يخوض المعلم المقدسي حربا كل يوم للوصول إلى مقر عمله، فــــ 60% من المعلمين في مدارس القدس هم من مناطق خارج المدينة، يجتازون الحواجز والجدار ويتعرضون يوميا للملاحقة أو الاعتقال أو حتى للقتل، كما أنهم أمام تحد كبير، فالمدارس التي تتبع السلطة هي الوحيدة التي تدرس المنهاج الفلسطيني دون تحريف.
وهكذا يقف المعلم المقدسي أمام تحد كبير لاستمرار المسيرة التعليمية، ورغم ذلك تحرمهم السلطة من تقاضي رواتبهم كاملة، كما فعلت مع كل المعلمين في الضفة المضربين عن العمل منذ شهر.
ويبلغ عدد الطلبة في شرقي القدس نحو 90 ألف طالب، يتوزعون على قرابة 300 مدرسة مقسمة وفق تبعيتها إلى مدارس تابعة لدائرة الأوقاف الإسلامية، ومدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا)، ومدارس ما تسمى (وزارة المعارف) في حكومة الاحتلال، ومدارس شبه معارف (تتبع بشكل جزئي لوزارة المعارف)، ومدارس خاصة أهلية.
الباحث في تعليم القدس المعلم زيد القيق، قال في مقابلة مع الرسالة: إن مأساة التعليم في القدس سببها فساد السلطة، ونتج عن ذلك فساد المنظومة الصحية والتعليمية، ففقدت القدرة على السيطرة، التي انتقلت بالتالي إلى الاحتلال.
ويلفت القيق إلى أن هناك أربع مرجعيات تشرف على التعليم، كل منها مستقل ولا يوجد أي تنسيق بينها، ففي القدس 130000 طالب يدرس منهم 60 % في المدارس التي تشرف عليها بلديات الاحتلال، 12% يدرسون في مدارس السلطة الفلسطينية (الحكومة) وتعرف بمدارس الأوقاف، وحوالي 14% يدرسون في مدارس خاصة، والبقية في مدارس الوكالة والمقاولات.
ويضيف القيق: "المدارس التي تشرف عليها السلطة يخوض معلموها الإضراب الآن، لأنهم لا يأخذون حقوقهم كاملة، ونحن نشكو أصلا من ضعف الميزانيات المقدمة لمواجهة أسرلة التعليم".
ويشير إلى أن بعض مدارس القدس فيها 60 طالبا فقط، بسبب عزوف الأهالي نظرا لضعف التعليم ولعدم أهلية المدارس، وفوق هذا فإن رواتب معلمي القدس نصف رواتب المعلمين التابعين لبلدية الاحتلال، على حد قول القيق.
وطالب القيق بأن تتعامل السلطة بخصوصية مع معلمي القدس، لأن هذا الواقع يجعل المعلم يحارب على جبهات كثيرة، أولها محاربة الأسرلة، وتشجيع الطلاب للدخول في مدارس السلطة، والإبقاء على نفسه في هذه المعركة ورفض مغريات مدارس البلديات التي تستقطب المعلمين برواتب أكبر.
ودعا إلى وقف الإضراب، لأن القدس لها خصوصيتها نظرا للهجمة الشرسة من الاحتلال، فلابد أن تخوض المدارس معركتها وألا ينسحب منها الأبناء، لأننا نريد للمنهاج الفلسطيني أن يبقى في معركة التعليم المقدسية.
وطالب السلطة في المقابل بدعم المعلم المقدسي واحترام حقه في الحياة الكريمة والراتب المجزي.