قائد الطوفان قائد الطوفان

الجعبري لقد قصفت تل ابيب

إبراهيم المدهون


أبو محمد الجعبري اسم ترسخ في عمق الوجدان الفلسطيني بمحبة وإعجاب، وهو أحد رموز تاريخنا الحديث، بصمته واضحة بتشكيل بالمشهد الفلسطيني المعاصر، من أصول خليلية وابن لغزة ومجاهد من مجاهدي فلسطين جمع القوتين والنورين والعبقين، رمز فُجعت الأمة باستشهاده كما لم تُفجع من قبل، ولأجل دمائه ضُربت تل ابيب بصواريخ القسام، ومُرغت أنف (إسرائيل) بالتراب في حجارة السجيل، وهو صاحب المشهد الأعظم وقد أمسك بالجندي (الإسرائيلي) من تلابيبه ليظهر حجمه أمام تصاعد وعظمة المقاومة، فأضحى رمزاً حرصت (إسرائيل) للتخلص منه لانه لها تمحو هذه الصورة، فكان وقودا أشعل الغضب.

التقيته مصادفة أول مرة في بيت الشيخ أحمد ياسين رحمه الله، ولفت نظري تحركه غير المتكلف ورزانة نظراته وحديثه الواثق واندفاعه الصائب، وقد كان معه رفيقه القريب محمد الهمص رحمه الله، فاخبروني انه الاقرب لقلب الشيخ، قد كان مهتما بقضايا الأسرى والجرحى ومداواتهم ودعم عائلاتهم، وسمعته يقول ما بدي ابن شهيد او زوجة شهيد تحتاج حد وسنخدمهم بعيوننا.

ويحسب له أنه مؤسس تشكيل الجيش الشعبي المسلح في بداية انتفاضة الأقصى، والذي قام على توزيع السلاح بأسعار زهيدة لمن يريد المقاومة، وقد نجح نجاحا باهرا في تكوين نواته قبل اندماجه بكتائب القسام، وتركزت مهامه داخل المدن للدفاع عنها من الاجتياحات (الاسرائيلية) المتكررة، وقد أبلت بلاء حسنا في ذلك الوقت.

للجعبري حضور نقي لما يتمتع من بديهة وسرعة استجابة وإخلاص يظهر في تحركه العفوي، كما تمتع برؤية استراتيجية بعيدة، رجل دولة بما تحمله الكلمة من معنى، يحب القفزات النوعية الرصينة، ويمقت التموضع أو الزحف والمراوحة في المكان، أحبه جند القسام ومن حوله لاستعداده للتضحية ولكريزمته الأخاذة، ولزهده وتبسطه غير المتكلف، فكان لاستشهاده ميلاد مرحلة جديدة سميت بـ "قصفت تل ابيب".

فقصف تل أبيب بالصواريخ لأول مرة شكل صدمة للعقل (الاسرائيلي)، وأصاب مقتل نظريته في الردع، حيث عمل الاحتلال طوال عقود وجوده على اعتبار تل ابيب الحصن الحصين، الذي لا يجرؤ أحد أي كان من إطلاق الصواريخ او مهاجمتها، وحاول الاحتلال بث الرعب والخوف لمن يفكر في ذلك، وما أن استشهد ابو محمد الجعبري رحمه الله حتى تحولت هذه المدينة لهدف مركزي من أهداف المقاومة.

وانكار الاحتلال لضرب تل ابيب في البداية جاء لظنه ان هذه فلتة لن تتكرر. وبعد عدة صواريخ اعترف الاحتلال، وأضحى اليوم ضرب تل ابيب بالصواريخ امرا طبيعيا وبدا الاحتلال يفكر بحماية نفسه من الصواريخ بدل من منعها. 

وبدأت المقاومة تفكر من زيادة كثافتها ورفع قوتها التفجيرية لهذا مئات الصواريخ نزلت في العصف المأكول. واعتقد ان المقاومة بدت تعد لضرب تل ابيب بصواريخ نوعية ذات قدرة تدميرية، وأكثر غزارة وكثافة.

رحم الله ابو محمد الجعبري، أثر بالغ الأثر في رسم صورة الواقع حيا، ولاستشهاده معادلات جديدة على مستوى القوة والصراع. وترك إرثا وأحبة يتنسمون حضوره في كل نفق وصاروخ ودورة تدريب، ومع كل شاب يلتحق بكتائب القسام

البث المباشر