قائد الطوفان قائد الطوفان

المتهم الخامس

أحمد هريش حر.. وقضية "بيتونيا" لا زالت مفتوحة

الرسالة نت-رشا فرحات

لم يكن أحمد الهريش حرا على مدار سنوات عمره العشر الأخيرة، فقد اعتقل ست مرات لدى الاحتلال (الإسرائيلي)، ليعيش حياة ناقصة على مدار عشر سنوات موزعة ما بين المعتقلات، كان أطولها بين عامي 2017-2021.

وخلال تلك السنوات العشر أيضا، اعتقل 14 مرّة في سجون السلطة، ولكن اعتقاله على خلفية قضية منجرة بيتونيا كان الأقسى والأشد مرارة، "ضرب بالعصي والهراوات، سحل، تعليق لأسبوع، إهانة في زنازين غير صالحة"، كان المقصد من ذلك كله الإهانة، حيث لم يكن هناك تحقيق جاد، وإنما استغلال نفوذ لإذلال المعتقلين.

"الاعتقال الأخير هو الأطول والأصعب"، هذا الكلام ما صرح به هريش فور الإفراج عنه، لكنه لم يكن تصريحه الأول، فقد أكد خلال جلسة في محكمة أريحا بداية اعتقاله في حزيران الماضي أنه شبح على شباك الحمام في الزنزانة وضرب بقضيب حديدي، واستخدم السجانون معه طريقة "الموزة" لتعذيبه كما احتجز في زنزانة ضيقة لا تتعدى المترين في نصف متر.

الثابت في قضية المحتجزين وفق شهادات المعتقلين ومحاميهم إنهم تعذبوا دون أن يحقق معهم، وكأن الهدف من اعتقالهم كان التعذيب لا غير، وليس لكشف الحقيقة.

ورغم حديث وسائل الإعلام أن قضية منجرة بيتونيا انتهت بخروج هريش من سجون أمن السلطة، إلا أن منذر رحيب صاحب المنجرة لا زال رهن الاعتقال كونه لم يخض إضرابا عن الطعام بسبب سوء وضعه.

وتعود بدايات القضية للسادس من حزيران الماضي حين سمع أهالي بيتونيا صوت انفجار غامض في منجرة رحيب الواقعة في المنطقة الصناعية للبلدة غرب رام الله.

الانفجار لم يخلف آثارا ولم يوقع إصابات، ولم تعرف أسبابه، إلا أن المنجرة أغلقت بأمر من رئيس نيابة محافظة رام الله والبيرة، وكُلفت إدارة هندسة المتفجرات والدفاع المدني بإعداد التقارير الفنية اللازمة وفحص المكان للحفاظ على السلامة العامة، وذلك حسب بيان مقتضب نُشر في اليوم نفسه على موقع وكالة وفا الرسمية.

بعد نحو ثلاثة أشهر على التحقيق مع الستة وتعذيبهم، قرّرت السلطة الفلسطينية اعتبار الملف الذي تعاملت معه في البداية من منطلقٍ أمنيّ وسياسيّ ملفّا جنائيّا. على إثرها، أعلن المعتقلون الإضراب عن الطعام، مؤكدين أن اعتقالهم جاء بسبب خلفياتهم السياسية.

وفي حينها تولت ألسنة إعلامية مجهولة نشر ادعاءات على السوشيال ميديا خلال فترة الاعتقال تقول إن المعتقلين الستة في القضية كانوا يحاولون حفر نفق أسفل المنجرة لاستهداف أجهزة السلطة.

الادعاءات السابقة نفاها مهند كراجة المحامي في مجموعة محامون من أجل العدالة التي تولت أمر الدفاع عن المتهمين الستة، مؤكدا أن التحقيق لم يتطرق مطلقا لهذه الرواية.

وبالعودة إلى منذر رحيب، المحتجز حتى اللحظة بشكل غير قانوني مع أصحاب المؤبدات والأحكان العالية، تؤكد المؤشرات أن الملف سيغلق دون البت في أمره رغم أنه يعاني وضعا صحيا سيئا وقد نقل قبل وفاة والده إلى مستشفى الخدمات الطبية العسكرية لحاجته للعلاج بسبب سوء وضعه الصحي.

وتعرض رحيب للإهمال في العلاج رغم أنه يعاني من تسارع في نبضات القلب وتشنجات في جسده وضيق تنفس وانزلاق غضروفي وضعف في السمع، وهو بحاجة لعلاج من كل تلك المشاكل، كما قالت شقيقته "نداء رحيب" في حديث صحفي سابق.

ظافر صعايدة المحامي الموكل في القضية من مجموعة محامون من أجل العدالة علق على فكرة انتهاء القضية قائلا: "الإفراج عن خمسة من ستة متهمين لا يعني أن القضية انتهت، فالجميع أفرج عنه بكفالة وسيتحول للمحاكمة، وسيكون موعد الجلسة القادمة في الثلاثين من ديسمبر.

ولم ينف صعايدة نشر الشائعات من الرواية الرسمية لخلق ردات مناهضة للمعتقلين الستة لكن ما جرى كان على العكس تماما حيث تعاطف الشارع الفلسطيني مع المعتقلين وأخذت القضية صدى واسعا، رغم أن هناك أكثر من خمسين اعتقال هذا العام نفتها السلطة.

القضية سياسية بحتة، والتعذيب الذي تعرض له المتهمون لا يمكن إنكاره، والتعاطف الذي حدث الآن لم يكن في حسبان السلطة كما قال صعايدة، مؤكدا أن المتهمين لم يحقق معهم في النيابة بشكل كاف لأن التهمة هي انتماء سياسي بالأصل، مشيرا إلى وجود تحقيق مواز غير قانوني من المخابرات في مكان التوقيف وهناك تعرض المتهمون للتعذيب حتى يغيروا أقوالهم في التحقيقات الرسمية.

بدوره، قال الصحفي والمحلل السياسي عماد أبو عواد: "منذ اللحظة الأولى تعاطى الجمهور الفلسطيني مع القضية على أنها كذبة، والرواية الرسمية لم تكن مقنعة لأحد لذا لم تستطع السلطة الفلسطينية الاستمرار في طريق الترويج للأكاذيب وإقناع الجمهور بأن هناك انفجارا وبأنه سبب الاعتقال.

ويؤكد عواد أن التهم التي قدمت للشباب كانت متعلقة بانتمائهم السياسي، وبالإعداد والتجهيز لمقاومة الاحتلال.

البث المباشر