قائد الطوفان قائد الطوفان

عبد الفتاح خروشة.. أسير الأمس شهيد اليوم

الرسالة نت- رشا فرحات

هو ابن مخيم عسكر، استشهد في جنين، ومن نابلس لجنين مسافة مجد واحدة ليست بالطويلة، طريق رصفه أب قام بعملية بطولية في نابلس، واعتصم في جنين، حيث اغتيل بالأمس.

قبل شهرين ونصف كان عبد الفتاح خروشة (49 عاما) أسيرا في سجون الاحتلال، وحينما تحرر عاد مقاوما، وكأنه وقع عقدا مع الإصرار رغم الأسر ومحاولات السجان، لم يتغير ولم يحد عن خطه الذي اختاره من البداية.

قبل عشرة أيام أعلن الاحتلال عن مقتل ضابطين على حاجز حوارة – نابلس رشقا بالرصاص، ثم اختفى القاتل، وبالأمس اجتاحت قوات الاحتلال جنين، اغتالت خروشة مع خمسة آخرين من رفاقه بعد مقاومة باسلة، ثم أعلنت بأنها اغتالت منفذ عملية حوارة الذي لا يعلم عن فعله البطولي أحد سوى أقرانه في مقاومة جنين.

يقول شهود عيان في مخيم جنين حيث البيت المحاصر الذي كان يتحصن فيه خروشة: "حاصروا خروشة، كسروا الجدران والنوافذ، سيارات مدرعة، رشقوا كل الزوايا بالرصاص، ودخلوا بعد أن كسروا الأبواب، وحاصروا النساء في زاوية بالمطبخ".

تسللت وحدات خاصة بدأت بإطباق الحصار على المنزل وتوزعت على محيط المنازل المجاورة، ثم بدأت بإطلاق الرصاص، ثم اشتبك الشهيد ككل شهداء جنين الذين يموتون ولا يستسلمون، ورفض خروشة الاستسلام، فاستشهد ستة، وأصيب ستة وعشرون.

حل الدمار في الحي والمنزل والمنطقة، وسكن الرعب قلوب الجيران، الشهود على المجزرة، بينما تؤكد الكتائب على اختلاف انتماءاتها بأنها خاضت اشتباكات مسلحة وأصابت جنديين بجراح متفاوتة.

وفي اليوم الثاني، وبعد عملية الاغتيال، قُتل خروشة مرة أخرى حينما قيدت السلطة الفلسطينية العائلة بأن تشيع الجثمان من مستشفى رفيديا مباشرة إلى مخيم عسكر، فرفعت الرايات الخضراء في الجنازة، والرايات الخضراء تغيظ الاحتلال الذي يبدو أنه على اتفاق مع السلطة بأن تمنع رفعها في الجنازات.

 وهنا قمعت الشرطة الفلسطينية جنازة الشهيد، واعتدت على المشيعين، وأطلقت النار وأسقطت نعش الشهيد من فوق أكتاف محبيه لتموت هي أمام العالم في بث حي ومباشر وتقتل خروشة مرة أخرى.

زوجة الشهيد كانت فخورة بالخبر الذي ربما توقعته: "كنت بالأمس زوجة لأسير، واليوم أنا زوجة لشهيد"، هكذا قالت زوجته وهي تعبر عن فخرها وتجالس النساء في سرادق العزاء، وتصف الذكرى الأجمل التي جمعته معها منذ خروجه من السجن: "آخر ذكرى معه لا أنساها قبل عشرة أيام، وكنت أقرأ القرآن وهذه أحلى ذكرى لي معه، حينما طلب أن يسمع القرآن بصوتي قبل شهر".

ابنة الشهيد عبد الفتاح خروشة أخفت حسرة ظهرت من قلب العين وفي صوتها وهي تقول: "كان والدي بطلا ودائماً يطلب الشهادة، كان غيابه في السجن كتير بوجعني، ولما طلع من السجن كنت مبسوطة إنه جنبي، بس الحمدلله نال الشهادة يلي كان يطلبها وأنا مبسوطة أكتر، لأنه أخد يلي بتمناه، كان حلمه وحققه، كنت بحس إنه دايما جنبي، بطل في حدا جنبي".

اعتقل الشهيد خروشة منذ عامين، ولم يكن الاعتقال الأول، بل قضى ما مجموعه تسع سنوات في سجون الاحتلال، أب لخمسة أبناء أكبرهم في السابعة والعشرين، كان يعمل سائقا لشاحنة نقل، يقضي حاجته وحاجة بيته بقليل من المال، ويعلمهم في الخفاء من وراء الجدران الكثير من العزة والمجد.

 

البث المباشر