تمسك أردني بـ"الوصاية الهاشمية"

 28 عاما على اتفاقية السلام.. الاحتلال يواصل اعتداءاته على المقدسات

الرسالة نت- وكالات

لا يخلو موقف رسمي أردني، أو بيان مندد بانتهاكات الاحتلال (الإسرائيلي) المتوالية على الحرم القدسي الشريف ومسجده الأقصى ومدينة القدس، من الحديث عن "الوصاية الهاشمية على القدس والمقدسات"، والتأكيد على ضرورة احترام "الوضع التاريخي والقانوني القائم هناك".

وتعود جذور العلاقة بين الهاشميين ومدينة القدس والمسجد الأقصى -بحسب مؤرخين- لعام 1924 عندما عُقد مؤتمر لقيادات مقدسية ومؤسسات فلسطينية بايعت الأمير عبد الله الأول بالوصاية على مدينة القدس والمقدسات، وأعلن الأمير حينها التبرع بـ50 ألف ليرة ذهبية لإعمار المسجد الأقصى ومدينة القدس وسمي بـ"الإعمار الهاشمي الأول".

ونستعرض في هذا التقرير التعريف بالدور الذي يقوم به الأردن ضمن "الوصاية الهاشمية على القدس والمقدسات"، ومن منح الأردن ذلك الدور؟ وما الصفة القانونية والتاريخية له؟ وهل تعترف بها (إسرائيل)؟ ودور وزارة الأوقاف الأردنية هناك؟ وغيرها من الاستفسارات التي تدور بذهن القارئ.

ما الدور الذي يقوم به الأردن في وصايته الهاشمية على القدس والمقدسات؟

تتعدد الأدوار التي تقوم بها المملكة الأردنية في رعايتها للقدس الشريف -بحسب مختصين- بدءا من المعارك التي خاضها الجيش الأردني وجيوش عربية في عام 1948 لحماية مدينة القدس ومنع سقوطها تحت الاحتلال، وضم القدس والضفة الغربية للأردن عام 1950 بما يعرف بـ"وحدة الضفتين".

إضافة لأدوار سياسية ودبلوماسية وقانونية وتنفيذية متعلقة بالإعمار الهاشمي للحرم القدسي الشريف والمسجد الأقصى وقبة الصخرة وصيانتهم وحمايتهم، وأدوار تربوية تمثلت بإقامة المدارس والمعاهد الدينية، وجانب مهم يُعنى بحفظ التراث والذاكرة التاريخية المقدسية، ورعاية لمساجد المدينة وصيانتها، وفق مؤرخين.

ويقوم الأردن -بحسب وزارة الخارجية الأردنية- بدور سياسي وقانوني ودبلوماسي مهم في التأكيد على أن القدس الشرقية مدينة محتلة، وتخضع لأحكام القانون الدولي، ويجب أن تكون عاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة، وفقا لمبدأ حل الدولتين.

من منح الأردن ذلك الدور؟ وما السند القانوني والتاريخي؟ وهل تعترف به (إسرائيل) بعد احتلالها لكامل الأراضي الفلسطينية بما فيها القدس الشرقية؟

يعتمد الأردن في موقفه القانوني بالوصاية الهاشمية على "الدور التاريخي لإدارته لمدينة القدس"، والاعتراف الدولي بهذا الدور من قِبل المؤسسات الدولية والأممية ودول كبرى، واعتراف الاحتلال والسلطة الوطنية الفلسطينية بحق الأردن بالوصاية على القدس والمقدسات بموجب اتفاقيات السلام بينهم، بحسب بنود الاتفاقيات.

وتعمقت الوصاية الهاشمية على مدينة القدس بعد حرب عام 1948 وسقوط معظم الأراضي الفلسطينية تحت الاحتلال (الإسرائيلي)، باستثناء الجزء الشرقي لمدينة القدس، وأراضي الضفة الغربية التي قاتل الجيش الأردني وجيوش عربية بالدفاع عنها في مواجهة العصابات الصهيونية المتطرفة (الهاغاناه والأراغون وغيرهما)، بحسب مؤرخين.

وفي عام 1954، أعلن الأردن إصدار قانون تشكلت بموجبه لجنة "إعمار المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة المشرفة"، أوكلت لهذه اللجنة شؤون إعمار وإدارة المقدسات الإسلامية في الحرم القدسي الشريف وما حوله، مما منح حقوقا تاريخية وقانونية راسخة برعايتها للقدس والمقدسات، بحسب وزارة الخارجية.

