قائد الطوفان قائد الطوفان

"القلول".. لعبة الأجداد يتقنها الأحفاد

الرسالة نت - خلود نصار

في أحد الأماكن الرملية الفارغة وسط منازل حي الزيتون جنوب غزة اجتمع أطفال الحي ليتشاركوا معا لعبة (القلول) أو (البنانير) كما يسميها البعض بعد انتهائهم من عناء الامتحانات الفصلية.

و تتعالى صرخات الأطفال وضحكاتهم  بين الحين والآخر حين يفوز احدهم أو يخسر وقد تصل للشجار في بعض الأحيان.

و القل ( البنور) عبارة عن كرة زجاجية صغيرة وشفافة تمتاز بجمال ألوانها الممزوجة بشكل عشوائي , وتعد لعبة فلسطينية تراثية.

  وسط جموع الأطفال يجلس الطفل أحمد 8 سنوات على ركبتيه حاملا قلا بين أصبعي السبابة والإبهام  محاولا بكل تركيز تصويبه نحو الهدف وهو مثلث رسم على الأرض وضع اللاعبون فيه حبات القلول وهو ما أطلق عليه الأطفال (المور)، أما الحبات التي تخرج خارج حدود المثلث فتكون من نصيب اللاعب.

ولعبة القلول لها أصولها وقوانينها التي حفظها الصغار كأي لعبة أخرى رغم بساطتها وصغر لاعبيها, وهي أيضا من الألعاب القديمة التي توارثها الأبناء عن الآباء والأجداد , فيقول الستيني (أبو محمود) أنه كان يلعب هذه اللعبة في بلده جولس  قبل هجرته منها عام 1948 ويقول " كنا نستبدل بعض الحاجيات مثل البيض من الدكان ببعض كرات القلول".

أما حفيده سعيد الذي كان يجلس بمقربة من جده فيقول " انتظر الإجازة بفارغ الصبر لأمارس هذه اللعبة مع أصدقائي " متحديا أنه أفضل أصدقائه في هذه اللعبة ويذكر أن هناك طرقا كثيرة لهذه اللعبة مثل ( طق الشنبر والمور والشبر والحيطة).

أما هديل صالح والتي جلست مع أخيها محمد على درج منزلهم البسيط يلعبون القلول بطريقة أخرى حيث يخفي محمد القطعة النقدية بينما تخمن هديل وجه القطعة ( صورة أو كتابة ) والذي يصيب يأخذ حبات البنانير من منافسه , والتي كانت من نصيب هديل.

والقلول لعبة شعبية رائجة ,ازدحمت حارات غزة بلاعبيها حيث مارسها الكبار أيضا وتنافسوا على الفوز فيها، فيشارك أبو خالد اللوح أطفاله في اللعب ويتنافس معهم فيقول " لعبة القلول لعبة مسلية وتحتاج لحنكة، وتعلم الأطفال الذكاء والتركيز، وبنفس الوقت تفرغ عنهم الظروف الصعبة التي يعيشون فيها, فلا متنفس لديهم سوى هذه الألعاب وأنا أشاركهم من باب التشجيع والتسلية واسترجاعا لذكرياتي "

من جانبه يذكر البائع أبو سليم والذي يملك بسطة صغيرة يبيع عليها بعض الحاجيات لأطفال الحي أن في مثل هذه الأوقات من الإجازات الموسمية يزيد طلب الصغار على القلول أكثر من غيرها مشيرا إلى أن سعر عشر كرات من البنانير نصف شيكل فقط.

وبجواره محل الألعاب الإلكترونية ( الكافي شوب) والذي كان واحدا من أقوى المنافسين للعبة القلول , إلا أن القلول ما زالت اللعبة المسيطرة لبساطتها ورخص مكوناتها، كما تتميز بنكهتها الشتوية الخاصة.

ويعتبر امتلاك اكبر عدد من حبات القلول الزجاجية سببا للتباهي بين الأطفال الذين احتفظوا بحباتهم داخل عبوات بلاستيكية  , والذين ترتسم الفرحة على وجوههم كلما زادت حبة جديدة إلى عدد ما يكتنزون منها وكذلك يتفاخرون بامتلاكهم انواعا مميزة من القلول كالقل (الرأس) بمصطلح اللعبة وهو القل الذي يصيب الهدف بشكل مباشر ويسبب فوز صاحبه وكذلك القل (العظومي) ذا اللون الأبيض الذي يشبه العظام.

وما أن يحل المساء يصبح اللعب صعبا وسط الظلام وبرودة الجو وإنهاك قوى الأطفال الذين يبذلون قصارى جهدهم وطاقتهم للفوز في لعبة الشتاء (القلول) فيعود كل طفل لمنزله على عهد اللقاء في صباح اليوم التالي في نفس المكان الذي أمسى ملعبهم الخاص.

 

البث المباشر