طالب المئات من الصحفيين وكبار الإعلاميين الفلسطينيين، وممثلون عن أطر وكتل وتجمعات إعلامية في قطاع غزة بوقف إجراء عقد "مسرحية" انتخابات نقابة الصحفيين "غير الشرعية"، والتوافق على حلول وطنية نقابية جامعة للأزمة التي تعصف بالنقابة، مؤكدين أن نقابة الصحفيين للجميع وليست لتمثيل حزب أو فئة.
ورفع الصحفيون المشاركون في الاعتصام الحاشد الذي نظمه الحراك الصحفي النقابي أمام مقر نقابة الصحفيين بمدينة غزة اليوم الأحد، وحمل عنوان "النقابة حقي.. ومسرحية الانتخابات لن تمر"، لافتات منددة بسياسة مجلس نقابة الصحفيين الإقصائية، مطالبين بضرورة إصلاح النقابة.
وكان من بين تلك اللافتات: "معًا لانتخابات حرة ونزيهة، نتائج المؤتمر الاستثنائي فُصلت على مقاس الفئة المتنفذة في النقابة.. العضوية حق أصيل لكل صحفي"، متهمين في لافتات أخرى مجلس النقابة بالتفرد وسيطرة الحزب الواحد وتنسيب الدخلاء على مهنة الصحافة من رجال أمن السلطة.
مقاطعة واسعة
وجدد رئيس التجمع الإعلامي الفلسطيني علاء سلامة رفضه المشاركة في انتخابات نقابة الصحفيين، نظراً "لتحفظات وتجاوزات ومخالفات قانونية عدة".
ودعا سلامة لحوارٍ صحفيٍ جادٍ يقود لانتخابات مهنية وقانونية، وصولاً لإصلاح النقابة وتصويب ملفاتها العالقة، ولا سيما ملف العضويات الذي يعتريه الكثير من العوار والإشكالات والتجاوزات.
وأكد أن مخرجات الاجتماع الداخلي الذي سُمي المؤتمر الاستثنائي، غير ملزمة لنا في التجمع الإعلامي الفلسطيني، كما أنها جاءت لتكريس سياسة الهيمنة والإقصاء.
وعدّ المجلس القائم على النقابة في رام الله، مجلسا غير منتخب، وعليه فإنبالتالي كل ما يصدر عنه غير قانوني ولا يمثل الصحفيين الفلسطينيين.
وأكد أن مشاركة مئات الصحفيين والعاملين بالمؤسسات الإعلامية بالوقفة، دليل على عمق الأزمة التي تعصف بالنقابة، ورسالة لكل المعنيين بالعمل الصحفي من مؤسسات حقوقية وإعلامية دولية وإقليمية وعربية، مفادها أنه "لم يعد مقبولاً بعد اليوم استمرار هذه الحالة التي تعمق الفجوة بشكل كبير".
كما دعا سلامة جميع الأطر والكتل الصحفية للقاء عاجل من أجل التشاور لحماية البيت الصحفي الجامع، والدخول في حوار جدي يقود لواقع صحفي يتجاوز هذه الحالة التي يحياها الصحفيون من انقسام بفعل هذه القرارات الاستئثارية.
وطالب اتحاد الصحفيين العرب، والاتحاد الدولي للصحفيين، وجميع المؤسسات التي تُعنى بالعمل الصحفي بالتدخل العاجل لوقف هذه المهزلة المسماة انتخابات نقابة الصحفيين، التي لن تقود إلا إلى مزيد من الانقسام وشرذمة الجسم الصحفي الفلسطيني.
من جانبه، قال رئيس كتلة الصحفي عماد زقوت: إنه "بعد أكثر من عقد على تجميد انتخابات نقابة الصحفيين نستحق أن تكون لنا نقابة تمثلنا ونمثلها، ونريد نقابة مهنية لكل الفلسطينيين، بغض النظر عمن يقودها، نقابة تحمل همّنا، وتدافع عن حقوق الجميع في ظل استهداف الصحفيين المتواصل من السلطة والاحتلال".
