انه في العام الماضي منعت أبناءها من السباحة لكنهم هذا العام رفضوا الانصياع إلى أوامرها وأعلنوا حاجتهم للترفيه, مضيفةً أن الحرب الأخيرة لم تترك شيئا في غزة إلا و لوثته فلا حرج من السباحة في مياه ملوثة .

وتتابع أنها تحاول قدر الإمكان الابتعاد عن الأماكن التي تصل إليها مياه الصرف مباشرة متبعة كافة التعليمات بهذا الشأن ، معربة عن أملها أن يمر الموسم دون وقوع اى من الأسر في براثن المرض, متسائلةَ :" أين المؤسسات الدولية والحقوقية عن هذه الكارثة ومضارها على الإنسان الفلسطيني .

بينما يقول المواطن عصام عفانة من سكان مدينة غزة أن المشكلة الأكبر تتركز على شاطئ بحر غزة فهناك ما لا يقل عن سبع أنابيب للمياه العادمة وهذا يعنى انه أينما اتجهت فان حتما ستصاب بالأذى .

** حملة توعية

ويشدد  على ضرورة أن تتطلع المؤسسات الدولية على مأساة سكان غزة  وتحاول حماية البيئة والإنسان .

من جهتها أطلقت منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة الفلسطينية حملة توعية عامة لتحذير السباحين والصيادين من المخاطر المحتملة لمياه الصرف، وآثارها الخطيرة على صحة المواطنين. وتضمنت حملة التوعية وضع علامات تحذيرية في سبع مناطق ملوثة بمياه الصرف الصحي في قطاع غزة على طول الخط الساحلي الذي يمتد على مساحة 42 كم؛ حيث تصب مياه الصرف غير المعالجة في البحر المتوسط مباشرة.

فيما أكدت هيئة البيئة وهيئة مياه بلديات الساحل أن أربعة من المناطق السبعة الملوثة تقع في مدينة غزة، حيث تتمثل المناطق المتضررة في الشمال و مخيم الشاطئ للاجئين، ومنطقة الفنادق المطل على البحر، ومنطقة المجمع الرئاسي السابق"الشاليهات"، في حين تشمل المناطق المتضررة في الجنوب في مستوطنة نيتساريم السابقة، ووادي غزة ورفح (بالقرب من الحدود بين غزة ومصر).

ومن جهته قال محمود ضاهر، مدير البرامج الصحية بمنظمة الصحة العالمية: "ينبغي تجنب المناطق الملوثة بمياه الصرف الصحي، إذ من المحتمل أن يصاب مرتادوها بأمراض مرتبطة بالإسهال وأمراض جلدية.

واعتبر ضاهر أن "الأزمة الحقيقية تتركز على شاطئ مدينة غزة بسبب الحصار الإسرائيلي الذي يمنع دخول قطع الغيار اللازمة لتطوير البنية التحتية لمعالجة المياه العادمة"، وما زاد الوضع سوء الإضرار التي لحقت بالبنية التحتية نتيجة الحرب الإسرائيلية التي خلفت دمارا هائلا .

*** دون معالجة

في حين  اعتبر الدكتور سمير عفيفي من قسم البيئة وعلوم الأرض بالجامعة الإسلامية بغزة أن تلوث البحر له انعكاساته الصحية المباشرة على صحة المواطنين، وله تأثير على الثروة السمكية والتنوع الحيوي وإمكانية تكاثر الأسماك.

وأكد عفيفي وجود ملوثات "مايكروبيولوجية" بمياه بحر غزة، لافتا إلى أن هناك آثارا تراكمية ستظهر على المدى البعيد نتيجة استمرار ضخ المياه العادمة في البحر, موضحاً أن الجراثيم التي توجد في المياه العادمة قد تتمكن من البقاء حية في المياه المالحة ولفترات متفاوتة.

وشدد عفيفي على أن خطورة هذا الوضع تكمن في تهديد صحة الأفراد مشيرا إلى أن عدة دراسات أجريت مؤخرا أكدت أن نسبة عالية من مرتادي الشواطئ الملوثة، يصابون بأمراض جرثومية متنوعة تتراوح شدتها ما بين التهابات طفيفة وإصابات خطيرة كالتهاب السحايا القاتل.

ووفق نتائج البحث، فإن حالات الإصابة تقع نتيجة تعرض الأفراد لماء البحر الملوث من خلال طرق عديدة تتمثل في التلامس والابتلاع واستنشاق الرذاذ أو التعامل مع الأسماك بالصيد أو البيع أو الشراء.

وأضاف عفيفي أن موضوع التلوث المايكروبيولوجي (بواسطة الجراثيم) لا يقتصر على مياه البحر فحسب، مشيرا إلى أن أحد الدراسات البحثية التي أجريت لتقييم وضع رمل الشواطئ بالمناطق القريبة من مصبات المياه العادمة الواردة للبحر أظهرت أن مستويات الثلوث بالرمال كانت أعلى مقارنة مع مياه البحر.

 

 

البث المباشر