يقول الأب: "أنت أسد وأنت بطل" والطفل قسام يبكي، فيحاول الأب من جديد أن يهون عليه المشهد بسؤال: "كم مرة أنا رحت ورجعت؟!".
أجل، مرات عديدة ذهب فيها أيمن أبو عرام أمام عيون أبنائه معتقلا، ثم عاد، وقبل يومين بدأ أيمن أبو عرام شهر رمضان بمداهمة منزله واعتقاله وهو يصلي التراويح في اليوم الأول من الشهر الفضيل.
وبين هذا وذاك استطاع أبو عرام تصوير مقطع فيديو أرسل فيه رسالته إلى كل شريف ليثبت فيه من جديد أنه وطني، وأن هذه البلاد تغتال الوطن باعتقال النشطاء المقاومين والصحفيين.
لم يكن الاحتلال من اعتقل أبو عرام، وإنما السلطة، يد الاحتلال اليمنى في تحقيق أهدافه، ولم يعد شباب الضفة يفرقون بين المحتل وبين بعض من أبناء الوطن، ممن يتغنون بأهدافهم الوطنية وهم من وراء الستار يقمعون أبناء المقاومة ومؤيديها.
قسام كان يبكي في وداع والده؛ خوفا من الملاحقة التي جربها هذه المرة وهو عائد معه من صلاة التراويح، بكى الطفل وأعلن والده الإضراب والصيام حتى إشعار آخر وقبل أن يخطو أول خطوة في سيارة السجان.
طلبت النيابة العامة تمديد اعتقال أبو عرام 15 يومًا، إلا أن المحكمة وافقت على تمديد اعتقاله 7 أيام فقط.
وذكر الصحفي أمير أبو عرام شقيق أيمن، أن مجموعة ملثمين يركبون سيارة اعترضوا سيارة شقيقه وهو ذاهب إلى الصلاة وحاصروا المسجد واستعان هو بمكبرات الصوت ليحمي نفسه ممن يلاحقونه، وتجمهر الناس حوله، وأتى والده ليعيده إلى البيت ولكن القوات الخاصة لاحقته، وهناك في منزله في منطقة بيرزيت تم اعتقاله.
ولفت أبو عرام في مقابلة مع (الرسالة)، إلى أن شقيقه يعمل بالتجارة، وهو ناشط يعبر عن رأيه، وقد وجهت إليه تهمة مباشرة أثناء الاعتقال بالحديث والاعتراض على قمة شرم الشيخ، قائلا: "عن هذا الموضوع بالذات لم يتحدث أخي، فالنيابة نفسها قد تعجبت من اعتقاله لعدم وضوح التهمة".
ترك أبو عرام عائلته في حالة صدمة وخوف وحسرة؛ لأنهم يعرفون أن ابنهم لن يكمل الشهر معهم على مائدة الإفطار، ولن يسمح له بأداء صلوات التراويح، فابنه في بكاء مستمر، ووالده في صدمة نقل على إثرها إلى المستشفى، وسيناريو طويل يعيشه أبو عرام كل عام بنفس الصورة ونفس المأساة.
ومع حلول شهر رمضان المبارك، لا تزال أجهزة أمن السلطة في الضفة الغربية تعتقل أكثر من 30 معتقلاً سياسياً داخل سجونها، متجاهلة كافة المناشدات الحقوقية والعائلية بضرورة الإفراج الفوري عنهم والتوقف عن هذه السياسة.
المحامي ظافر صعايدة عضو فريق "محامون من أجل العدالة"، قال: إن هذا العام شهد زيادة في اعتقال الصحفيين والنشطاء على خلفيات وتهم سياسية وخاصة في جنازة الشهيد عبد الفتاح خروشة، مؤكدا أنها باطلة وغير قانونية وفيها تجاوز لصلاحيات أجهزة الأمن بشكل مخالف للقانون.
ويرى صعايدة أن اعتقال الصحفيين مخالف لكل الاتفاقيات الوطنية والدولية؛ لأن حرية العمل الصحفي مكفولة، وجميع هذه الاعتقالات لها علاقة بقمع حرية التعبير عن الرأي والشأن العام.
أبو عرام أسير محرر من سجون الاحتلال، وقيادي سابق في الحركة الطلابية في جامعة بيرزيت، وأب لأربعة أبناء، هذا الاعتقال ليس الأول؛ فقد تعرض للاعتقال لدى السلطة من دون تهمة واضحة خمس عشرة مرة.