هل سبق لك الاستغراب من عدد ساعات النوم الكثيرة التي قضيتها عقب مناسبة سعيدة خاصة بك؟ هل تساءلت من قبل: لماذا ترتبط الأعياد بالنوم لدى كثيرين؟ فتتحول المناسبة السعيدة إلى مناسبة للنوم وتتحول وجهات السفر المحتملة إلى وجهة واحدة هي "جزيرة القطن" حيث الكثير من النوم غير المبرر، والأمر ذاته يتكرر في الرحلات المنتظرة، حين تصل إلى وجهتك أخيرا، فتذهب إلى السرير بدلا من بدء رحلتك الحماسية، ربما الإجابة في كلمة واحدة "ديون النوم".
لماذا تتراكم علينا ديون النوم عقب المناسبات؟
إن كنت قد قضيت أوقاتا كثيرة من أيام عيد الفطر المبارك في نوم عميق، فهذا يعني أنك ما زلت تدين لنفسك بساعات نوم فقدتها في شهر رمضان الكريم، وهذه ليست مشكلة خاصة وإنما سمة عامة تشير إليها دراسة أثبتت أن العادات وأنماط النوم والاستيقاظ المتبعة أثناء الصيام في شهر رمضان تتسبب في تغيير نمط النوم واليقظة، وهكذا يزيد النعاس أثناء النهار وتتراكم ديون النوم، وباختصار يتسبب تغيير أوقات تناول الطعام في تغير إيقاع الساعة البيولوجية.
حسنا، المسألة ليست متعلقة بشهر رمضان وحده، ولكنها تتعلق بالأساس بمقدار النوم اليومي الذي قد يتأثر لأسباب عدة، من بينها الحماسة الشديدة، والشعور بالإثارة أثناء العد التنازلي للمناسبات السعيدة. فحسب بحث علمي، عندما تكون متوترا أو متحمسا، ينتج جسمك مزيدا من الكورتيزول والأدرينالين، ويرتفع معدل ضربات قلبك، وتجد صعوبة في النوم، ولعل هذا ما يفسر صعوبة النوم ليلة اليوم الأول في المدرسة، وليلة أول مقابلة عمل، أو ربما ليلة أول مقابلة غرامية، ولهذا تقدم جمعية النوم الخيرية بالمملكة المتحدة عددا من النصائح لنوم جيد قبيل العطلات والمناسبات الحماسية، في مقدمتها:
إنهاء التحضيرات قبل موعد النوم بوقت مناسب.
عدم النوم في وقت النهار.
تجنب الكافيين عقب الساعة الثانية ظهرا.
التأكد من أن الغرفة مريحة والمكان هادئ وبارد.
التوقف عن القلق والتركيز على صورة ذهنية أو جملة جميلة أو فكرة مريحة.
الذهاب إلى السرير في موعد النوم.
الابتعاد عن مواقع التواصل الاجتماعي قبل النوم.
الحصول على حمام دافئ.
ممارسة تمارين التنفس العميق.
في حالة العجز عن النوم عقب كل التدابير يمكن للمرء القيام بأي نشاط يصرف انتباهه، على أن ينام فورا بمجرد الشعور بالنعاس.
من يعاني ديونا أكبر؟
ما زال أحمد سيد (25 عاما) يتساءل عن النوم الطويل الذي قضاه خلال عيد الفطر، يقول "شعرت بأن هناك شيئا ما خطأ، حتى إنني عقب نومي الطويل ثالث أيام عيد الفطر فتحت صفحتي على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وطرحت سؤالا عن كيفية التغلب على مشكلة النوم، ففوجئت بكم التعليقات التي تؤمن على حديثي، لكن ما يشغلني حقا هو كيف سأعود إلى العمل عقب إجازة العيد مع هذا القدر من النعاس والإرهاق، ربما يكون الأمر أسهل لدى العاملين بدوام جزئي أو حر (فريلانس)، لكن المسألة صعبة للغاية على هؤلاء الذين يعملون بدوام كامل ويلتزمون بمواعيد حضور وانصراف صارمة".