وحذر زقوت من استكمال مسرحية الانتخابات القادمة حتى ضمان كيفية إنجازها وفق أسس ديمقراطية تكفل مشاركة كل الصحفيين بعيدا عن تغول الجهات السياسية عليها، مؤكدًا أن كتلة الصحفي لن تقف مكتوفة الأيدي أمام الإقصاء والتغول، ولن تسمح باستمرار اختطاف النقابة، وستتخذ كل الإجراءات القانونية والإعلامية اللازمة في الضفة وقطاع غزة لوقف "المهزلة الانتخابية".
وجدد رفض كتلته القاطع لكل ما نتج عن المؤتمر الاستثنائي من قرارات فُصلت على مقاس "الفئة المتنفذة" في النقابة التي لا تمثل كل الصحفيين.
وشدد على ضرورة إجراء إصلاحات داخل النقابة وإعادة هيكلة عضويات المنتسبين لها، ونبذ كل الدخلاء على المهنة من عناصر الأمن وأعضاء التنظيم الذين لا يرتبطون بمهنة الصحافة والإعلام، والأهم إجراء انتخابات بشكل مهني تضمن مشاركة الجميع بعيداً عن الفئوية والإقصاء.
وأوضح زقوت أن كشف الأسماء الصادر عن النقابة ضم المئات من موظفي العلاقات العامة بمنظمة التحرير، والوزارات، والمؤسسات، ورجال الأمن، والفصائل، وكذلك ضم أشخاصًا لا تربطهم علاقة بالصحافة، كما أنها تخلو من كبار الصحفيين المعروفين والمهنيين، وأكثر من 90% منهم غير معروفين للصحفيين العاملين.
وأكد أن هذا يدلل على المهزلة التي تريد حركة فتح تمريرها على الصحفيين، في محاولة منها لمنح شرعية لنفسها تحت غطاء نقابي ومن خلال انتخابات لا تتوافق مع أساسيات وقواعد العمل النقابي، وترسخ الحزبية والهيمنة.
ولفت إلى أن القائمة شهدت عمليات إقصاء واضح - تحت ذرائع واهية- لكل المخالفين للنهج السياسي الذي تقوده السلطة، مبينا أن عددًا كبيرًا من المسجلين في القائمة أكدوا أنهم لم يسجلوا ولم يدفعوا الرسوم.
وبين أن عددًا آخرًا أكد دفعه فقط مبلغا بقيمة 10 شواكل للحصول على العضوية، وهم من (الإعلام الرسمي التابع للسلطة في رام الله)، في حين الصحفيون الآخرون أُجبروا على دفع رسوم بقيمة 150 شيكلا.
وعبر عن رفضه أن يكون الصحفيون شهود زور على تزييف إرادة الصحفيين، والتعامل مع قادة الرأي العام كأنهم "قطيع خراف" يساقون أينما يريد القائمون على النقابة لمصالح فئوية حزبية وشخصية.
مطالبة بنقابة جامعة
من جهتها شددت الصحفية وسام الغلبان ممثلة عن الصحفيات على أن الصحفيات يردن نقابة مهنية لكل الفلسطينيين، لا يهمنا من يقودها، لكنها تدافع عن حقوق وآمال كل الصحفيين، في وجه كل من يسعى للنيل منهم ومن رسالتهم السامية.
وأكدت الغلبان أنه لا بديل عن نقابة تمثل الجميع، فالاستهداف الكبير من الاحتلال والعدوان المتواصل على المؤسسات الصحفية، ما يتطلب نقابة صحفيين قوية يشارك فيها المجموع الصحفي.
كما شددت أن أي خطوة نحو نقابة ممثلة لكل الصحفيين الفلسطينيين، لا يمكن أن تكون إلا بغربلة العضوية فيها ونبذ الدخلاء على المهنة من عناصر الأمن وغيرهم، مطالبةً بإصلاح نقابة الصحفيين، وملف العضوية وإجراء انتخابات مهنية.
وأردفت: "نحن أحرار، صحفيو فلسطين العظيمة، رجال الميدان، نرفض الوصاية، ونرفض أن تستمر في سرقة تمثيلنا لجنة غير مهنية يحكمها المنطق الفئوي الحزبي، تحدد وفق مزاجها الفئوي من يحق له أن يكون عضوا، فتحرم من تشاء وتضيف من تشاء".
