كعادتها؛ تدخل مدينة خليل الرحمن المواجهة مع الاحتلال (الإسرائيلي) بكل قوتها، وتربك حسابات المؤسسة الأمنية التي لم تفق بعد من تصاعد وتيرة المقاومة المسلحة والعمليات شمال الضفة.
اشتعال الأوضاع وتصاعد عمليات إطلاق النار على جيش الاحتلال ومستوطنيه واتساع بقعة الزيت من شمال الضفة لجنوبها، يعني أن الاحتلال بات أمام تحد كبير ويخشى فقدان زمام الأمور بعد حالة الهدوء الخادع ظنا منه أنها دليل على نجاحه في تدجين الضفة وعزلها عن باقي المناطق الفلسطينية.
وشكلت عملية الشهيد القسامي محمد الجعبري التي نفذها قبل أيام في مستوطنة "كريات أربع" بالخليل، وأسفرت عن مقتل مستوطني وإصابة 5 آخرين بجراح، مرحلة فارقة بعد فترة الهدوء النسبي التي شهدتها المدينة لتعلن انطلاق العمليات المسلحة جنوب الضفة.
ونجح قناص فلسطيني أول أمس الخميس في إصابة مستوطنة بجراح خطيرة بعد أن أطلق النار نحوها على بعد 800 متر، قرب مستوطنة "كريات أربع" مما دفع جيش الاحتلال لاقتحام الخليل والبحث عن منفذ العملية.
وشهدت الضفة الغربية والقدس، تصاعدًا ملحوظًا ونوعيًّا في أعمال المقاومة خلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وسجّل مركز معلومات فلسطين "معطى" 1999 عملًا مقاومًا، أسفرت عن مقتل جنديين ومستوطن، وجرح (81) آخرين بجراح مختلفة.
وكشفت القناة 12 العبرية، عن مخاوف في المنظومة الأمنية (الإسرائيلية) من انتشار موجة التوتر الأمني إلى جنوب الضفة الغربية المحتلة.
وتعقيباً على ذلك، طالب رئيس مجلس مستوطنات غوش عتصيون جنوب الخليل شلومو نعيمان، المستوى السياسي (الإسرائيلي)، بإغلاق وحصار القرى الفلسطينية، لمنع تنفيذ عمليات "وإلا ستقام جنازات يومية".
وقال مسؤول أمني (إسرائيلي)، إن "الخليل تأتي متأخرة دائما، لكنها تدخل في موجة التوتر بكل قـــــوتهـــــا". وفق القناة
وتابع حديثه: "بدأت تظهر جماعة مسلحة على غرار عرين الأسود في نابلس، كما أن هناك تقريرا عن مصالحة حدثت بين عشيرتين كبيرتين ومسلحتين هناك، وهما: الجعبري والعويوي، وأعلنوا أن الأسلحة التي بحوزتهم ستوجه من الآن فصاعدًا ضد (إسرائيل) فقط".
ويؤكد الكاتب والمحلل السياسي محمد أبو حديد، أن ما سبق يدلل على أن رهان الاحتلال على تقسيم الضفة وإغراقها بسياسة الجزرة وما يسمى التسهيلات ضمن محاولة الإلهاء كان خاطئا، ولم ينجح في عزل المدينة التي دائما ما تترقب ما يجري في المدن الأخرى.
ويوضح أبو حديد في حديثه لـ "الرسالة" أن دخول الخليل بهذه القوة يعني أننا أمام مرحلة ما بين الموجة والانتفاضة وهو ما يسمى "الحالة" التي إذا ما استمرت وجرى دعمها فإنها ستصل لانتفاضة، بينما إذا ما جرى تقويضها فإنها ستبقى موجة تخبو وتحيا مجددا عندما تتهيأ لها الظروف المناسبة.
ويبين أن محاولات الاحتلال بتدجين وكي الوعي الوطني باءت بالفشل في ظل بحث الفلسطيني عن الكرامة والعزة، وهو أثبتته عملية الجعبري الأخيرة.
ويشير إلى أن جميع المؤشرات تدلل على أن المقاومة المسلحة ستتصاعد وتمتد جنوب الضفة، مما ينذر بشتاء ساخن على المحتل والمستوطنين.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي أشرف بدر، أن إجراءات الاحتلال المتواصلة هي سبب أساسي في تصاعد وامتداد المقاومة لباقي محافظات الضفة، على اعتبار أن لكل فعل رد فعل.
ويضيف بدر في حديثه لـ "الرسالة" أن الاحتلال بات يجد صعوبة في إمكانية التنبؤ بأي عمل مقاوم مما يجعله في حالة استنفار دائم ويربك حسابات منظومته الأمنية ويشكل عبئا وإرهاقا لكتائبه العسكرية بالضفة.
ويبين أن استمرار المقاومة يبقى محكوما بمدى الاستعدادية والنفس الطويل لدى عناصر المقاومة وتوفر الإمكانيات اللازمة لها، وهو ما يتطلب دعمها لضمان ذلك.