28 عاما على وادي عربة تقرير تعريفي حول الوصاية الهاشمية على القدس اعتصام غاضب أما شركة الفجر المصرية الأردنية لاستراد الغاز من إسرائيل. الجزيرة . غرب عمان

ما موقف منظمة التحرير والسلطة الوطنية الفلسطينية من الدور الأردني بالقدس، وقرار فك الارتباط بين الضفتين؟

في عام 1950، أعلن الأردن قيام الوحدة بين الضفتين، وباتت مدينة القدس ومناطقها الشرقية، كبقية مناطق الضفة الغربية، جزءا من المملكة الأردنية الهاشمية وتحت حكمها وإدارتها، واستمر الحال لمدة 38 عاما حتى أعلن الأردن فك الارتباط القانوني والإداري مع الضفة الغربية عام 1988.

لكن قرار فك الارتباط استثنى مدينة القدس التي بقيت تحت إدارة الأردن، وبموافقة من منظمة التحرير الفلسطينية آنذاك، وشهد عام 2013 توقيع اتفاقية بين ملك الأردن عبد الله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس، جددت تأكيد الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس، وفق مسؤولين أردنيين.

هل أكدت معاهدة وادي عربة على الوصاية الهاشمية، أو انتقصت منها وزادت الانتهاكات؟

تضمنت معاهدة السلام الأردنية (الإسرائيلية) الموقعة عام 1994 بنودا بالمادة التاسعة شكّلت اعترافا (إسرائيليا) بالوصاية الهاشمية على القدس، والأماكن ذات الأهمية التاريخية والدينية وحوار الأديان، بأن يمنح كل طرف للطرف الآخر حرية الوصول للأماكن ذات الأهمية الدينية والتاريخية.

ونص البند الثاني على أن تحترم إسرائيل الدور الحالي الخاص للمملكة في الأماكن الإسلامية المقدسة في القدس، وعند انعقاد مفاوضات الوضع النهائي ستعطي إسرائيل أولوية كبرى للدور الأردني التاريخي في هذه الأماكن، بحسب الاتفاقية.

لكن على أرض الواقع، فإن ما زال الاحتلال يواصل انتهاك قدسية مدينة القدس والمسجد الأقصى، ومحاولات فرض تقسيم زماني ومكاني، وتغيير الوضع القائم "يهدد الوصاية الهاشمية ويجعل منها شكلية"، بحسب الناشط المقدسي زياد بحيص.

ويضيف بحيص للجزيرة نت أن الأردن لعبا دورا مهما في "إعمار المسجد الأقصى وحمايته خلال العقود الماضية"، لكن الأقصى يتعرض في العقد الأخير لـ"خطر وجودي وإلغائي للمسجد وتغيير لهويته، وهنا يتراجع الدور الأردني ويقتصر مؤخرا بالرد الشفوي ببيانات منددة فقط"، على حد قوله.

ووقّع الأردن مع الاحتلال (الإسرائيلي) عام 2015 اتفاقا متعلقا بالمسجد الأقصى -برعاية أميركية- تضمن احترام الاحتلال للدور الخاص والتاريخي للأردن، كما ورد في اتفاقية السلام بين الطرفين، والتنسيق المستمر بين سلطات الاحتلال وإدارة وزارة الأوقاف الأردنية للحرم القدسي.

كيف تتم إدارة شؤون الحرم القدسي الشريف على الأرض؟ وما دور وزارة الأوقاف الأردنية؟

يدير الأردن شؤون المسجد الأقصى والمقدسات بالمدينة المقدسة من خلال دائرة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك، التابع لوزارة الأوقاف، وتعتبر صاحبة "السلطة الحصرية بموجب القانون الدولي الإنساني، المخولة بالإشراف على شؤون المسجد الأقصى المبارك والحرم القدسي الشريف"، وبوصفها آخر سلطة دينية إدارية كانت تشرف على الحرم الشريف قبل وقوعه تحت الاحتلال عام 1967، وذلك بحسب وزارة الأوقاف.

وأنشأ الأردن نحو 43 مدرسة وكلية شرعية تقدم خدماتها لنحو 13 ألف طالب، ويصل عدد موظفي دائرة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى نحو 800 موظف، يتم تعيينهم من قبل الأوقاف الأردنية، إضافة لإشرافها على أكثر من 100 مسجد بالمدينة المقدسة، وتدير الأملاك الوقفية، رغم التضييقات (الإسرائيلية) على عمل موظفي الدائرة بالقدس.

وبحسب ناشطين مقدسيين، فإن تزايد الاعتداءات الإسرائيلية على الحرم القدسي والمسجد الاقصى، تعني مزيدا من الانتهاك للوصاية الهاشمية، واقتطاعا من أدوار الأردن، وتضييقا على عمل دائرة الأوقاف، وصولا إلى ما يريده "قادة اليمين المتطرف" بخلع دائرة الأوقاف، وإنهاء مشروعية النظام السياسي الأردني بالقدس، على حد قول الناشطين.

المصدر: الجزيرة

البث المباشر