وأكدت الغلبان في ذكرى اغتيال الشهيدة شيرين أبو عاقلة، والشهيدة غفران وراسنة والشهيد يوسف أبو حسين، أنه لا يمكن الوفاء لتلك الدماء إلا بإعادة ترتيب البيت الصحفي الفلسطيني، بما يعيد الاعتبار محليا ودوليا، لحقوق الصحفيين، وينهي استفراد الاحتلال وأدواته بالصحفيين قتلا واعتقالا.
وأضافت: "سنوات ونحن الصحفيات الفلسطينيات، نعاني الاستهداف وغياب الظهر والسند النقابي، سحلنا وضربنا في الميادين واعتقلنا في السجون، وشهر بنا على وسائل التواصل"، متسائلة: "هل نستسلم للفئة ذاتها التي ضيعت حقوقنا؟ وهل نسمح بإعادة إنتاج ذات الفشل والفئوية؟".
من جهته، أكد الصحفي نبيل سنونو في كلمة عن الصحفيين المستقلين أن الرفض الواسع في الوسط الصحفي لعقد ما سُمي "المؤتمر الاستثنائي" لنقابة الصحفيين غير القانوني في يناير/ كانون الثاني الماضي، كان جديرًا بأن يمثل دافعا للقائمين حاليا للنقابة لإجراء مراجعات حقيقية للسياسات التي ينتهجونها تجاه حقوق الصحفيين في نقابة قوية وفاعلة.
وقال سنونو: "بِأسفٍ تتجه أنظار الصحفيين الفلسطينيين الفدائيين الذين يضحون بأغلى ما يملكون في سبيل قضيتهم الفلسطينية العادلة إلى انتخاباتٍ لا تحظى بشرعية ولا توافق، من المقرر إجراؤها في نقابة الصحفيين التي من الطبيعي أن تكون بيتهم الجامع".
وأضاف أن الصحفيين الفلسطينيين الذين يمتشقون كاميراتهم، وأقلامهم، ليلا ونهارا، موثقين لجرائم المحتل، وفاضحين لشروره وآثامه، تاركين وراءهم عائلاتهم وبيوتهم، يجدون أكثرهم خارج عملية انتخابات مقررة هذا الشهر، يفترض أن تكون ديمقراطية حرة ونزيهة في نقابة تمثلهم، وتدافع عن حقوقهم.
وعد سنونو المؤتمر الاستثنائي لنقابة الصحفيين باطلا نقابيا وقانونيا، متمما: "ما بني على باطل فهو باطل".
ودعا إلى ضمان حق الصحفيين في الانتساب للنقابة، عبر لجنة عضوية مهنية تضم مستقلين وحقوقيين، ونبذ كل الدخلاء على المهنة، والعمل الجاد لتمهيد الطريق لإجراء انتخابات حرة ونزيهة بتوافق كل الصحفيين.
وأكد أن القائمين على ما وصفها "المسرحية الهزلية" الجارية لن يحققوا شيئا سوى تسجيل أنفسهم في الجانب الخطأ من التاريخ، "رعاةً ومنفذين لإقصاء الصحفيين الفدائيين الذين يفنون أعمارهم في سبيل قضية فلسطين العادلة".
ووزع المكتب الحركي المركزي للصحفيين "تيار الإصلاح الديمقراطي" في حركة فتح بيانا خلال الوقفة، رحب فيه بجهود المؤسسات الإعلامية والشخصيات الوطنية، التي حاولت بكل أمانةٍ أن تحقق التوافق على الترتيبات الإدارية والقانونية التي تسبق العملية الانتخابية.
كما رحب التيار الإصلاحي بقرار الكتل الصحفية الكبرى مقاطعة الانتخابات، بعد محاولة فريق الإقصاء إعادة إنتاج الشخصيات التي "سخّفت" عمل النقابة على مدى (12) عامًا، ما يعني بطلان شرعية وقانونية هذه الانتخابات، واقتصار تمثيلها على من يشارك في هذه "المسرحية الهزلية".
وأكد التيار أن انتخابات نقابة الصحفيين الفلسطينيين تنعقد هذه المرة أيضًا في غياب الإجماع الصحفي، وبخلاف ما تم التوافق عليه بين الأطر والكتل الصحفية الفلسطينية، حيث كان من المفترض أن تتم معالجة النظام الداخلي للنقابة وفق رؤيةٍ مهنيةٍ ووطنيةٍ جامعة، وبإشراف لجنة من الخبراء والمختصين.