الضفة المحتلة- خاص الرسالة نت
رغم التشويهات المتلاحقة التي تعرضت لها "الجزيرة" في الأرض المباركة إلا أن شاشتها سادت على كل الأصوات والصرخات والنعيق المضاد، فأحداث الشقيقة مصر عبرها ما زالت حديث الشارع في الضفة المحتلة وتغطية تلك الفضائية لها.
وربما هو التقارب في الأجندات والقمع والإذلال بين رئيس سلطة هنا ورئيس سلطة هناك هو ما يدفع الشارع الضفاوي إلى متابعة الشأن المصري بكل اهتمام والتمني ضمنياً بأمنيات خفيةٍ معروفة المضمون.
انتفاضة
وعلى وقع المشاهد التي تبثها شاشة الجزيرة حول الأحداث في مصر وأساليب قمع المظاهرات أصبح هذا الأمر أهم ما يمكن الحديث عنه، ولأول مرة منذ فترة طويلة تتصدر أحداث أخرى عناوين الأخبار بدلاً من اعتداءت الاحتلال والسلطة في ذاك الجزء المحتل من الوطن السليب.
ويبرز بين كل ذلك دور فضائية الجزيرة التي تعرضت قبل أيام فقط من اندلاع الانتفاضة المصرية للتشويه والتجريح قولاً وفعلاً على أيدي "زعران" فتح وقيادات الفلتان الأمني بعد ما تعرضوا له من إهانة كبيرة كشفت عن خيانتهم ومسلسل تنازلاتهم الذي كان معروفاً لدى القاصي والداني.
ويقول "أ.م" من رام الله:" رغم كل ما تعرضت له الجزيرة من تشويه في الضفة إلا أننا مقتنعون أنها المنبر الحر، وأنا شخصيا لا أستطيع متابعة الأحداث المصرية إلا عبرها لأنها تنقل الصورة كاملة أكثر حتى من التلفزيون المصري الموالي لمبارك".
وتحظى انتفاضة مصر بتشجيع وتأييد من أهالي الضفة الذين يذوقون الويلات على أيدي احتلالين أحلاهما مر، بل إنهم يتراهنون على أعداد الجماهير التي من الممكن أن يستوعبها ميدان التحرير وسط القاهرة، ويرفعون الدعوات لخالقهم بأن تستمر الانتفاضة حتى تحقيق مطالب الجماهير.
فيقول المواطن سعيد العريان لـ"الرسالة نت":" الثورة المصرية مباركة ونحن ندعمها ونتمنى لو نشاركهم في ميدان التحرير"، ويزيد على ذلك الشاب أحمد علي:" نتمنى أن تنتفض كل الدول العربية لرفض الأنظمة الفاسدة واقتلاعها من جذورها، يجب أن تكون الشعوب واعية لضرورة إسقاط هذه الأنظمة".
وهو المشهد ذاته يتكرر في كل المحلات التجارية والمنازل والشوارع في جميع أنحاء الضفة المحتلة، متابعة دائمة وقلوب محمومة وأعين تترقب نهاية ما قد يسفر عنه المشهد المصري.
مجال للمزاح
وفتحت الانتفاضة المصرية الباب أمام تبادل النكات والمزاح حول النظام الرئاسي، ولكن طريقة أخرى في المزاح استهواها الشباب الفلسطينيون إضافة إلى تبادل رسائل الهواتف الخلوية والبريد الإلكتروني.
فأثناء متابعتهم للشبان المصريين وهم يتحدون قوات الأمن، يحاول الفلسطينيون تشبيه ذلك بمواجهتهم مع قوات الاحتلال يوميا على أرض الضفة، فيقول البعض:" ليس هكذا يتم رشق الحجارة.. بل هكذا"، أو " يجب أن نتصل بالمتظاهرين لنعلمهم كيف يصنعون الزجاجات الحارقة"، أو " لنكتب بيانا نبين فيه الخطوات، في البداية رشق الحجارة ثم الزجاجات الحارقة، ثم التسلق على الجدار العنصري.. عفواً، نقصد على الجسور المصرية، وبعدها إزعاج قوات الأمن بالضوضاء".. وغيرها.
ويذهب البعض إلى التفاخر بأن انتفاضات الشعب الفلسطيني على مدار ستين عاما كانت المعلم الأول للشعوب العربية في كيفية الانتفاض والاحتجاج، ويرددون بعض النكات قائلين:" لماذا لا يشعلون الإطارات المطاطية.. هذه نقطة هامة في تاريخ المواجهات"، و" يجب أن نحذرهم من المستعربين من قوات الأمن"!!
تحليل
وفي الشق الجاد من متابعة الثورة المصرية يرى المحلل السياسي عبد الستار قاسم أن الثورة المصرية عادلة المطالب وأنها تتحدث باسم المواطن الذي سئم ظلم النظام.
وقال قاسم في تصريحات صحفية إنه على ما يبدو فالرئيس المصري لن يتنحى بسهولة عن الحكم كما فعل نظيره المخلوع زين العابدين بن علي، مبيناً أن الثورة تحتاج إلى مزيد من الصمود من قبل الشارع المصري ومزيد من الصبر وتواصل الاحتجاجات.
وأكد قاسم أن رأي الولايات المتحدة الموالي ظاهرياً لانتفاضة المصريين ومطالبهم، إنما هو مراوغة بعد أن تعلمت أمريكا الدرس من تأييد شاه إيران عام 1979 ودعمه، ومن ثم الظهور بموقف معادٍ من ثورة الشعب الإيراني الذي نجح في إسقاط الشاه، والبقاء على هذا الموقف حتى اليوم.
وأضاف:" أمريكا تعلمت الدرس، هي ظاهريا تقف بجانب المصريين ولكنها في الحقيقة تقف إلى جانب النظام الرسمي وتخشى من سقوطه لأنه يحافظ على مصالحها ومصالح إسرائيل".