حسنا، هل حقا يكون الوضع أصعب لدى العاملين بدوام كامل عنه لدى العاملين بدوام جزئي؟ بمعنى آخر، هل من يعملون بشكل جزئي أقل معاناة ولديهم رفاهية أكبر وديون نوم أقل؟ أجابت عن ذلك دراسة يابانية خلصت إلى أنه لا توجد علاقة بين عدد ساعات العمل وديون النوم، بل هناك أبعاد اجتماعية أخرى تحكم المسألة، وإن كانت ساعات النوم القليلة تؤثر على حضور الموظفين أثناء العمل وعلى تركيز المرء أثناء تأدية المهام الموكلة إليه، فضلا عن مشكلات صحية ونفسية أخرى على رأسها الاكتئاب.
لماذا يجب أن نسد الدين؟
ربما تكون مفاجأة للبعض أن النوم بعد 30 إلى 60 دقيقة عن موعد النوم المعتاد لبضعة أيام يراكم ديوان نوم ضخمة بمرور الوقت، ولا يعد سداد ديون النوم رفاهية أو أمرا اختياريا، فالنتائج المترتبة عليه تبدو مزعجة بالقدر الذي يوجب السداد، خاصة إذا استمر وقتا طويلا وتراكمت ديون النوم لسنوات، هكذا تتحول إلى "حرمان مزمن" من النوم يتسبب وفقا لموقع هيلث لاين (Health Line) في العديد من الآثار الصحية المزعجة، أبرزها:
تأثر الجهاز العصبي المركزي تأثرا يقلل التناسق ويزيد من خطر وقوع الحوادث.
إرهاق الدماغ وتراجع أدائه.
صعوبة التركيز والتعلم.
التقلبات المزاجية ونفاد الصبر.
تأثر جهاز المناعة وتراجع كفاءته في الدفاع عن الجسم ضد الأمراض.
زيادة فرص الإصابة بالأمراض المزمنة كالسكري والقلب.
زيادة فرص الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي بخاصة البرد والإنفلونزا.
زيادة الوزن وزيادة الشعور بالجوع.
انخفاض النشاط البدني ومقاومة الإنسولين.
زيادة خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية.
ما العمل إذن؟
إن كنت لا تزال غير متأكد من مقدار ديون النوم الذي يجب عليك سداده، فهناك العديد من الإشارات التي تخبرك إن كنت تعاني حقا من تلك الديون أو لا، فضلا عن أنه يمكن حساب ديون النوم المتراكمة بسهولة عبر حاسبة ديون النوم الإلكترونية، ومن ثم سداد الديون وتجنب الوقوع في مزيد منها، عبر مجموعة من النصائح التي تقدمها "مؤسسة النوم"، مع الأخذ في الحسبان أن سداد ديون النوم يستغرق وقتا طويلا، فمثلا قد يحتاج المرء إلى 4 أيام للتعافي من ساعة واحدة من النوم الضائع.
في الوقت ذاته يجب الحذر من أن الشعور ببعض الراحة عقب وقت من التعويض قد يمنح شعورا زائفا بالشفاء، فيؤدي إلى مزيد من فقدان ساعات النوم، لتتفاقم المشكلة. وعموما يمكن سداد ديون النوم عبر عدد من الخطوات، أهمها:
عدم التضحية بالنوم أو تأخيره بضع ساعات لأي سبب حتى لو كان ذلك للدراسة أو العمل.
الحفاظ على جدول نوم محدد مع إعطاء الأولوية للنوم.
ضبط منبه قبل موعد النوم بنصف ساعة للتذكير بإطفاء الأنوار وإيقاف الأجهزة.
الحصول على ما يكفي من ضوء الشمس، وممارسة الرياضة أثناء النهار.
تجنب شرب المشروبات المنبهة في وقت قريب من موعد النوم.
الحد من وقت الشاشات قبل النوم.
الحصول على قيلولة قصيرة أثناء النهار.
النوم في عطلة نهاية الأسبوع لتعويض ساعات النوم المفقودة.
المصدر : مواقع إلكترونية